بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
بلغ شرف السخاء عند الامام الحسين(ع) ان سائلاً توهم فاتى الحسين يظنه الحسن أخاه )عليهما السلام( لانه كان قد وعده بمكافأة، فلم يخيبه ولم يكشف له توهمه واليكم الرواية بتفاصيلها كما نقلها الخوارزمي حيث قال: خرج الحسن(ع) الى سفر فمر براعي غنم فنزل عنده فالطفه وبات عنده، فلما اصبح دله على الطريق، فقال له الحسن(ع): اني ماض الى ضيعتي ثم اعود الى المدينة، ووقت له وقتاً وقال له: تأتيني به. فلما جاء الوقت شغل الحسن بشيء من اموره عن قدوم المدينة، فجاء الراعي وكان عبداً لرجل من اهل المدينة، فصار الى الحسين وهو يظنه الحسن فقال: انا العبد الذي بت عندي ليلة كذا ووعدتني ان اصير اليك في هذا الوقت، وأراه علامات عرف الحسين انه الحسن، فقال الحسين له: لمن انت يا غلام؟
فقال: لفلان. كم غنمك؟
قال: ثلاثمئة.
فارسل(ع) الى الرجل فرغبه حتى باعه الغنم، والعبد أعتقه ووهب له الغنم مكافأة لما صنع مع اخيه الحسن(ع) وقال(ع): (ان الذي بات عندك اخي وقد كافأتك بفعلك معه).
ان الامام من يقتدى بسلوكه ويؤتم بقوله وعمله، ولا يكون المتصدي للامامة اماماً ورئيساً وقدوة للمسلمين حتى يروا منه صدق العمل والالتزام بالمبادئ والقيم التي يدعو اليها ولقد ثبت القرآن الكريم اهمية التطبيق وقيمة العمل بقوله تعالى: «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون» (التوبة، 105).
وقوله تعالى ايضاً: «يا ايها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون / كبر مقتاً عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون» (الصف، 2و3).
وهكذا فان القائد والامام الذي يدعو الى مبادئ وقيم مثالية من الصدق والاخلاص والتواضع وحب الانسانية والدعوة الى الخير والصلاح ثم لا يجسد هذه الدعوة في سلوكه ولا يلتزم بالمبادئ التي يدعوا اليها يكتشف الناس زيف دعوته والمفارقة بين قوله وعمله فتكون سبباً لتوهين شخصيته وسقوط مكانته وعدم قناعة الناس به. فالناس يدركون سهولة القول ويسر الادعاء وطرح الشعارات والنظريات ويعلمون ان ليس بوسعهم ان يكتشفوا الحقيقة كاملة من خلال الشعارات والاقوال، بل ان المحك والمقياس في هذه الحالة هو العمل والتطبيق والالتزام، فمتى ما صدق القائد بقوله وطبق عملياً مبادئه وقيمه التي يدعو اليها صدَّقه الناس واصبح قدوة ومثالاً اعلى للآخرين،