يُحكى أن أحد الملوك كانت ترفع له الشكايات المستمرة من قطع الطريق على الناس إلى المدينة .. فكان هناك لص ، وقد بلغ درجة ًمن الإجرام لا يعلمها إلا الله..
كان يباغت المسافرين فجأة في الطريق .. فيأخذ كل ما معهم .. ثم يأخذ ملابسهم ..
ثم يقتلهم ... أي أنه يستحق بجدارة وصف مفسد في الأرض ..
وقد حاول الملك العادل بشتى الطرق والوسائل أن يمسك بهذا اللعين ليقطع رأسه فما استطاع للأسف .. فاللص خبير في خبايا الطرق ومجاهلها ..
وتمر الأيام .. والشكايات والحوادث تكثر من فعل هذا الخبيث .. فقرر الملك الحكيم أن يهادن هذا اللص المجرم ... ليحمي الناس من شره ويضع حدا لهذا السيل من الجرائم ..
فأرسل الملك مَن يعلن باسمه في كل الطرق المؤدية إلى المدينة هذه الرسالة...
"أي فلان .. امتنع عما تفعل .. ولو استجبت .. فأنت في أمن وأمان ، أجعلك ممَن يطأون بساطي ، بل وأجعلك من خاصتي .. ولك عهد منا بالأمان .. " ..
فرضي اللص ، وأقبل إلى الملك ، وانقطع عن هذه الأفعال والجرائم ..
بل وصار يخرجه معه في رحلاته .. ويجلسه معه على المائدة ليأكل ..
ولكن الله تعالى يمهل ولا يهمل .. فهذا اللص الآثم لم يفكر للحظة واحدة وهو في هذه الحالة وفي هذا الأمان أن يتوب إلى الله تعالى مما فعل .. فماذا حدث ؟..
في إحدى المرات .. جلس الملك ورجاله واللص معهم على مائدة الطعام ليأكلوا ..
وامتلأت المائدة باللحم ، ولحم الطير ، ومن ضمن لحم الطير الموضوع لحم طير
اسمه ( الدُرّاج ) ..
فلما وقعت عينا اللص على لحم الدُرّاج الموضوع أمامه قهقه عاليا ... وضرب كفا بكف وأخذ في الضحك الشديد حتى اهتز جسده من كثرة الضحك ...
فلم يملك الملك ورجاله إلا أن يضحكوا لضحكه .. ثم قال له الملك وهو يضحك ..
علام تضحك يا فلان ؟ أتضحك لأني أطعمك لحم الدُرّاج على مائدتي ومعي ؟
فقال اللص .. أبدا أيها الملك .. ولكن لهذا الطائر لي معه قصة ..
قال الملك .. قصها علينا إذن ..
فقال اللص ... وأنا أقطع الطريق على الناس مر بي يوما رجل .. فأمسكته ، وأخذت منه ماله وجردته من ثيابه .. ثم قلت له سأقتلك ..
فقال الرجل متوسلا .. علام تقتلني .. مالي وأخذته .. ثيابي جردتني منها...
لا تعرفني ولا أعرفك .. لم تقتلني ؟ أنا ذو عيال .. دعني أمضي ولن أخبر عنك أحدا ..
فقال له .. لا تحاول .. سأقتلك ..
فأوثقت يده خلف ظهره ، ثم جذبته لصخرة لأقطع رأسه عليها .. فإذا بطائر الدُرّاج يهبط على الصخرة ويقف أمام الرجل .. فنظر إليه الرجل وقال .. اشهد أيها الدُرّاج بأن هذا الرجل قتلني ظلما ..
كان اللص يحكي هذا إلى الملك ويقول وهو يضحك ..انظر أيها الملك إلى غباء هذا الرجل .. رجل في قمة التغفيل ... أنا أضرب رأسه ويقول اشهد يا دُرّاج .. يُشهد عليَ طائر ... رجل مجنون سفيه..
وهنا يتوقف الملك عن الضحك .. ويحمر وجهه غضبا وتدور عيناه في رأسه
ثم قال .. خذوه .. واضربوا رأسه ..
فقال اللص مفزوعا : لم أيها الملك ؟
فقال الملك .. قبلنا فيك شهادة الدُرّاج ....
( بشر القاتل بالقتل ولو بعد حين .. والجزاء من جنس العمل .. .اياك والظلم )