زي لليلة الحناء مزج ما بين الأزياء الحجازية والزي العماني بأفكار عصرية
الأزياء التراثية تعد من الإرث التاريخي والحضاري، وهي رمز فخر واعتزاز، وسفيرة للدولة التي تنتمي إليها، والمملكة العربية السعودية كغيرها من الدول تمتاز كل منطقة فيها بزي تراثي مختلف، ومن منطلق الاهتمام بتاريخ الوطن الغالي، وتسليط الضوء على هذا الجانب المهم من جوانبه ستحدثنا مصممة الأزياء التراثية الدكتورة رانية فاروق جميل خوقير بالتفصيل عن أهم أزياء كل منطقة من مناطق السعودية.
أزياء المملكة التراثية المتنوعة
ثوب جمع بين تصميم الزي التونسي والحجازي والهندي
بداية توضح المصممة رانية: بأنّ الأزياء في المملكة قد تأثرت بعدة عوامل، أهمها العامل الجغرافي والتاريخي والعادات والتقاليد المرتبطة بالأزياء، مما أدى إلى تنوعها حسب اختلاف المناطق، فكل منطقة لها طابع ينعكس على أزيائها، كما أنّ البيئة المحيطة لها دور في شكل النقوش والخامة واللون.
المصممة رانية خوقير
المنطقة الغربية:
ثوب درفة الباب للمنطقة الغربية
بالنسبة للمنطقة الغربية كونها منطقة يلتقي فيها شعوب مختلفة، أو بسبب توافد ضيوف بيت الله الحرام إليها أدى إلى خلق تمازج جميل وتوليفة رائعة من الأزياء التراثية. ولا ننسى وجود أكبر وأعرق القبائل في المملكة بالمنطقة الغربية مثل: قبيلة حرب، جهينة، بني سعد وغيرها من القبائل؛ فأصبح لدينا خطان مهمان للأزياء التراثية.
فالخط الأول هو الخط القبلي وأصحابه هم سكان البادية والقرى، وقد تميزت أزياؤهم بالتشابه في اختيار الخامات الداكنة اللون؛ وذلك لتتناسب مع العوامل البيئية، وأعمال الرعي والزراعة، أما الزخارف فغالبًا استخدموا الهندسية والنباتية ونفذت بالخيوط الحريرية أو القطنية، وشرائط التلي، وخرز الرصاص والخرز الملون والودع والهلل، ومناطق التطريز عادة تكون على صدر الزي والأكمام، وخطوط القصات والجوانب، ومن أبرز القطع الملبسية هي الثوب المسدح (الواسع)، والثوب المرودن والبيرم والبرقع والمسفع.
أما الخط الثاني فهو الزي الحضري لأهل المدينة، وقد تعددت القطع حسب الاستخدام، ونوع المناسبة والحالة الاجتماعية؛ فهناك أزياء للأعراس والمناسبات مثل ثوب الشرعة المديني، والزبون، وثوب درفة الباب، والثوب المكمم، وجميعها تصنع من الأقمشة الخفيفة مثل التل، أو الشيفون، أو الجورجيت، وتكون الزخارف عليها نباتية ومطرزة بخيوط الحرير أو المعدن، والكنتيل، والترتر، واللؤلؤ، وبالنسبة لأماكن التطريز فتختلف من ثوب لآخر، لكن غالبًا ما تكون على الأكمام وخطوط القصات الأمامية، وصدر الثوب، وقطعة المخدة، والطرحة (البيرم)، والبرقع وهذا الثوب نفس الثوب المسدح الموجود عند البادية، ولكن باختلاف التنفيذ.
ثوب الشرعة المديني للمصممة رانية طبق الأصل للزي الأصلي القديم
كما يرتدى مع هذه الملابس عادة فستان ضيق يسمى البرنسيس أو الكرتة، والسروال والسديرية، والمحرمة والمدورة والمجوهرات.
وهناك الأزياء العادية مثل الدراعة ذات الكم الضيق أو الثوب المسدح بدون تطريز يرتدى معه سروال خط البلدة أو السروال الحلبي والشيلة والمحرمة والمدورة.
أزياء المنطقة الوسطى
ثوب المتفت لنجد
بسبب انغلاقها على نفسها، وعدم اختلاطها مع شعوب أخرى، وحفاظها على تراثها اشتهرت بثوب التحوالة وهو الثوب الواسع الخفيف، ويكون من خيوط الزري. وهو ثوب واسع وطويل، وأحيانًا تقوم المرأة بلف الكم وتضعه على رأسها بحيث يعطي شكل ضرب من الخلف.
وأيضًا اشتهر في نجد ثوب المتفت، وهو عبارة عن تركيب قطع من القماش الملونة مركبة مع بعض بغرز، ونذكر أيضًا للرجال ثوب المرودن والذي يسمى في المنطقة الغربية بالمحاريد، ويعد من أشهر الثياب في نجد ويرتدى معه حزام الجلد وكذلك الدقلة.
المنطقة الجنوبية
لقربها من دولة اليمن اشتهرت بالثياب الممتلئة بالألوان، وزخم بالزخارف، وجميع قبائل الجنوب تميزت ثيابهم بالأقمشة القريبة من نسيج السدو، واستخدموا قبعات الخوص مثل عسير، إضافة لتأثر الثياب بالبيئة المحيطة بهم، ونلاحظ أنهم زينوا ثيابهم بخرز الخُريّان الملون مثل غامد وزهران، وخرز الرصاص الذي كانوا يصنعون منه نسيج الخرز وكذلك غرزة السلسلة، وهذا من أهم ما كان يميز أزياء قبائل الجنوب.
ثوب بني مالك للجنوب
المنطقة الشمالية
تصميم للمصممة رانية باستخدام خامات مشابهة للمستخدمة بالأزياء التقليدية في المملكة
أخذ أهلها الكثير من طابع الدول الموجودة في الشمال، وتحديدًا في غرزة الصليب، فنجد الكثير من قبائل الشمال ثيابهم قريبة من الثوب الفلسطيني، ولديهم أيضًا ثوب يسمى بالزبون وهو شبيه بالثوب المغربي.
والخلاصة أنّ قرب المنطقة الشمالية من دول الشمال جعلها تتأثر بثقافتهم إضافة إلى ثقافة الوطن الأم.
المنطقة الشرقية
ثوب نشل من أزياء المنطقة الشرقية
تميزت المنطقة الشرقية بثوب النشل، والذي كانت ترتديه المرأة في المناسبات، وكان يستخدم في صناعته الأقمشة الخفيفة، وقد اعتادت النساء على لبس ما يسمى بـ"الدرّاعة" تحت ثوب النشل، خاصة إذا كان شفافًا، والدراعة ثوب طويل ذو أكمام طويلة يتدلى إلى الأرض، وقد يكون ثوب النشل مفتوحًا من جانبيه في أطرافه السفلى، كما يتميز بإمكانية ارتدائه بمفرده دون رداء خارجي، وحينها يتم تطريز أطرافه وما حول الرقبة، ويصنع من أنواع مختلفة من الأقمشة السادة أو الملونة كالحرير والقطن والصوف والكتان.
ومن القطع التي تلبس تحت الدراعة وثوب النشل "السروال" الذي تفنّن وبرع أهل الخليج في نقشه وزخرفته، ويكون السروال عريضًا من الأعلى، ويجمع عند الخصر، ثم يشد بواسطة حبل من الحرير المجدول يسمّى "تـكة"، وعادة ما يصنع السروال من لونين من القماش من نفس قماش الدراعة أو ثوب النشل، ويكون القطن للقسم العلوي منه والحرير للقسم السفلي الذي يصل إلى الكاحل، حيث تطرّز حاشيته السفلى، ثم تسدّ فتحة القدم بأزرار تصنع خصيصًا له، وحتى يتـّضح تطريز "السروال" السفلي تصنع الدراعة بحيث لا تكون طويلة كثيرًا أو تكون طويلة ولكن مع فتحة على الجانبين.
أهم الأقمشة المستخدمة في الأزياء التراثية
وفيما يخص الأقمشة المستخدمة في الأزياء التراثية توضح المصممة رانية أنّ هناك العديد من الأقمشة، منها: التل والشيفون والجورجيت والكريب والدوك وقماش الشالكي.
وبالنسبة للسراويل استخدم قماش خط البلدة، والقماش الحلبي، والبوبلين.
ولزي المدورة استخدم البوال وفرخ اليشمك، وللمحارم استخدم البوال والشاش.
هل ما زالت الأزياء التراثية تحظى باهتمام الناس؟
تؤكد المصممة رانية بأنّ هذه الأزياء التراثية ما زالت تحظى باهتمام الناس حتى هذا الوقت، وتحديدًا في المناسبات الفلكلورية.
مبينة أنها كمصممة لهذه الأزياء قامت بتطويرها لكن دون المساس بهويتها الأصلية؛ لأنّ شعارها هو التصميم والابتكار من وحي التراث الأصيل بروح المعاصرة