بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
المجرمين لاينظرون إلى أنفسهم بأنهم مجرمين بل مصلحين اجتماعيين ويرفضون أن يلوموا أو يعاتبوا أنفسهم على أعمالهم الإجرامية.
كل شخص لايرى نفسه بأنه مقصر أو مخطئ ولايتقبل اللوم والعتاب والمحاسبة من نفسه أو من أي شخص آخر قريب أو بعيد. هذه النظرة ليس شرطا بأن تكون صحيحة ولكن المرء يفعل المستحيل للحفاظ على كرامته ولا يسمح لأي مخلوق بإهانته.
كثرة اللوم والعتاب لها آثار وانعكاسات سلبية فهي تورث الضغينة وتنفر الأحباب وتخلق جوا مشحونا بينهم. قال الإمام علي : ”الإفراط في الملامة يشب نار اللجاجة، وقال ”لا تكثرن العتاب، فإنه يورث الضغينة، ويدعو إلى البغضاء“.
الإنسان ليس معصوما عن الخطأ وله زلات وعثرات وعلى هذا الأساس يتعامل الله عز وجل معه بلطف ورحمة إذ فتح له باب الاستغفار والتوبة كلما أذنب، ولم يتعجل في محاسبته وعقابه.
وحري بنا أن ننهج هذا المنهج الرباني ونصفح عن الآخرين بما أننا دوما نلهج إلى الله عز وجل ونطلب منه الصفح، ونغتنمها فرصة في يوم عرفة وباقي أيام الحج لتصفية النفوس والجلوس على طاولة الحوار تكنفها المودة والمحبة. قال تعالى: ”وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ“.
كثير من الخلافات التي تطرأ تافهة لاتستحق الوقوف عندها وتضخيمها لتأخذ أكبر من حجمها الطبيعي لو تم التمعن فيها بروية وحكمة، ولكنها تُستغل من قبل البعض ممن يريد التصيد في الماء العكر، وتفتح أبواب اللوم والعتاب والمحاسبة الدقيقة العسيرة التي تغلق جميع الأبواب. ولو سلمنا جدلا بصدور أمر أو تصرف غير مرغوب من أي شخص فهل يعطينا ذلك الحق بأن ننزل به جام غضبنا ونتعدى عليه بكلمات جارحة أو نقد لاذع أو اتخاذ مواقف المقاطعة القاسية؟ ألا نخشى أن يحل بنا نفس الأمر من منطلق قاعدة ”كما تدين تدان“؟ ألا يستحق أن نحسن الظن به ونحمله على محمل الخير ونجد له ولو عذرا أو مبررا واحدا ونضع أنفسنا مكانه ونتفهم الظروف المحيطة التي جعلته يتصرف بهذا التصرف؟ قبل التعجل في المحاسبة وإنزال أقسى العقوبات ألا يمكن التغافل وغض الطرف عما يمكن التجاوز عنه؟ قال الإمام علي : ”من لم يتغافل ولا يغض عن كثير من الأمور تنغصت عيشته“.
بأن الانتقاد اللاذع جعل الكاتب البريطاني الشهير توماس هاردي يقلع عن الكتابة، كما دفع الشاعر الانجليزي توماس شاتروثون إلى الانتحار. ويكمل أنه على المرء أن يسيطر على نفسه وأن يكون متفهما ومتسامحا، واستشهد بقول الدكتور جونسون: ”إن الله لا يحاسب الإنسان إلا بعد أن ينتهي أجله.“، فلماذا تتسرع أنت بمحاسبة الناس؟