الخَلقُ مُختَلِفٌ جَواهِرُهُ
وَلَقَلَّ ما تَزكو سَرائِرُهُ
وَلَقَلَّ ما تَصفو طَبائِعُهُ
وَيَصِحُّ باطِنُهُ وَظاهِرُهُ
وَالناسُ في الدُنيا ذَوّ ثِقَةٍ
وَالدَهرُ مُسرِعَةٌ دَوائِرُهُ
لا خَيرَ في الدُنيا لِذي بَصَرٍ
نَفِذَت لَهُ فيحا بَصائِرُهُ
لَو أَنَّ ذِكرَ المَوتِ لازَمَنا
لَم يَنتَفِع بِالعَيشِ ذاكِرُهُ
كَم قَد ثَكِلنا مِن ذَوي ثِقَةٍ
وَمُعاشِرٍ كُنّا نُعاشِرُهُ
أَينَ المُلوكُ وَأَينَ عِزَّتُهُم
صاروا مَصيراً أَنتَ صائِرُهُ
فَسَبيلُنا في المَوتِ مُشتَرَكٌ
يَتلو أَصاغِرَهُ أَكابِرُهُ
مَن كانَ عِندَ اللَهِ مُذَّخِراً
فَسَتَستَبينُ غَداً ذَخائِرُهُ
أَمِنَ الفَناءِ عَلى ذَخائِرِهِ
وَجَرى لَهُ بِالسَعدِ طائِرُهُ
يا مَن يُريدُ المَوتُ مُهجَتَهُ
لا شَكَّ ما لَكَ لا تُبادِرُهُ
هَل أَنتَ مَعتَبِرٌ بِمَن خَرِبَت
مِنهُ غَداةَ قَضى دَساكِرُهُ
وَبِمَن خَلَت مِنهُ أَسِرَّتُهُ
وَبِمَن خَلَت مِنهُ مَنابِرُهُ
وَبِمَن خَلَت مِنهُ مَدائِنُهُ
وَتَفَرَّقَت عَنهُ عَساكِرُهُ
وَبِمَن أَذَلَّ الدَهرُ مَصرَعُهُ
فَتَبَرَّأَت مِنهُ عَشائِرُهُ
مُستَودَعاً قَبراً قَد اِقَلَهُ
فيها مِنَ الحَصباءِ قابِرُهُ
دَرَسَت مَحاسِنُ وَجهِهِ وَنَفى
عَنهُ النَعيمُ فَتِلكَ ساتِرُهُ
فَقَريبُهُ الأَدنى مُجانِبُهُ
وَصَديقُهُ مِن بَعدِ هاجِرُهُ
يا مُؤثِرَ الدُنيا وَطالِبَها
وَالمُستَعِدَّ لِمَن يُفاخِرُهُ
نَل ما بَدا لَكَ أَن تَنالَ مِنَ
الدُنيا فَإِنَّ المَوتَ آخِرُهُ