بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
شرح فقرة دعاء يستشير : "تغفر الذنوب لمن استغفرك"
لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة، وما تتضمنه من العطاء المتصل بالمعرفة العبادية وسائر ما يفيد الانسان منه في غمرة ممارسته العبادية التي خلق الله تعالى البشر من اجل ذلك ومن جملة الادعية دعاء له معطياته الكبيرة وهو دعاء علمه النبي(ص) الامام علياً(ع) واوصاه بقراءته صباحاً ومساءً طيلة الحياة وهو دعاء يطلق عليه اسم يستشيراً هو قوله(ص) عن الله تعالى: (تغفر الذنوب لمن استغفرك) ان هذه العبارة من العبارات التي لا نظن ان احداً منا لم يألفها او لم يدرك دلالتها بل لعلها من العبارت التي قد نرددها يومياً عدة مرات، ولكن الملفت للنظر ونحن نحدثك عن دعاء يستشير ان هذه العبارة وردت بين مقطعين كل واحد منهما مستقل عن الآخر بحيث يحسب قارئ الدعاء بان عبارة تغفر الذنوب لمن استغفرك جاءت وكأنها غريبة او منفردة لا علاقة لها بما تقدم من مقاطع الدعاء وما تأخر عنها
يتحدث عن الشدة وان الله تعالى جار من لاذ به وتضرع اليه وانه تعالى عصمة من اعتصم به، وناصر من انتصر به، ولعل قارئ الدعاء يستخلص من هذه الفقرات بان المقصود منها هو ان العبد يلجأ الى الله تعالى في الشدائد جميعاً سواءاً كانت دنيوية او اخروية اما دنيوياً فلان عبارة ناصر من انتصر بك، فنستفيد منها ان الشخص مثلاً اذا لحقه ظلم من احد فان الله تعالى ينصره وهكذا وكذلك عبارة جار من لاذ بك، او عبارة عصمة من اعتصم بك، واذا تركنا هذه العبارات واتجهنا الى ما بعدها نجد عبارة تغفر الذنوب لمن استغفرك ثم نجد مقطعاً جديداً لا علاقة له بما تقدم بل يطرح موضوعاً على هذا النحو جبار الجبابرة عظيم العظماء كبير الكبراء، والان فان قارئ الدعاء اذا كان لا يمتلك معرفة ادبية او ثقافة عبادية عامة فانه لن يستوعب اهمية هذه العبارات المتنوعة من الدعاء والصلات الموجودة بين عباراتها ومقاطعها ولذلك فان المفروض علينا نحن نتحدث عن الادعية ومعطياتها ان نوضح لك النكات او الاسرار الكامنة وراء هذه العبارات الواردة في الدعاء والصلة الموجودة بين كل عبارة بما قبلها وبما بعدها وهذا ما نبدأ بتوضيحه الان.
مما لا شك فيه ان شدائد الحياة مهما كانت حجومها لا تقاس بالشدائد المترتبة على ممارسة الذنوب فاذا كان قارئ الدعاء يتجه الى الله تعالى لرفع الشدة في حياته ويصفه بانه تعالى جار من لاذ به وعصمة من اعتصم به فان التوسل به من اجل الغفران لذنوبه يظل اشد اهمية من شدائد الحياة جميعاً من هنا يستخلص قارئ الدعاء بانه اذا فرغ من توسله بالله تعالى بان يرفع عنه شدائد الحياة حينئذ فان التوسل به بان يرفع عنه شدائد الذنوب يكون بذلك اولى واجدر برحمته تعالى.
هذا فيما يتصل بشدائد الحياة بشدائد الذنوب ولكن ماذا بالنسبة الى ما يلاحظه قارئ الدعاء بان الدعاء ينتقل بعد ذلك الى مقطع جديد يصف به الله تعالى بصفات تختلف عن سابقتها ففي السابق وصف الدعاء الله تعالى بانه المجير والعصمة والناصر اما الان فيصفه على النحو الاتي.
يقول الدعاء عن الله تعالى جبار الجبابرة عظيم العظماء كبير الكبراء ولسوف نحدثك ان شاء الله تعالى عن هذه الصفات في لقاء لاحق الا اننا الان في صدد ان نوضح لك علاقة هذه الصفات بما تقدمها من صفات الاجارة والنصرة وغير ذلك، فما هي هذه الصلات؟
لا نتأمل طويلاً حتى ندرك سريعاً بان الله تعالى ما دام هو المجير لمن لاذ به وهو العصمة لمن اعتصم به وهو الناصر لمن انتصر به، فحينئذ لابد وان تكون الصفات التي تقدمت ترتبط بمن يمتلك قدرة لا حدود لها الا وهي قدرته المتمثلة في عبارة جبار الجبابرة التي وردت مباشرة بعد عبارات التوسل به بان يرفع شدائد الحياة وشدائد الذنوب ان الجبار في اللغة عندما يطلق على الله تعالى فمعناه القدرة والسلطة والعظمة، هذه الصفات الثلاث أي القدرة والسلطة والعظمة تعني بوضوح ان الله تعالى هو الجدير بان يكون مجيراً وعاصماً وناصراً لمن انتصر به كما ورد في الدعاء.
اذن ادركنا جانباً من هذه العبارات الواردة في دعاء يستشير وهذا ما يدفعنا الى التوسل بالله تعالى بان يجيرنا من شدائد الحياة ومن شدائد الذنوب والاهم من ذلك هو ان يوفقنا لممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.