بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
كثير من البشر يؤمن بأمر ما على نحو اليقين إلا أنه عملياً يتصرف على خلافه وكأنه لم يسمع به. من هذه الأمور الخالق عزَّ وجلَّ والمعاد، فالإنسان يعيش حياته ويتعامل مع أسباب ومسببات هذا الكون ومع الناس وكأن اللَّه خلق هذا الخلق وتركه وانقطع عنه ناسياً أن قوانين هذا الكون يفيض عليها اللَّه تعالى الاستمرارية والتأثير في كل لحظة. وغافلاً عن أن الخلق يجري كله نحو هدف واحد يعود فيه إلى أصله ومنبعه.
فها هي الأجساد والأجسام كلها تعود إلى أصلها وهكذا الإنسان روحه كجسده، تعود إلى حقيقتها وأصلها اللامادي الروحاني كما يعود الجسد إلى أصله: التراب، والأمثلة لا تعد ولا تحصى حيث نسمع يومياً بالعشرات بل بالمئات من البشر ينتقلون من هذا العالم إلى العالم الآخر. إن هذين الأمرين يؤمن بهما كل البشر حتى من لم يعرف الأديان السماوية. ومن هذه الأمور الإيمان بالعدل المنتظر والمخلص والموعود، فقد أجمعت كل الأديان السماوية على اختلافها، بل غير السماوية أيضاً على الإيمان بهذه الحقيقة، حقيقة أن هناك مخلصاً سيأتي وينشر السلام، والعدل، والخير وينصر المظلوم ويقيم الحق ويقضي على الفقر والجوع ويحقق مقتضيات هذه المفاهيم التي هي واحدة عند البشر ولا يختلف في معناها أحد.
لكن هل يسعى كل البشر نحو ما يؤمنون به؟ هل يطبقون ما يعتقدون أن الموعود سيأتي لأجل تطبيقه؟ إن اللَّه واحد والمعاد واحد والدين واحد وللدين دعوة مشتركة واحدة. والمخلّص الموعود واحد عند الجميع، إلا أن الحكام والطغاة الذين يريدون السيطرة والتحكم بمقدرات المظلومين هم الذين كانوا دائماً أعداء للَّه ولأنبيائه ومبعوثيه عليهم السلام للضعاف والجهلة يضعون كل إمكاناتهم العسكرية والفكرية والإعلامية للإرهاب والتضليل والتشويه لإطفاء جذوة الحق ونور الهدى والسلام ودين التسليم له ﴿وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ (التوبة/32).