بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
الآن حيثُ الأغلبية تستعد لتشدّ الرحآل نحوَ أرضِ العشق ، مُلتهبه قلوبهم لتلك الزيارة الفريدة من نوعها ..
أرى في أعينهم حكآية شوق وفي إنتظآرهم لوعةُ لقاء وأنفاسهم تحن لهوآء العشقِ كربلاء
..
أشعر بانجذاب عميق نحوَ تلكَ البقعة يزدادُ كلّما سمعتهم يحكون كيفَ شوقهم يُسابق الأيام ليصلوا هناك بأرواحهم وقلوبهم ..
بدأتُ أتساءل يا ترى لو كنتُ منهم كيفَ سأحمل هذآ الحنين ؟!
رحلتُ بروحي محلقة نحو ما يجذبني في يوم العشرين من شهر صفر .. وبدأت رحلة العاشقين .
كما لو كنتُ هناك ومعَ الجموع الغفيرة من كلّ بقاع الأرض مواكب تستعد للسير من النجفِ الشريف وبعضها من بغداد العريق هُم بِعيالهم تاركينَ خلفهم الدُنيا الزهيدة .. وكأنهم بسيرهم هذا يُواسون سبيَ النساء الهاشميات في يومِ الحادي عشر من عاشور
، يسيرون ” مشاية ” صغار وكبار ذكور وإناث كهول وشباب مُتناسين أمراض أثقلت أجسادهم وهموم أضاقت بهم وأحلام رسموها يوماً ما .. فهنا في هذا اليوم جميع الأحلام تموت مقابل حلم الوصول لذاكَ الحرم الشريف ..
هاهي المواكب انطلقت متوّجه لقبلة العاشقين وهتافات تعلو لبيّك يا حسين .. تقشعّر الأبدان أمام صدى أصوات الموالين ؛ في كلّ جانب من جوانب الطريق يتجسّد كرمُ أهل العراق فالكلّ يخدم خدّام الحسين .. فتجد من فتح أبواب بيته ليستقبل الزوار ومنهم من جعلَ يديه راحة لأقدام الزوار وسمعتُ أيضا هناك من يبقى بجوعه ليقدم طعامه للزوّار
..
ما إن تُنير تلكَ القبّة الذهبية لأعين المشتاقين يختلط سطوع ذهبيّتُها بدموع حُزن ومواساة وانتظار ، فتتقدم المواكب بتلك النداءات الحسينية لـِتصل هناكَ لأعتاب الضريح حيثُ جسده المقطّع ونحرهُ المحزوز وخنصره المبتور طفلٌ رضيع على صدره أبى أن يُفارق حضنَ أباه .. وفي جهة أخرى أجساد قدّمت أرواحها فداء لحبيبها الحسين فنالت أعلى الدرجات ..
بعد لحظات زمنية يتوجهّون نحو بقعة أبت الدماء أن تجف منها .. نعم إنّها البقعة التي نادت فيها الملائكة وآحسينآه عندما تربّع اللعين على صدر الحسين وبسيفه قطّع أوداجه إلى أن انتهى برفع رأس الحسين على القفا .
بعدها لاطمين على الرؤوس يتوجهّون بقلوب ملؤها إحساسُ التضحية لأجل الحسين لصاحب الغيرة وكفيل العقيلة أبو الفضل العباس عليه السلام .. يشكون حالَ أخيه الحسين بعده وقد انكسر ظهره
؛ هل انتهت كربلاء ؟!
هناك لم ينسوا أم المصائب على التلّ واقفة ترى أجساد تتطاير ودماء تنتشر .. خيام محروقة وأيتام مفجوعة ونساء مسلوبة .. وحيدة تُنادي من عندِ النجف أبي يا حامي الحمية بناتكَ هنآ مسبية !
..
صحوتُ من أمنيتي وتمنيتُ لم أكن لأصحو .. كلّ ما مضى مجرّد خيالات وأحلام تمنيّتها فلو كنتُ من الزوّار لحصلَ هكذا معي .. ستحلّق روحي نحو الأربعين قلبي وعقلي مع الحسين !
• ربّي ارزقنا كربلاء •