بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته


نعلم أن المبدأ الأولي والزاد الأساسي لرحلتنا بعد الموت يكون في العقائد السليمة المترجمة:
• أعمالًا صالحة
• وسلوكًا مستقيمًا
• وأخلاقًا حسنة.

ولا شيء غير هذه الأمور يمكنه أن يتدخل في تحديد مصيرنا الأخروي وطبيعة مجريات الأحداث في القبر والبرزخ.

ولكن هل يكفي هذا العامل لوحده في جعلنا متقبلين لفكرة الموت ويزيل من قلوبنا الخشية من قدومه؟
فها نحن نأتي بالواجبات ونحرص على الطاعات، ونتجنب المعاصي والمحرمات قدر المستطاع، ولكن! ماذا لو أتانا ملك الموت في هذه اللحظة! فهل نحن مسَلّمون ومستعدون للرحيل عن الدنيا؟

إنني أضمن أن معظم الإجابات ستكون "كلا"!

إذًا فهناك عوامل أخرى لم نأخذها بالحسبان، خاصة أن التحدي ليس فقط بأن نجهز أنفسنا للعالم الآخِر، إنما بأن نكون متصالحين مع حقيقة أننا راحلون، فلا ندبر عن الموت إذا ما رأيناه مقبلًا علينا.

فالعنصر الثاني الذي يلعب دورًا مهمًا في هذا التحدي هو التخلص من كافة التعلقات الدنيوية التي تشدنا للبقاء وتكبّل حركتنا التكاملية باتجاه الحق المطلق.
وهنا تبرز أهمية جهاد النفس ومخالفة الهوى لتبقينا على مسافة واقية من الغرق في الدنيويات (المباحة): كالتعلق بالولد والمال والممتلكات.. وتجعلنا مع محبتنا لها وسعادتنا بها، ننظر إليها كوسيلة للعبور السليم وليست كغايات مطلقة للحياة.

وأخيرًا يأتي دور العلاقة القوية مع الله تبارك وتعالى والعشق الإلهي لتنقذنا من رهبة الموت وتشعرنا بأنس حقيقي في محضره، وترفعنا من حالة "التقبل" إلى حالة "الترحيب" بحلول المنيّة.
لأن العاشق الحقيقي الصادق لو مشى على الجمر قاصدًا لقاء معشوقه فهو لن يشعر بحرارة الجمر أبدًا، وسيكون مستعدًّا لتحطيم كل الحواجز المادية والدنيوية في سبيل الوصول إلى مَن يحب!

وكملاحظة أخيرة هامة في تهوين فكرة الموت في أذهاننا، لا بد من أن نلفت أن اعتقادنا اليقيني برحمة الله ورأفته الكبيرة بنا في لحظات الشدة والبلاء تتجلى في أجمل ألطافها وأوج مظاهرها عند لحظة عروج الروح إلى بارئها عز وجل وخروجها من الدنيا
.