همام بن عبادة بن خيثم
من الصادقين المشهورين بحبهم وموالتهم لأهل البيت وللامام امير المؤمنين هو همام بن عبادة بن خيثم ولم نعثر على تاريخ ولادته وتوفي في عهد الامام علي بن ابي طالب في السنوات الاولى او في وسط السنين التي كان الامام (سلام الله عليه) فيها اماماً على المسلمين يعني يمارس الامامة والا هو امام من حين وفاة الرسول صلى الله عليه واله يعني بين عام 37 هجرية الى عام 40.
همام بن عبادة بن خيثم حظي بشرف عالي وهو ان الامام علي (سلام الله عليه) صلى عليه وواراه الثرى وابنه وطبعاً هذه من الخصوصيات التي لا ينالها الا ذو حظ عظيم يعني حتى يوم صفين الشهداء بين يدي الامام علي ما حظي منهم الا نفرات الذين صلى عليهم الامام امير المؤمنين (سلام الله عليه).
هذا كان من تلاميذ الامام علي وكان يستفيد دائماً من علوم الامام علي، كان كاسباً، تاجراً يبيع البرانس يعني مثل الجبة، الصاية تسمى برنس، نقول يبيع الملابس ولكن كان زاهداً ورعاً تقياً ومات في هذا الاطار. هذا الرجل كان تقياً وحذراً الى درجة لأن الكاسب بحاجة الى التقى وليس الكاسب فحسب وكلنا بحاجة الى ااتقى والى العدالة، انظر العلم موجود، العلم ليس قضية، الشاعر يقول:
لذلك مسألة اعلم اعلم يجب ان تكون اعلم معها اعدل ومعها اتقى، العلم اذا لم يكن معه تقوى وعدالة هذا يكون وبالاً على صاحبه، بعض تلاميذ الائمة وصل بهم العلم لكن بدون تقوى صاروا يتطاولون على الائمة لنترك حديث هؤلاء، هذا همام بن عبادة مات في هذا الاطار، في اطار التقوى والمتقين، كيف؟
في يوم الامام امير المؤمنين (سلام الله عليه) كان يخطب فسمع الامام علياً يخطب في وصف المتقين فجاء وكان معه عمه الربيع بن خيثم فجاءوا عند الامام امير المؤمنين وكان الامام امير المؤمنين يعاين قوماً يتفكرون، يتنزهون بعضهم كان لاهياً فأقترب الامام منهم فسلموا عليه فرد التحية، همام وعمه الربيع يلاحظون الامام وحركة الامام ثم قال: ممن القوم؟
فقالوا: نحن من شيعتك يا ابا الحسن، ارجو من المستمع والمستمعة ان يصغي بدقة ويفتح قلبه، نحن من شيعتك، هذه المصيبة! نحن يا ابا الحسن من شيعتك!
فرد عليهم الامام قائلاً: مالي لا ارى فيكم صفات شيعتنا وحلية احبتنا اهل البيت؟ من الطور الذي تتحركون فيه ومن وضعكم هذا ليس فيكم من صفات الشيعة وحلية احبتنا فخجلوا وامسكوا حياءاً، الحوا على الامام امير المؤمنين قالوا يا ابا الحسن عرف لنا المتقين يعني نحن نريد ان نسمع منك صفات المتقين، ما هي هويتهم؟ ما هي ملامحهم؟
اولاً الامام تثاقل لأن هذا حمل لا يطيقه اي احد، قال الامام اتقيا الله ايها الرجلان واحسنا قوله تعالى ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون هذه آية 128 من سورة النحل، همام كان متديناً مجتهداً عابداً متقياً، قال يا ابا الحسن اسألك بالذي اكرمك الله به واكرمكم به اهل البيت وخصكم وحباكم وفضلكم تفضيلاً الا انبأتنا عن شيعتكم المتقين، فقال الامام لا تقسم واخذ بيده ودخل مسجد الكوفة، يقول همام صلى الامام ركعتين تحية المسجد لأن الانسان مستحباً اذا دخل الى مسجد ولو دخل يرى البناء تحية المسجد ركعتين مستحبة الا الكعبة المقدسة البيت الحرام، تحية البيت الحرام ما هي؟ طواف سبعة اشواط وركعتين صلاة عند او خلف مقام ابراهيم اما المسجد لا، اي مسجد الانسان اذا دخل ولو جاء يذرع المساحة ولو جاء لعمل فني يستحب ان يصلي ركعتين تحية لبيت الله الا اذا كان وقت فريضة فهنا يكون تداخل والاستحباب يفقد عنوانه فيصلي الانسان الصلاة الواجبة.
الامام امير المؤمنين دخل الى مسجد الكوفة صلى ركعتين تحية المسجد ثم رقى المنبر فتجمهر الناس فحمد الله، لنرى ماذا يريد ان يقول عن المتقين؟ حمد الله واثنا عليه وارتجل خطبة تعتبر من اروع خطب الامام علي، اي خطبة؟ موجودة في نهج البلاغة في القسم الاول برقم 193 في تسلسل خطب نهج البلاغة وطبعاً انوه بعد هذه الخطبة خطبة للامام في صفات المنافقين، نستطيع ان نفتح نهج البلاغة نرى ماذا قال الامام في صفات المتقين وماذا قال في صفات المنافقين ثم يقيس نفسه هل هو من هؤلاء ام من هؤلاء؟ الله اكبر، القضية واضحة.
خطب الامام خطبة طويلة في نهج البلاغة "الحمد لله الذي خلق الخلق غنياً عن طاعتهم آمناً عن معصيتهم لأنه لا تضره معصية من عصاه ولا تنفعه طاعة من اطاعه ثم وضعهم من الدنيا مواضعهم وقسم بينهم معائشهم" هذه المقدمة ثم انطلق الامام قال: "فالمتقون فيها هم اهل الفضائل" عدد الامام اربعة وثلاثون صفة للمتقين، اولها صفة اللسان "فالمتقون فيها هم اهل الفضائل منطقهم الصواب" طبعاً وقت البرنامج لا يسمح الذي يريد ان يقرأ خطبة المتقين في نهج البلاغة في وصف المتقين وايضاً المنافقين.
بعد ذلك وضع الامام يده منكب همام وقال: "الا من سأل عن شيعة اهل البيت الذي اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً فهم العارفون بالله العاملون بأمر الله اهل الفضائل والفواضل" واستمر "اولئك هم شيعتنا" يا اخي هذا همام بعد ان استوعب الخطاب كلمة كلمة تفاعل وصاح صيحة واحدة واصيب بجلطة ووقع على الارض ميتاً، لا اله الا الله، طبعاً اصيب بصعقة ووقع ميتاً فجاء عمه الربيع يبكي ثم قال يا ابا الحسن لأسرع ما اودت موعظتك يا امير المؤمنين بأبن اخي ولوددت اني مكانه فقال له الامام: "هكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها أما والله لقد كنت اخافها عليه" كان الخطيب اذا قرأ موعظة العيون تحمر من الدموع اما الان يتمسخرون به لماذا؟ لأن القلوب ميتة فهذا قلبه كان حياً فتأثر بكلام امير المؤمنين، الامام ترحم عليه وكان يغبطه على هذه النهاية الجميلة فشيعه الامام بنفسه وجهزه وصلى عليه وحضر مواراته وكان يترحم عليه مستعبراً، ماذا يعني مستعبراً؟ يعني لما يترحم عليه العبرة في عيني الامام امير المؤمنين وانا اهنئ همام على هذه العاقبة وهذه النهاية التي ابو الحسين لما يذكره يستعبر عليه