الزنديق عبد الكريم بن أبي العوجاء ، الذي تخصص في ناعة الأحاديث خِدْمةً للعباسيين ، وكان يصنع أحاديث أخرى تطعن فى شريعة الاسلام ، وافتخر قبل مقتله قائلًا : (‏ أما والله لئن قتلتموني لقد وضعت فيكم أربعة آلاف حديث أحرم فيها الحلال وأحلل فيها الحرام ، ولقد فطرتكم في يوم صومكم وصومتكم في يوم فطركم ) .
قال عنه الذهبي في (ميزان الاعتدال ج2 ص644) :
((عبد الكريم بن أبي العوجاء خال معن بن زائدة زنديق مغتر ، قال أبو أحمد بن عدي : لما اخذ لتضرب عنقه قال : لقد وضعت فيكم أربعة الآف حديث أحرم فيها الحلال وأحلل الحرام ... قتله محمد بن سليمان العباسي الامير بالبصرة )) . ومن أجل أنْ تتضح مدى واقعية كلام ابن أبي العوجاء لابدَّ من ذكر ترجمة حماد بن سلمة وهو كافل ابن أبي العوجاء ومربيه .

ترجمة حماد بن ابي سلمة :
قال ابن حجر في ترجمة حماد بن سلمة بن دينار البصري : "قال الدولابي حدثنا محمد بن شجاع البلخي (الظاهر هو الثلجي) قال : سمعت عباد بن صهيب (ت212هـ) يقول : إنَّ حماداً كان لا يحفظ ، وكانوا يقولون : إنَّها (أي روايات التشبيه) دُسَّت في كتبه ، وقد قيل إنَّ ابن أبي العوجاء كان ربيبه فكان يدس في كتبه" . (ابن الجوزي : الموضوعات ص37 طبع المدينة المنورة وابن حجر : تهذيب التهذيب ج3/11-16) .
قال ابن عدي : "حماد إمام جليل وهو مفتي أهل البصرة مع سعيد بن أبي عروبة" .
وقال أحمد ويحيى : "هو ثقة الناس" .
قال الذهبي في ترجمته في سير أعلام النبلاء : "الإمام القدوة شيخ الاسلام وكان مع إمامته في الحديث إماماً كبيراً في العربية فقيها فصيحاً رأساً في السنة صاحب تصانيف" .
قال المزي في تهذيب الكمال : "روى عنه إبراهيم بن الحجاج السامي ، وإبراهيم بن أبي سويد الذَّراعوإحمد بن إسحاق الحضرمي ، وآدم بن أبي أياس (سي) ، واسحاق بن عمر بن سليط (م) ، واسحاق بن منصور السلولي (د) ، واسد بن موسى صلى الله عليه وآله ، واسود بن عامر بن شاذان (م س ق)وبشر بن السري (م ت) ، وبشر بن عمر الزهراني (ق) ، وبهز بن اسد (م د س ق) ، وحبان بن هلال (م ت س) ، وحجَّاج بن منهال (خت م 4) ، والحسن بن بلال (سي) ، والحسن بن موسى الأشيب (م ت س ق) ، والحسين بن عروة (ق) ، وأبو عمر حفص بن عمر الضرير (د) ، وخليفة بن خياط ، وداود بن شبيب (د) ، وروح بن أسلم (ت) ، وروح بن عبادة (م) ، وزيد بن الحباب (ق) ، وزيد بن أبي الزرقاء (د) ، وشريح بن النعمان (تم س) ، وسعيد بن عبد الجبار البصري (م)وسعيد بن يحيى اللخمي (ق) ، وسفيان الثوري وهو من اقرانه ، وسليمان بن حرب ، وأبو داود سليمان بن داود الطيالسي (ت س) ، وسويد بن عمرو الكلبي (م ت س ق) ، وشعبة بن الحجاج وهو اكبر منه ، وشهاب بن عباد العبدي (بخ) ، وشهاب بن معمر البلخي (بخ) ، وشيبان بن فروخ (م) ، وطالوت بن عباد ، والعباس بن بكار الضبي ، والعباس بن الوليد النرسي ، وعبد الله بن صالح العجلي ، وعبد الله بن المبارك (ت س) ، وعبد الله بن مسلمة القعنبي (م س) ، وعبد الله بن معاوية الجمحي (ت ق) ، وعبد الاعلى بن حماد النرسي (م د س) ، وعبد الرحمان بن سلام الجمحي ، وعبد الرحمان بن مهدي (م ت س ق) ، وعبد الصمد بن حسان ، وعبد الصمد بن عبد الوارث (م ت ق) ، وأبو صالح عبد الغفَّار بن داود الحراني صلى الله عليه وآله وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج وهو من شيوخة ، وعبد الملك بن عبد العزيز أبو نصر التمار (م س) ، وعبد الواحد بن غياث (د) ، وعبيد الله بن محمد العيشي (د ت س) وعفان بن مسلم (م4) ، وعمرو بن خالد الحراني (عج) ، وعمرو بن عاصم الكلابي (ت س ق) ، وعمرو بن مرزوق ، والعلاء بن عبد الجبار (سي) ، وغسان بن الربيع ، وأبو نعيم الفضل بن دكين ، والفضل بن عنبسة الواسطي ، وأبو كامل فضيل بن حسين الجحدري ، وقبيصة بن عقبة (ت) ، وقريش بن انس (قد) ، وكامل بن طلحة الجحدري ، ومالك بن انس وهو من اقرانه ، ومحمد بن اسحاق بن يسار وهو من شيوخه ، ومحمد بن بكر البرساني (ت س ق) ومحمد بن عبد الله الخزاعي (دق) ، وأبو النعمان محمد بن الفضل عارم (دتم س ق) ، ومحمد بن كثير المصيصي ، ومحمد بن محبوب البناني (د)ومسلم بن ابراهيم (دس) ، ومسلم بن أبي عاصم النبيل ، وأبو كامل مظفر بن مدرك (ت س) ، ومعاذ بن خالد بن شقيق ، ومعاذ بن معاذ (ت) ، ومُهَنَّى بن عبد الحميد (دعس) ، وأبو سلمة موسى بن إسماعيل التبوذكي (خت دس ق) ، وموسى بن داود الضبي صلى الله عليه وآله ، ومؤمل بن إسماعيل (ت) ، والنظر بن شميل (م س ق) ، والنضر بن محمد الجرشي ، والنعمان بن عبد السلام ، وهدبة بن خالد (م) ، وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي (خت 4) ، والهيثم بن جميل (ق) ووكيع بن الجراح (م ق) ، ويحيى بن إسحاق السيلحيني (دت) ، ويحيى بن حسان التنيسي (مس) ، ويحيى بن حماد الشيباني (سي) ، ويحيى بن سعيد القطان (م) ، ويحيى بن الضريس الرازي ، ويزيد بن هارون (م د ت س) ، ويعقوب بن إسحاق الحضرمي (ق) ، ويونس بن محمد المؤدب (م س) ، وأبو سعيد مولى بني هاشم (ق) ، وأبو عامر العقدي(ت)" .
وقال عمرو بن عاصم : "كتبت عن حماد بن سلمة بضعة عشر ألفاً" .
وقال جعفر بن عاصم : "سمعت عفان يقول كتبت عن حماد بن سلمة بضعة عشر ألفاً" .
وقال علي بن المديني : "كان عند يحيى بن ضريس الرازي عن حماد بن سلمة عشرة آلاف حديث" .
وقال أبو سلمة التبوذكي : "مات حماد بن سلمة وقد أتى عليه ست وسبعون سنةوقال المدائني مات سنة سبع وستين ومائة"

*
معنى ذلك أنَّ ولادة حماد كانت سنة (89 ) وكانت مرجعيته في الفتوى في العهد العباسي وكانت قمتها في أخريات عهد المنصور إلى زمن ابنه المهدي ، وهو عهد ظهور الزنادقة وملاحقتهم وقتلهم من قبل المهدي العباسي ومنهم عبد الكريم بن أبي العوجاء المقتول بعد سنة 160 ربيب حماد بن سلمة . ومن ذلك يتضح أنَّ قول ابن أبي العوجاء (أنَّه وضع أربعة آلاف حديث يحرم فيه الحلال ويحلُّ فيه الحرام ...) له واقعية فهو ربيب مرجع ديني يستطيع أنْ يدخل عليه في أي وقت شاء ويطالع كتبه في أي وقت يشاء فيضع فيها ما يشاء .
وأنّ الأحاديث التي صنعها ابن أبي العوجاء وانتشرت فى العصر العباسي أتيح لها ولغيرها من الأحاديث المصنوعة أن تكتب بعد موت أبي جعفر المنصور ( 158 ) خلال عصر الإمام مالك (ت 189 ) والإمام الشافعي (ت 204 ) . وبتولي المتوكل سنة ( 232 ) دخلت الخلافة العباسية فى طور جديد ودخلت معها صناعة الحديث فى مرحلة كبرى لا زلنا نعيش آثارها حتى الان ، فقد أخذ التطور مجراه لازدهار أكثر حين أعلن المتوكل من الأحاديث ديناً وسنة ، فظهر أئمة السّنة يبنون على ما اختلقه ابن أبي العوجاء بتشجيع رسمي من المتوكل العباسي ، وبعده ظهر أئمة السنة المشهورون مثل :
محمد البخاري المولود في ازباكستان صاحب كتاب صحيح البخاري (ت 256 ) .
ومسلم النيسابوري المولود في نيسابور صاحب كتاب صحيح مسلم ( ت 261 ) .