بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته



أتعلمون ما هو الفخ الذي وقع فيه جيش عمر بن سعد، وأدى بهم لارتكاب أفظع جريمة في الإسلام؟
هو نفس الخطأ الذي ارتكبه كلّ مَن تخاذل عن نصرة الحسين عليه السلام في ذلك الوقت. وهو في الواقع، الفخ ذاته الذي نقع فيه نحن كلّ يوم وعند كل مفترق طرق!
إنه الهروب من الموت
فمن البديهي جدًا أن كل شخص ما تزال رؤيته ناقصة وضبابية تجاه الموت، فإن ناظرَيه لن يسعفانه أبدًا من الوقوع في شراك هذه المصيَدة.

نرى الناس من حولنا يهلكون أنفسهم لجمع المال، لأنهم يخافون الفقر، والفقر يجلب الموت!
ثم يبتعدون عن مواجهة الظالمين ويهادنونهم ويقبلون العيشَ في ظل سلطانهم، لأن مواجهتهم ستنتهي بالموت!
وهكذا يجعل الإنسان كل حياته فرارًا منه لأنه يجهل حقيقته. ولكن يا للحسرة، فإن جهلَه هذا سيحول كل الأشياء من حوله إلى مشكلة وعقبة وعائق تمنعه من تلمس الدرب الصحيح للحياة.

إذًا على الإنسان العاقل أن يتصالح مع الموت لتستقيم بعد ذلك كل شؤون دنياه وآخرته.


حقيقة الموت
الموت هو المصباح الذي يكشف الأمور على حقيقتها، ويزيل عنها كل زيف ووهم.
ولو لم يكن موجودًا لاستغرق الإنسان في المحدود وظن أنه هو الكمال الحقيقي المستقل بذاته.
فبحضور الموت في الحياة الدنيا يصبح لكل شيء هدف وفائدة، وبغيابه نغفل عن الحقيقة ونضيع في غيابت جب الضياع..
ولأنه الغاية الأولية للحياة الدنيا، فلا بد أن يكون حاضرًا في تفاصيلها، وأن نمزجهما معًا لنخرج بمعادلة صحيحة للتكامل. وما خلا ذلك ليس سوى صورة سوداوية للموت لا تجلب معها إلا القهر والألم.

يرى المنغمسون في الدنيا أن الموت هو خروج الحياة من الأبدان ونهاية متاعها وملذاتها. لكن الحقيقة أنه وسيلة للتخلص من الموانع وانتقال إلى حياة أعلى وأشد وأكثف.
ومَن يستطِع الترقي ببصره فوق عوالم المادة والشهوات، سيشعر بأن النفس تطلب أمورًا هي غير موجودة في دنيانا، ولا يمكن تحصيلها إلا بعد الموت، كالخلود والراحة والتحرر.


فكيف نتصالح مع هذا الأمر الواقع، ونقبِل عليه دون خشية؟