يحكى أن كان هناك رسام يعيش وحيداً في قرية صغيرة جميلة جداً في منطقة نائية عن المدينة، وكان هناك فتي صغير يتردد علي هذا الرسام يومياً حتي يساعده ويقدم له العون خلال اداء عمله، فكان الفتي يقوم بتحضير الطعام للرسام ويقوم بالاعمال المنزلية .
وكان الفتي كلما ذهب لزيارة الرسام في قريته وجده جالساً امام لوحاته منهمك في رسم اجمل واروع الرسومات البديعة التي تخطف الانظار وتأسر القلوب من شدة اتقانها وجمالها، ومع الوقت اعتاد الفتي أن ينتهي من مساعدة الرسام و احضار الطعام له والقيام باعماله المنزلية ومن ثم يقضي ساعات طويلة في مراقبة الرسام وهو يداعب اللوحة بفرشاة الرسم وتلوين تفاصيلها فكان يستمتع بذلك كثيراً ويتعجب من شدة موهبة ذلك الرسام الذي لا يعلم عنه أحد ويعيش وحيداً في هذه القرية .
وفي يوم من الايام بينما كان الفتي جالس بالقرب من الرسام كالعادة يراقبه وهو يرسم لوحته، وقع الرسام علي الارض من شدة التعب والارهاق، فهرع الفتي علي الفور لنجدة الرسام وهو يقول : قلت لك يا سيدي مراراً وتكراراً ألا ترهق نفسك كثيراً في هذا العمل وأن تعطي نفسك استراحة من فترة إلي اخري حتي تستريح من عناء العمل فأنت لا تأخذ القسط الكافي من الراحة، وتقوم بانجاز الكثير من اللوحات الرائعة بشكل متواصل ودائم، فلماذا تعذب نفسك بهذا العمل الكثير ؟ استعاد الرسام وعيه واستمع إلي كلام الفتي فقال مبتسماً في هدوء بعيون ذابلة : لا يهم يا بني، فأنا أحب أن اتقن عملي مهما كان الثمن .. لأن الجمال يبقي والألم يزول .