الأدب الفرنسي أغنى المدارس الأدبية عالميًا ، إذ حين يتساءل أحد بماذا تشتهر فرنسا ؟ ، ستكون الإجابة دوماً الأدب الفرنسي، يُعرف منذ قديم الزمن بأنه مؤثر ومسيطر على العقول والقلوب ، حيث إن المدرسة الأدبية الفرنسية، ثرية بأعمالها وأدباءها، وخاصًة أن هناك العديد من الاعمال التي تربعت على عرش الأدب العالمي مثل الروائع الشعرية والغنائية .
هناك الآلاف من الكتب و روايات الادب الفرنسي والمؤلفات العظيمة، ومن الجدير بالذكر أن المؤلفات الفرنسية دومًا كانت مصدر لإلهام كتاب أوروبا وأمريكا وبريطانيا والكثير من الدول لكتابة أعمال لا مثيل لها، الأديب الفرنسي يعرف دومًا بترتيبه للأفكار ولمسته الرقيقة في الكتابة والإبداع والدقة في اختيار اللفظ وحبكة الأفكار، كما أن أدباء فرنسا يعرف عنهم بأنهم كثيري الالتزام بالقواعد، وبينما كل العالم يهتم بالتأثير على القارئ بأي شكل من الأشكال ، إلا أنهم يهتموا في المقام الأول بضبط القواعد واللغة وتطبيق التراث والحفاظ على القصة من الهزل والإبتزال، مما جعلهم رواد الأدب عالميًا.
تعريف الأدب الفرنسي
يمكن إرجاع بدايات الأدب الفرنسي منذ العصور الوسطى، حيث يعتبر القرن التاسع الميلادي هو البداية لظهور الأدب الفرنسي، كما أن تلك البدايات كانت من خلال الشعر، حيث إن الأدب الفرنسي كانت براعمه شعرية، وبدأ بالتطور إلى أن وصل في القرن الثاني عشر على الشعر الغنائي .
وظل مزدهر ومتطور إلى القرن الخامس عشر، كما أن الشعر القصصي، من أكثر أنواع الشعر الفرنسي بروزاً، وله العديد من الأنواع، ومنه الشعر القصصي الذي يسرد حكايات الابطال في الحروب، كما أمتدح الشعر في تلك الفترة زعماء الثورة الفرنسية ، ويسمى هذا النوع القصيدة الملحمية، ومن أشهر الأمثلة على تلك النوعية هي أغنية رولان التي تم إنتاجها في القرن الثاني عشر الميلادي .
والنوع الثاني هو القصص الخرافية وهو ما يعرف بالأساطير، والنوع الثالث هو الحكاية الشعرية القصيرة، والتي يتضمن قصة قصيرة يسردها الراوي من خلال أبياته الشعرية، والنوع الأخير من الشعر القصصي هو القصة الرومانسية الخيالية، ويقصد بها الحكايات الطويلة التي يملأها المغامرات الخيالية وقصص الحب ووصول الحبيب للحبيبة، والصعوبات التي واجهها .
وتعتبر قصة الوردة من أشهر تلك النوعية من القصص، وهي ترجع للمؤلفين جان دو مون وغيوم دو لوري، الذين يعتبروا أبرز ادباء فرنسا وذلك في القرن الثالث الميلادي، كما كانت القصص الرومانسية تكتب نثرًا وشعرًا، أما عن المسرح فكانت أول المسرحيات التي عرضت في المسرح الفرنسي من نوعية المسرحيات الدينية التي تحث على الفضيلة والاعتزاز بالقيم الدينية، وبعدها المسرحيات الأخلاقية التي تناقش الآداب العامة وأخلاقيات التعامل مع الآخرين، كما أن مسرح المعجزات بدأ بالظهور والتجلي في تلك الفترة.
الأدب الفرنسي في القرن 16
إذا أردت أن تعرف معلومات عن فرنسا ، فأول ما يواجهك الأدب الفرنسي لما له من أثر كبير على حضارتها، ولا سيما أن في القرن السادس عشر الميلادي بدأ الأدب الفرنسي في عهد جديد، حيث يسمى هذا العصر بعصر النهضة، وقد شهد هذا العصر ازدهار غير مسبوق في العالم كله، حيث إن العلم والمعرفة والشعر والأدب.
فكانت نهضة علمية غير مشهودة، كما أثر الأدب الإغريقي والإيطالي في تلك الفترة في باريس، حينها كان الأدب بلغ أشده ، ومن الجدير بالذكر أن تلك الفترة كان الأدب مزدهر عالمياً ، كان للإغريق والرومان مكانة كبيرة في الأدب العالمي حينها، وسيطروا على الفكر العالمي من خلال الأدب والفن .
ومن أهم ادباء تلك الفترة جارجنتوا وبنتجرول في كتابة الروايات والمؤلفات الأدبية المميزة، ونجوم الثريا بزعامة بيبر دو رونسار، وهو عبارة عن سبع شعراء من أعظم الشعراء التي عرفتهم فرنسا في تاريخها الأدبي، ولا سيما ان ميشيل دو مونتانة هو الأديب الذي ابتدع المقالة الشخصية كما إنه أضافها إلى الاشكال الأدبية، وأصبحت من حينها والصحافة جزء من الأدب، فالصحفي ما هو إلى أديب محنك .
الأدب الفرنسي في القرن 17
لم يتوقف الأدب الفرنسي عند هذا الحد من التقدم والازدهار، بل ظل يتطور في القرون التالية، حتى وصل في القرن السابع عشر، على ما يسمى بالعصر الكلاسيكي، حيث كان دو ماليرب أول الشعراء الفرنسين الذي رسخ الأدب الكلاسيكي، من خلال المدرسة الشعرية الكلاسيكية، كان يكتب الشعر الواضح الصريح، والذي يتميز بالعقل والحكمة الكتابية .
كانت تلك أهم ميزات المدرسة الكلاسيكية، فيما أن ماليرب هو المؤسس للمدرسة الكلاسيكية، فهو من وضع مواصفات تلك المدرسة، التي عرفت فيما بعد بالوضوح والعقلانية، كما عرفت باليقظة والنضج، وبرز حينها ديسبرو ويكولا بوالو وفونتن، ويعتبروا من أشهر رواد المدرسة الكلاسيكية الفرنسية، ولا سيما أن لافونتن كتب قصص خرافية مميزة عن الحيوانات، وبوالو أيضاً ، قاموا بتأليف الشعر وكتبوا القصص المميزة، التي عرفت بالجودة والنبل والاعتدال ، إن تلك هي السمات التي أختص بها الأدب الفرنسي.
تلى الشعر الكلاسيكي المسرحية الكلاسيكية، حيث إنها كانت خير مثال ومعبر عن الكلاسيكية الفرنسية، ومن أهم المؤسيسن للمسرح الفرنسي الكلاسيكي مولببير وبيبير كورني، وجان راسين، ويعد كورني أول كاتب جسد المأساة في شكلها الكلاسيكي، كما كان يهتم بالأبداع في الجوانب الحياتية الخاصة بالشرف والسيطرة على النفس، والحرية، ومن اشهر مؤلفاته هوراس وبولي يوكت والسيّد.
كان موليبير أشهر كتاب السخرية والدعابة في الأدب الفرنسين حيث اهتم بكتابة المواضيع الهزلية والمسرحيات الخفيفة ،التي ترسم الضحكة على الوجوه، في حين أن الأديب راسين من كتاب المأساة كما ان مسرحياته تظهر الجوانب العاطفية والمشاعر الإنسانية، كما إن اعماله ظهر فيها الجانب الديني وعرفت أعماله بأنها مستوحاه من الأدب الإغريقي والروماني، وتعتبر مسرحية رفيدر أشهر مسرحياته تلتها أندرومارك.
الأدب الفرنسي في القرن العشرين
في أوائل القرن العشرين هيمن مجموعة من الشعراء على الأدب الفرنسي، وهم بول فاليري وبول كلوديل وأندريه جيد، ومارسيل بروست، ومر هؤلاء الشعراء بمرحلة تسمى مرحلة الرمزية، ولا سيما أن مرحلة الرمزية هي حركة أدبية ظهرت في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي وهو أسم أطلق على الشعراء في هذه الفترة تميزاً لهم، لأنهم حاولوا تطوير الشعر ورأوا ان الشعر يجب أن يضاف له الكثير من المعاني والأمور الجمالية، فكثرت في تلك الفترة استخدام الاستعارات والإيحاءات الشعرية.
يعتبر فاليري أحد شعراء تلك الفترة، فقد كان يكبح العواطف والصيغة الكلاسيكية في الشعر، كما كان يحب إيضاح التأثير الأدبي العقلاني، ولا سيما أن فاليري كان من أصحاب الكلمات الراقية والقصائد الناعمة دون ابتذال ولا ركاكة، فعرف شعره بالرقي، كما غنه كان من اشهر النقاد والأدباء في عصره.
أما عن كلوديل فكان أديب ذو طابع خاص، حيث إنه برع في الأعمال المسرحية وفي الأدب والشعر، وكان اعتقاده الكاثوليكي انعكس بشكل كبير على مؤلفاته فكان مسيحي كاثوليكي متدين، كما أن أعماله ظهر فيها المحسنات البديعية والكلمات الراقية والتعبيرات العاطفية الخالصة، ومن بين أعماله التي ازدهرت ومازال صداها يتردد حتى الآن الأنباء وتحطيم القمر.
كان بروست من أشهر الأدباء الفرنسين، حيث إن رواياته كانت تشير دومًا إلى حياته وسيرته الذاتية، فكان دومًا يسكب طابع شخصي على كتاباته.
بينما جيد فكان يعرف بالفكر المتطرف، حيث كان يبعد كل البعد عن الأفكار الدينية والأخلاقية، فكان يهتم بالطابع النفسي والبحث في الأعماق الوجدانية للشخصيات، وكان صاحب مجلة المراجعة، ومن أهم اهتمامات جيد سبر غوار النفس البشرية.