ذات يوم سافر هارون الرشيد الي المدينة المنورة واتجه الي المسجد انبوي الشريف، فقابل الامام مالك رضي الله عنه وكان يُدَرِس العلم لمجموعة من تلاميذه، فقال هارون الرشيد للإمام مالك : يامالك ما ضر لو جئتنا لتدرس العلم لنا فى بيتنا ؟ فرد عليه قائلاً : يا هارون إن العلم لا يأتي إنما يؤتي إليه !! فقال له : صدقت، سوف آتي اليك في المسجد لأنهل من علمك، فقال له الامام مالك : ولكن إن جئت إلي متاخراً فلن اسمح لك بتخطي الناس في المسجد لتجلس في الصفوف الاولي، فقال له هارون : سمعاً وطاعة يا إمام .
وبعد صلاة العصر كان الامام مالك رضي الله عنه جالساً في المسجد يلقي درساً بعد الصلاة، فدخل عليه هارون الرشيد ومعه رجاله، ووضعوا له كرسي حتي يجلس عليه، فنظر الامام مالك الي هارون ورآه جالساً علي الكرسي فغير مجري الحديث في الدرس قائلاً : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم”من تواضع لله رفعه ومن تكبر وضعه الله” .. ففهم هارون وقتها المعني الذي يقصده الامام مالك وانه هو المقصود بهذا القول وهذه النصيحة، فأمر رجاله ان يرفعوا الكرسي وجلس علي الارض مثله مثل باقي المسلمين .