تقف “إيما ” مخاطبة العالم من سطح القمر، ومعها أفراد فريقها الأربعة، سيتجهون معا في أول رحلة مأهولة نحو المريخ، وهي مهمة ستقف على حافة الفشل، لكن المستحيل قد يحقق بدافع الأمل وثقة أفراد الطاقم في أهلية كل منهم في إنجاح المهمة، التي تعرض تفاصيلها ضمن سلسلة الخيال العلمي “بعيدا Away” على نيتفليكس ابتداء من 4 سبتمبر 2020.
مسلسل Away فريق استثنائي
مسلسل Away الأمريكي من إخراج أندرو هينديركر Andrew Hinderaker، لعب الأدوار الرئيسية هيلاري سوانك في دور إيما غرين، رائدة فضاء ناسا وقائدة البعثة وسفينة أطلس. ثم جوش تشارلز الذي مثل مات لوجان، زوج إيما ومهندس ناسا الذي يدعم هذه المهمة من مركز التحكم في وكالة ناسا في هيوستن. ولم يعد بإمكانه السفر إلى الفضاء الخارجي بسبب مرض وراثي اسمه “تشوه كهفي دماغي”. وإلى حين عودة إيما، سيتولى مات العناية بابنتهما المراهقة أليكسيس، التي لعبت دورها تاليثا بيتمان.
أما مارك إيفانير، فقد لعب دور ميشا بوبوف، رائد فضاء روسي ومهندس سفينة أطلس، إنه الرجل الذي سجل أطول وقت في الفضاء الخارجي، مضحيا بعلاقته مع عائلته من أجل مسيرته المهنية. توفيت زوجته بينما كان في مسافرا في الفضاء، لهذا طلبت منه ابنته الوحيدة عدم الابتعاد مجددا، فوعدها بذلك.
ولعبت الممثلة الصينية فيفان وو دور لو يانغ، رائدة الفضاء الصينية وعالمة الكيمياء. لديها ابن وحيد من زوج لا تبادله الحب، الذي تكنه لمسؤولة في مركز المراقبة مي تشن، التي لعبت دورها ناديا هاتا. وبسبب انكشاف سر علاقتهما المثلية، تم استبعاد هذه الأخيرة من طرف وكالة الفضاء الصينية، وأوكلوا إليها مهمة مكتبية، كما منعوها من الاتصال مجددا بيانغ.
تولى مهمة نائب القائد، الطبيب الهندي رام آيا (الممثل راي بانثاكي)، له ارتباط شديد بأخيه الأكبر المتوفى. زاره طيفه ذات وهو على متن الرحلة، فكادت تحدث الكارثة التي ما فتئت تودي بحياة الجميع. وأخيرا رائد الفضاء المبتدئ كويسي ويسبرغ أبان (أتو إساندوه)، عالم نباتات يهودي بريطاني، ولد في غانا ونشأ في إنجلترا مع والدين بالتبني.
شقاق وفقدان الثقة عشية الاقلاع
شاهد العالم البث الحي لهذا الخطاب: “معكم القائدة إما غرين.. هنا فوق سطح القمر.. كما هو واضح… لعل الوصول إلى المريخ هي أصعب مهمة عقدت البشرية العزم عليها.. سنتعاون الآن سعيا وراء حلم، كان يُرى في الماضي مستحيلا.. لقد تلقينا تذكيرات محذرة بالتحديات الاستثنائية التي تنتظرنا.. لكننا سنصل إلى سطح المريح، ولسوف نعود إلى الديار”.
القي هذا الخطاب قبيل تعبير إيما عن رغبتها الصريحة في التخلي عن المهمة والعودة إلى الديار، بعدما أصيب زوجها بسكتة دماغية. لكن وكالة ناسا لم توافق، وأصرت أن تبقى إما على رأس القيادة. خاصة بعد الدفاع المستميت عنها، عندما رغب الصينيون في إبعادها، فيما طالب الروس بإعدامها. والسبب هو اندلاع حريق بمركبة أطلس، نتيجة تسرب كيمائي. لولا تدخل ميشا ويانغ في الوقت المناسب، لكان الجميع في عداد الموتى.
واقعة من هذا النوع وفي الفضاء الخارجي، لم يكن من السهل تجاوزها، ونجم عنها فقدان الثقة واندلاع الشقاق بين أعضاء الفريق. ونال ميشا من إيما أثناء التحقيق الذي أجري عن بعد، حيث زعم أنها قائدة تعوزها الخبرة وتفتقد للأهلية: فبينما تسببت في الحريق، وقفت مكتوفة الأيدي معرضة الآخرين للموت. لكن شهادة يانغ لم تكن مطابقة، قالت: إن إما تدخلت بشكل هستيري، ما أدى إلى إشعال الحريق الذي تم احتواؤه بسرعة. لكن التفاصيل الكاملة للحقيقة كانت غير ذلك.
تحت إمرة قائدة تصغره سنا وخبرة
يبدو ميشا عنيدا وغير مكترث للأوامر التي تصدر عن مركز المراقبة “هيوستن”، هو واحد من مهندسي مركبة أطلس، والرجل الذي سجل أطول وقت في الفضاء الخارجي. لبى نداء شغفه وأخل بوعد ابنته الوحيدة، لكي يكون أول رجل تطأ قدمه سطح المريخ، في المقابل يفقد حب ابنته، وها هي الآن أم لثلاثة أطفال، تأبى أن تسامحه. كلما اتصل بها وطلب منها الصفح، لكنه لم يكن يفعل ذلك إلا عندما يوشك على التعرض للفضاء الخارجي. لعلها تكون آخر مرة سيتحدث إلى كريمته.
إيما وميشا
تنتظر ميشا وإيما مهمة أصعب من ذي قبل، بل هي طارئة ومغامرة غير محسوبة العواقب. كان ميشا لا يزال فاقدا للثقة في أهلية إيما وغير راغب في الالتزام بتعليمات قائدته التي تصغره سنا وخبرة. لقد اتهمها صراحة بأنها بقيت مكتوفة الأيدي في الوقت الذي كان الجميع سيهلك. قبل ذلك ، حينما كانوا على سطح القمر، أخبرها أنه لا يثق فيها، كما هو موقف يانغ، التي تبدو أكثر توافقا وانسجاما مع ميشا.
يبدوا أن حلم هؤلاء الخمسة بمشاهدة الغروب الأزرق لن يتحقق بعد الآن. أحد أجنحة الألواح الشمسية لم يستكمل علمية المد، بالتالي لن تستطيع المركبة المضي قدما، وسيهلك الجميع بسبب نقص الطاقة. والحل هو أن تخرج إيما وميشا إلى الفضاء الخارجي لإصلاح العطل التقني، وما كان ميشا لينتظر أي تعليمات من مركز المراقية “هيوستن”. “سوف ننتظر 3 ساعات من المناقشات قبل أن يعلمونا بضرورة الخروج” هكذا قالها وانصرف من اجتماع الفريق، متأكدا من أن هذا ما سوف يحدث.
وبين لحظات العناد أو الغرور كما قد يراها البعض، بينما يعتبرها ميشا ثقة في النفس، طالما هو الرجل الذي اتخذ من الفضاء موطنا له، لا تخلوا روح الرجل الروسي من حس الدعابة، إذا يفخر بصنع الفودكا خاصته في الفضاء، ويعتبر ذلك إنجازا لا تضاهيه أولى النباتات المزروعة في الفضاء من قبل كويسي. وفي لحظة ما كان ينتظر الجميع هلاكهم، طلبت منه يانغ أن يناولها بعض الفودكا، لكنه لم يجلبها معه من غرف النوم التي كان من المستحيل العودة لها، إذ نسي وأخذ بدلها تلك الدمى التي يصنعها. وأقام بها عرضا ممتعا مع كويسي، حضره أحفاده، عن بعد، في عيد رأس السنة. طلب ميشا من يانغ عدم إخبار أحد بذلك، وإلا سوف يطرد من روسيا، لينفجر الجميع ضحكا بينما هم ينتظرون لحظة الموت.
الطيف القاتل.. وعالِم من جامعة المعجزات
تبدوا حديقة كويسي قاحلة، تحول لونها الأخضر المبهج إلى بني قاتم، ما عدا نبتة واحدة. لم يجد كويسي إلا تفسيرا غيبيا لذلك، سخرت منه يانغ قائلة: “أنت العالم المتخرج من جامعة الإيمان بالمعجزات”. كيف حدث هذا؟ بينما الجميع لا يجد الماء الكافي لري عطشهم، إثر تعطل نظام توليد المياه. زعم ميشا أنه قادر على إصلاحه، لكن عوض ذلك أضحى نظام التوليد الاحتياطي يعمل بنصف كفاءته.
في الفضاء الخارجي، تصاب بعض أعضاء الجسم بالضمور. لقد فقد كويسي قطعة من قدمه، بينما فقد ميشا ما هو أغلى من ذلك بكثير، ولهذا السبب لم يفلح في إصلاح نظام توليد المياه. لم يكن كويسي على علم بالآثار المترتبة عن البقاء لوقت أطول بالفضاء. يعلم هذه الحقيقة لأول مرة من آيا، فانتابه هلع شديد بأن لن يكون قادرا على الانتصاب مجددا.
كان نقص المياه وما له من أعراض خطيرة عاملا معارضا بشدة، قادرا على إثناء الفريق عن مواصلة رحلتهم. استمروا في ترشيد المياه لوقت أطول بكثير، إلى حين عدم قدرتهم على المضي قدما. فكانت تلك أخطر مرحلة، أنستهم في مخاوف التعرض للعدوى من الفيروس الذي أصيب بها آيا، وهو ما أدى إلى ارتفاع حرارته وإصابته بالحمى الذي ذهبت به نحو نحو غرفة الضغط، تابعا سراب آخيه الأكبر الذي فارق الحياة. كان ثنيه عن هذه الحماقة أمرا صعبا للغاية، ظل يهدي إلى أن حقنوه بالمهدئ. وظل في العزل أياما متواصلة، إلى أن ارتكب حماقة أخرى، وهو لا يعي شيئا من ذلك.
النساء يرفعن نصف السماء
قلب إما متفرق بين التحديات التي تعوق نجاح رحلتهم، وزوجها الذي أجرى عملية جراحية بسبب مرضه الوراثي، ليخرج من المستشفى على كرسي متحرك، ولا أحد يعلم هل سيقف مجددا على قدميه أم ل. كما أن ابنتهما المراهقة تراجع تحصيلها العلمي، وترتبط بفتى يكبرها بعامين، يعشق ركوب الدراجات. فأحبت التجربة مرة تلو الآخرى إلى أن تعرضت لحادث كاد أن يكسر عنقها، وحتى بعد نجاتها وتحسن حالها ارتأت أنه من الضروري أن تواجه مخاوفها وتجري فحصا طبيا لتأكد ما إذا ورثت المرض عن والدها، لتراكم مخاوف أمها عليها مجددا.
امرأتين من حين إلى آخر ينشب بينهما شقاق وخلاف حاد. اتهمت يانع في بادئ الأمر إيما بالنميمة بخصوص إفشاء ميولاتها الجنسية أمام الآخرين. فيما بعد تتهم قائدتها بالجبن، والرغبة في العودة إلى الديار كلما حدث طارئ عائلي على سطح الأرض. وها هو الخلاف بتكرر من جديد، بعدما اقترح هيوستن العودة بأطلس إلى الأرض. زعمت يانغ أن زوج إيما هو صاحب الاقتراح، رغم أنه لم يعد مسموحا له بولوج مركز المراقبة واقتراح القرارات، حسب ما ادعت إيما، وساءها من يانغ أن تجعل الأمر شخصيا بينهما.
كان من المقرر أن تصل قبلهما مركبة محملة بالمؤن والمياه والمعدات إلى سطح المريخ. أطلس قريبة بأسابيع من الهدف، لكن هيوستن فقد الاتصال بمركبة المؤن. وفتح هذا احتمالا شبه أكيد أمام انفجارها في الغلاف الجوي للمريخ، في وقت كان هذا أملهم الوحيد للنجاة بعدما أنهكهم الجفاف. لكن مركبة أخرى ستصل بعد شهور، ولا يسعهم الانتظار، فكان الاقتراح أن يقذفوا أطلس عبر مدار المريخ ليلتقوا بالمركبة الثانية ويتزودوا بالمؤن ويعودوا إلى الديار آمنين.
أثناء غياب إيما، يقوم كل من كويسي وآيا بإدخال توجيهات العودة، يلقيان نظرة على الكوكب الأحمر لآخر مرة، ويشرعان في التخلي عن الحلم الذي راود البشرية لسنوات، لكن مهلا!! ميشا ويانغ يلتحقان؛ فلدى المرأة الصينية فكرة ما. لعلهم قادرون على استئناف الرحلة؟