-إلى ليلى
أما بعد..
لا تقلقي من غيابي، فما زلتُ هنا يا ليلى،
كل ما في الأمر أني أحاول إن أحيا، لا تبحثي عنّي مهما هاج الحنين بقلبكِ، ففي بلادنا "حين تختفي الشمس" لم يعد لنا وجوه، وقد كان ذنبنا أننا حاولنا رسم ملامح لوجودنا، وهو أمر يسام فاعله سوء العذاب.
ولا أدري من أين تأتي كل هذه القسوة يا ليلى؟ وكيف تفتقر القلوب إلى الرحمة في تلك اللحظات؟ وهل كان من الأجدر إن نقنع من الدنيا بأن نخرج منها لا لنا ولا علينا؟ وأن نرضى بلقمة صغيرة ونزهة كئيبة وبعض أبيات من الشِعر نتسلى بها سلوة العاجز، فنكون كجادع أنفه بيده.
لم أعد متأكدًا يا ليلى، كذلك لم أعد أثق بأحد،
كل ما اعرفهُ اننا أرتقينا مرتقى صعبًا، واننا يا ليلى لم نقايض على حياتنا، فإما هي وإما عيش الأنعام ولا نرضى بغيرها ملء الأرض ذهبًا، فقد تثمر غراسنا يومًا، وقد يحوز أطفالنا المغنم ويفوزوا بضالتنا.
أما انتِ يا ليلى فلا تجزعي من غيابي ولا يضجرنكِ سقم قلبي ودنفه، فقلب السجين قد ينبض أكثر من سجانه، وهو مهما حمل من الهَم فلا يحمله إلا فينة ولا يحزن إلا هنيئة، إنما يأسى على الموت الأحياء،
ونحن لم نحيّ بَعد....
م