ردٌّ على مَن ذهَبَ إلى صحّةِ تعديَةِ الفعلِ لَفَتَ بالهمزَة: هل يَجوزُ ألْفَتَ فُلانٌ فُلاناً، أو ألفتَ انتباهَه؟
إذا صحَّ أنَّ الفعلَ لفَتَ يتعدّى بالهَمزة؛ فهو أقلُّ من تعديته بغيْرِها، والغالبُ أنّك تجدُ في المَعاجم تغليبَ المجرَّد على المَزيد، لَفَتَ فلانٌ وجهَه عن القوم صَرَفَه ولَفَتَ غيرَه عنهُم أي صرَفَه،
ولَفَتَ انتباهَ غيرِه إلى الشيءِ أي صَرَفَ انتباهَه إليه. أمّا المَزيدُ في مادّة لَفَتَ فالأكثرُ وُروداً: الْتَفَتَ التِفاتاً، وتلفَّتَ تلفُّتاً، وقوله تعالى: «ولا يَلْتَفِتْ منكم أَحَدٌ إِلاّ امرأَتَك»، أمّا المُجرَّدُ
في قوله عزّ وجلّ: «أَجِئْتَنا لتَلْفِتَنا عمَّا وَجَدْنا عليه آباءَنا»، فقال: تَلفتَنا بفتح التاء لا بضمِّها، فهو واضحٌ صريحٌ؛ إذ رُجِّحَ اللَّفْت على الإلفات، ولا عبرةَ بأن يكونَ مَفْعولُ هذا الفعلِ على الحقيقةِ
أو المَجازِ، كأن يُقالَ: نقولُ: لَفَتَ نظَرَه وألْفَتَه؛ فقَد استُعملَ المجرَّدُ مَكانَ المَزيدِ في مثلِ طعم وكَسا:
دَعِ المَكارِمَ لا تَرْحلْ لبُغيتها /// واقعُدْ فأنت الطّاعمُ الكاسيّ
وهو يُريدُ المُطْعَم المَكْسُوَّ، مثلَما نُريدُ المفعولَ في قولِنا: لَفَتَ انتباهَه يَلفتُه ولَفَتَه عن الشيء صَرَفَه، والمصدرُ اللّفتُ وهو الصّرفُ وإثارَة الانتباه إلى شيء آخَر، فالذي يُجيزُ لَك أن تَقولَ:
ما لَفَتَك عن فُلانٍ؟ أَي ما صَرَفَك عنه؟ يُجيزُ لَك أيضاً أن تَقولَ: ما لَفَتَ انتباهَكَ إلى فُلانٍ؟
هذا، إلى ما في المجرَّد المتعدّي بنفسِه (لَفَتَه ولَفَتَ نظرَه) من الإيجاز والاختصار، مثل: رَجَعَ فلانٌ فُلاناً إلى قومه، وليسَ أرجَعَ، وكَسَبَه مالاً وليسَ أكسبَه، وكَساه حلّةً، ووَقَفَ دابَّتَه وليس أوقَفَها...
وخُلاصةُ المسألَة أنّه إذا جازَ تعديةُ الفعل بالهمزة [ألْفَتَ] فتعديتُه من غير زيادَة أوْرَدُ [أيْ أكثرُ وروداً].