بيوم من الأيام جمعت المرحلة الثانوية العامة والتي كانت مشتركة تحوي الشباب والفتيات قلب فتاة برئ لم يعرف للغدر طريقا ولا للاعوجاج سبيلا وقلب شاب لطالما أحب مساعدة الغير والوقوف بجانب كل من يحتاج إليه، كانت الفتاة دائما متفوقة لا تحب شيئا أكثر من دراستها وتحصيلها لأفضل العلامات إن لم تكن العلامات النهائية دوما، وبيوم من الأيام ومن شدة غيرة رفيقاتها بالدراسة أخذن يعبثن بها وبمشاعرها، فشعرت الفتاة بالضيق الشديد والحسرة من سوء ما فعلنه معها الفتيات الحاقدات عليها.
ومازلن يضايقنها كثيرا ويخترعن الأقاويل الكاذبة وهي تحبط من أفعالهن معها، وبيوم من الأيام قررت مديرة المدرسة الذهاب في رحلة مدرسية للاستكشاف وتجديد الطاقة في قلوب الطلاب للاستمرار في الاستذكار الجيد بعد تجديد نشاطهم وحثهم على العمل بأفضل ما لديهم.
وكل فتاة منهم مع حبيبها كحال إلا صاحبتنا التي ترى في الحب مضيعة كبيرة للوقت، وأن ما يفعلنه رفيقاتها ليس حبا حقيقيا ولكنه نوعا من الهروب من المسئولية الملقاة على أكتافهن، وكالعادة لم تسلم من مكائدهن، وبهذه الرحلة أخيرا وجدت من يقف بوجههن، وقد كان الشاب الذي رغبت كل فتاة بالثانوية ولو لمجرد الحديث معه.
ثار غاضبا لأجلها، وأمامهن جميعا أمسك بيدها وأخبرهم قائلا: “إنها تخصني وكل من يضايقها فإنه يضايقني شخصيا، ولن يسلم مما سأفعله به والتحذير للجميع”.
شاب ذو شخصية كل من يراها يعجب بها ويتمنى لو كان يمتلك شخصية شبيهة لها، فارس أحلام كل الفتيات، مجتهد لأبعد الحدود ذو ذكاء حاد واسع البصيرة يمتلك قدرة غريبة على الاستذكار والفهم، دائما ما يضرب به المدرسين قدوة حسنة ومثلا يُحتذى به ، في البداية شكرنه الفتاة امتنت له على إنقاذه الموقف الذي لم تحسد عليه مطلقا ولكنها أوضحت له أنها ليست من نوعية الفتيات اللاتي يرغبن في مصادقة الشبان وأنها من عائلة متدنية للغاية وأنها لا تخون عهدها مع خالقها مطلقا.
من زمن بعيد الشاب معجب بها أشد إعجاب ونظرا لأنه من شدة حبه لها فهو يعرف عنها كل تفاصيل حياتها الصغيرة قبل الكبيرة لذلك لم يصدم من كلامها له، اعتذر لها ولكنها عاتبته على اعتذاره فهي مدينة له، وها قد جاءت السنة الأخيرة بالثانوية العامة عام تحديد المصير، ومنهم من يبذل قصارى جهده حتى تطأ قدماه أفضل الجامعات وأعلاها ويصير لديه قدرا بمجتمعه ومنهم من يأخذها دون أدنى مسئولية وعندما لا يوفق يضع الأسباب على الظروف وما شابه ذلك.
كانت الفتاة كالشاب تمام يريدان مستقبلا واحدا، هي تسعى لدخولها كلية الطب وهو يحب الهندسة أكثر ولكنه يحب فتاته أكثر من أي كلية لذلك دخل معها نفس الفرقة “علمي علوم” حتى يكسب وقتا ليكون بجانبها ولو حتى كانت بمسافات تبعد أميال غير أن عيناه كلما نظرت لا يجد أمامه سواها، كان يجد في مذاكرته بكل ما أوتي من قوة يحرم على عيناه النوم حتى ينال المراد كحبيبته بنفس الكلية، وكلية مشابهة يعني سهرا لكل الليالي ووداعا للنوم وراحة البال، إنها حقا تجربة صعبة ولكن لذتها في البقاء مع الحبيب في كل مراحل الحياة.
وأخيرا دخلا نفس الكلية، اجتهدا سويا كانت الفتاة تحترمه كثيرا لما رأت فيه خلاف غيره من دين وأخلاق حميدة لا يختلف عليها اثنان؛ تفوقا معا وأحرزا أعلى الدرجات والعلامات وعينا معيدين بالجامعة، كانت الحياة لا تحرمهما من شيء مطلقا، حياة سلسة دون أية اختبارات أو ابتلاءات.
تدريجيا شعرت الفتاة بالحب الذي تكن له للشاب الذي لطالما رأت فيه أمانها والحنان الأبدي، فقد كان أحن فيها من والدتها التي حملت بها ووضعتها، واشتد الحب بقلبيهما حتى بلغ منتهاه، وبيوم من الأيام قرر الشاب أن يتمالك نفسه ويخبرها عن حبه الذي لطالما حمله لها في قلبه من سنوات طوال.
ارتمت الفتاة حينها في أحضان فقد كانت وقتها قد فقت والدها في حادثة سير على الطريق السريع، وتلك الحادثة كانت أول اختبار للحياة تقع فيه الفتاة، كانت لا تملك من الدنيا إلا والديها الذين فقدتهما اليوم، وقف بجانبها في مراسم الدفن وأخذ بالعزاء ومن ثم لم ينتظر لحظة واحدة فأخذ بيدها إلى الأزهر الشريف وعقد قرانه عليها هناك، وتزوجا وأصبح مسئولا عنها من حينها، كل همه أن يعوضه ما فقدت أن يكون لها أبا يحمل كل أمان الدنيا ليضعه في قلبها، وأما بأن يحنو عليها دائما، لم تنسى أهلها مطلقا ولكنها أنجبت أطفالا في غاية الجمال وعوضها ربها خيرا، كانت دائما تتذكرهما حفظت القرآن الكريم من أجلهما، ومازالا أجمل ذكرى بحياتها.