بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته




تعتبر هذه الشخصية منطوية على اهم اسباب الحقد في علاقة تبادلية مع سوء الظن لما يغذي بعضهما البعض تدريجيا الى ان يصل الانسان الى مرحلة «مرضية» من سوء الظن تظهر في الهواجس والجدال والتبرم والشك مما يجعله محل نبذ بين اصحابه والمقربين اليه لما يسلكه من حساسية وافراط في فهم الاخر وانتقاده وشخصنته ويتحول الى فرد منعزل ومحاصر بين كثيرين من افراد المجتمع ليصبح «سوء الظن» سمة بارزة فيه.

سمة هذه الشخصية هو قلب الصور الخيرة للاخرين واشدها ضد المنافسين له او القريبين منه فيعيش هوس المظلومية وافتراض سوء النيات من الاخرين حتى لا يجد في نفسه مجالا لقبول الاخرين بتفسيراته المريضة ونجد تعبيرا جميلا لحالة التغذية الذاتية في القرآن الكريم:
﴿مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ، الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ..﴾ وتغذية الاخرين خصوصا اتباعه وجمع ما يستطيع بما يؤلب فيه على الاخر.

نلاحظ ان هذه الشخصية مضطربة في تفكيرها وتحليلها للامور وفي تفسير السلوكيات الاخرى حيث يربط تصرفات عدة برابط واحد، بكون الشخص الاخر يعمل كل تلك الاعمال من صدقات ومبادرات اجتماعية ومساعدات للناس الى اهداف وغايات غير طيبة وان كانت اعماله خيرة خارجا الا ان
«سيء الظن» عادة ما يحورها الى المنطلق السيء.

شخص قام بمساعدة ضرير ليعبر الشارع المزدحم بالسيارات ودون علمه التقط شخص اخر هذه الصورة الجميلة فنشرها في مكان ما او مجده لسلوكه الطيب، او ان يسمع عن شخص بانه قام باعمال خيرية وبنى عدة دور للفقراء مثلا.

عندما يرى نفسه قد ساعد كثيرين وقدم الكثير من الخير ولم يلهج بذكره احد فمثل هذا النوع من الاخبار مما يصعب عليه تفسيرها بخلاف ما يرى الناس، فيجتهد بعنونتها رياءا وشهرة، وتزداد التفسيرات السيئة حينما يكون هذا الشخص ممن ينافسه في مهنته او جاهه وكلما كانت صور المنافسة اقرب كانت عناوين سوء الظن اكثر تفسيرا وربطا وقسوة.

النفسية
«سيئة الظن» تعيش حقدا يتنامى فلا تجد طريقا للتنفيس عنه ذاتا الا بالتفسيرات العكسية لتهدأ من حالة التوتر التي تربك استقرارها النفسي ثم تقوم بابراز هذه التصورات باشكال مختلفة لاجل قلب الصورة وتسقيط الاخر وهو غاية بُغيته نتيجة الحقد ولما تعمق في نفسه من تراكمات من الضغينة والبغضاء.

في الاية الكريمة
﴿وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ، هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ، مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ، عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ، أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ﴾ «القلم»، وما ورد عن امير المؤمنين : ”من لم يحسن ظنه استوحش من كل أحد“، حيث يجد كل سلوك الاخرين سيء فلا يمكنه التعامل معه، وحينما ينمو بعناوين تبرز نفسيته من الهمز واللمز والطعن والمسقط للاخرين بالغيبة والبهتان والسعي للطعن فيهم.

هذه الشخصية تراكمت فيها الاحقاد فهو بين ان يحتفظ لنفسه بهذه التأويلات والفهم للاخر وهو ما نسميه بالحقد الباطني واخر يبرز بصور عملية بتسقيطه للاخر بكل السبل المتاحة لديه او ما يمكنه اختراعها.