ديوان (سماع منفرد) للشاعر البصري الجميل مهدي محمد علي. كان الديوان وصاحبه قريبان الى قلب والدي، واذ أقرأه اليوم من جديد أذكرهما في جلستهما الهادئة الجميلة رحمهما الله.
أيتها البصرة!
هل أجول بها
-لا أقول أعيش بها-
مرة ثانية؟!
هل تراني أراها
-لا أقول ألامس جدرانها والشناشيل-
ثانية؟!
هل ترى تتذكرني
اذ ولدت وحين صبوت
وحين شببت
وحين انطفأ قمري
وأفلت
فغادرتها
(كنت غادرتها
إذ جدار الطفولة غادرني
إذ جرى هدمه عنوة
إذ بدت لي المرابع مهجورة)
هل ستأتي إلي عتابا
أم أعود اليها كتابا؟!
أم أعيش على حلمها
أم أشد الرحال اليها:
أغامر عبر تضاعيف محنتها
فأشاهدها مأتما، وهي تسعى؟!
هل سأشرب من مائها؟!
(أينه الماء)؟!
هل سوف أنصحها بالمنافي؟!
علها تبعد العين عنها
في حروب أتتها تباعا
علها تتساءل مثلي!
(والحرائق هل تنطفئ في سنا الهور
هل سيرى نهر شط العرب
سفائنه خشبا يتأرجح
أسماكه تتقافز
يأتي محبوه
ينتظرون الربيع
ليشتعل النهر بالعيد (نوروز)
والجرف بالخس والفاكهة)؟!
هل أجول بك، الآن، يا بصرتي
أم تجولين بي؟!