سطلت صحف عربية الضوء على الذكرى الأولى لتظاهرات أكتوبر/تشرين العراقية المطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد.
وأدت تظاهرات أكتوبر/تشرين إلى استقالة حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2019، ليأتي رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي.
"شعلة ضوء للمستقبل"
يقول عوني القلمجي في صحيفة العربي الجديد اللندنية إن "الثورة العراقية دشّنت عامها الثاني، وهي تحمل معها عدة حقائق دامغة. منها عجز أجهزة القمع الحكومية، وسلاح المليشيات المسلحة، والحرس الثوري الإيراني عن إنهاء الثورة العراقية، على الرغم من سقوط مئات الشهداء وألوف الجرحى. ومنها أن الثورة، على الرغم من سلميتها، أثبتت قوتها وصمودها وكسبت تأييد شعوب العالم واحترامها الكبير. ومنها أن أهدافها السياسية، وفي مقدمتها استعادة الوطن المنهوب، لم يجر التراجع عنها، أو المساومة عليها، أو القبول بأنصاف الحلول".
ويرى الكاتب أن "ما نسمعه هذه الأيام بأن الانتفاضة خفّ صوتها وقلّ زخمها وانكفأت إلى داخلها، أو أنها انتهت ولم يبق منها سوى أصوات متفرقة، أو أنها قبلت بتسليم زمام أمورها بيد حكومة الكاظمي، فهذا ضلال مبين، فالثورة ما زالت جذورها تمتد في معظم المدن العراقية ... والأهم من ذلك كله أن الثورة مصرّة على تحقيق كامل أهدافها، وفي مقدمتها إسقاط العملية السياسية".
ويمضي القلمجي قائلا: "وخير دليل على ذلك أن الثورة لم تكتف بسقوط حكومة عادل عبد المهدي؛ فقد رفضت الكاظمي خليفة له، ولم تُخدع بالتعديلات الجزئية لقانون الانتخابات، ولا بكذبة إجراء انتخابات مبكرة".
ويقول ماجد السامرائي في صحيفة العرب اللندنية "يجتاز الثوار سنتهم الأولى وهناك، رغم التضحيات، نتائج سياسية مهمة حيث أصبحت المعارضة الشعبية ضد سلطة الأحزاب الفاسدة تيارًا واسعًا في مفصل سياسي مهم بعد تولي مصطفى الكاظمي السُلطة وهو الذي يعلن انحيازه إلى جانب الثوار وحمايتهم، وهي السياسة الأكثر خدمة التي يلتزم بتقديمها لهم".
ويضيف الكاتب: "رغم عتمة السواد الذي خيّم على العراق منذ عام 2003 وحتى الآن، فإن ثورة شباب أكتوبر شعلة ضوء للمستقبل، فهم صانعوه وسينضمّ قادة أحزاب الإسلام السياسي الشيعي والسني إلى قوائم الخونة والعملاء والقتلة والفاسدين ويعود العراق إلى أهله الحقيقيين".
وتقول صحيفة بغداد بوست إن "نتائج احتجاجات تشرين لا تتعلق بإزاحة أكبر رأس في سلطة التنفيذ في البلاد بعد تحميله مسؤولية الفشل الذريع الذي ارتبط بعهده وأدى إلى صعود لافت لقوى ما قبل الدولة الممثلة بالفصائل والميلشيات المنفلتة، إنما بقدرتها على صنع جيل جديد من الشباب الشجاع المؤمن بحقه في الحياة الكريمة وبرغبته في طي حقبة مظلمة ارتبطت بالمحاصصة الطائفية والسياسية، إلى الفساد وسوء الإدارة والاستهتار بالدولة امتدت لنحو 17 عاما".
"الوضع أكثر التباسا"
أما يحيى الكبيسي فيقول في صحيفة القدس العربي اللندنية: "مع الذكرى الأولى لحركة الاحتجاج هذه، يبدو الوضع أكثر التباسا في سياق العجز عن الذهاب إلى مواجهة صريحة بين الدولة والدولة الموازية، بسبب الغطاء السياسي والحصانة التي يوفرها الفاعلون السياسيون الشيعة المحتكرون للقرار السياسي لهذه الدولة الموازية، فضلا عن الوضع الاقتصادي غير المسبوق الذي وصل إلى حد العجز عن دفع الرواتب الحكومية، وتشبث كارتل السلطة/الدولة بامتيازاته، وفساده، واستثماراته في المال العام، وزبائنيته، وبوهم القوة التي يمتلكها".
ويرى الكاتب أن "حالة الانسداد السياسي هذا اليوم تبدو أكثر قتامة مما كانت عليه لحظة انطلاق الاحتجاجات، وبالتالي يبقى الرهان على الشعب وحده، وعلى المحتجين من الشابات والشباب الذين قدموا صورة ناصعة للشجاعة والتضحية ونكران الذات والوعي والمطاولة، من أجل تغيير المعادلة القائمة وصناعة هوية وطنية مفقودة".
ويقول ساطع راجي في صحيفة المدى العراقية إن "أي حراك شعبي يتعرض للاستغلال والتشويه، وقد يركبه بعض الحكام أو بعض مفاصل الحكم، وقد يتحول أي حراك إلى فرصة يستغلها الساسة المتخاصمون لتصفية حساباتهم أو سُلَّم يصعد عليه الانتهازيون أو مسرحٍ يستعرض فوقه المهرجون مهاراتهم، أو إلى زحمة يندسُّ فيها النشالون والسُراق والمتحرشون".
ويضيف راجي: "يمكن أن يتحول الحراك، وقد يضيع أو يفقد أهدافه مؤقتا أو دائما ويتورط بأهداف أخرى غير حقيقية، لكن النواة الصلبة للاحتجاج أو الانتفاضة الشعبية في العراق تبقى كما هي، إنها الشعور بانعدام العدالة الاجتماعية الناجمة عن سوء الإدارة والظلم إلى درجة تدفع المواطنين لعدم المبالاة بالحياة والموت أحيانا".
المصدر