مغامرة تختبر الفرضية.. هل عبر المصريون المتوسط بمراكب قصب؟


بناء القارب تم بمساعدة متطوعين من قبيلة أيمارا في بوليفيا هما فيرمين ليماشي وابنه يوري (الفرنسية)

هل تسنى للمصريين قبل أكثر من أربعة آلاف سنة عبور المتوسط على متن مراكب مصنوعة من البردي وصولا إلى البحر الأسود؟
لقطع الشك باليقين يستعد باحثون لخوض هذه المغامرة بواسطة مركب من هذا النوع صنعوه في بلغاريا، في محاولة لإثبات نظريتهم من خلال الشروع في رحلة مماثلة في الاتجاه المعاكس.
ينطلق فريق مؤلف من 24 باحثا ومتطوعا من 8 بلدان من مرفأ فارنا البلغاري مع مطلع شهر أغسطس/آب الحالي بقارب "أبورا 4" المصنوع من القصب لاجتياز 700 ميل بحري (1300 كيلومتر) عبر مضيق البوسفور وبحر إيجة وصولا إلى جزيرة كريت.
‪قائد البعثة الألماني دومينيك غورليتز: الفريق يسعى لإثبات صحة فرضية المؤرخ اليوناني القديم هيرودوتس‬ (الفرنسية)
فرضية المؤرخ هيرودوتس
وقال قائد البعثة الألماني دومينيك غورليتز لوكالة الصحافة الفرنسية إن الفريق يسعى تحديدا إلى إثبات صحة فرضية المؤرخ اليوناني القديم هيرودوتس.
ورغم أن زيارة هيرودوت لمصر ورحلته النيلية وما سجله عن الفراعنة القدماء يعتبر موضوعا شائكا ومحل شك لدى المؤرخين المعاصرين فإن الكثير من فرضياته عن مصر القديمة لا تزال محل تقدير من الباحثين التاريخيين.
وكتب المؤرخ القديم "أبحر المصريون عبر البحر الأسود للحصول على مواد لم يتمكنوا من الحصول عليها من شرق البحر المتوسط".
وقال غورليتز (53 عاما) وفريقه إنهم استلهموا تصميم القارب الذي يبلغ طوله 14 مترا من الرسوم الصخرية القديمة الموجودة في صعيد مصر والقوقاز.

الخبرة البوليفية
وتم بناء القارب بمساعدة متطوعين وعضوين من قبيلة أيمارا من بحيرة تيتيكاكا في بوليفيا، هما فيرمين ليماشي وابنه يوري، والأيمارا هم مجتمع من الهنود الحمر يوجدون في بيرو وبوليفيا وتشيلي بأميركا اللاتينية، وعاش هذا الشعب القديم في مناطقه الأصلية لقرون طويلة قبل أن يتعرض لهجوم من شعوب الإنكا في العصور الوسطى، وتأثر لاحقا بالغزو الإسباني في القرن الـ16.
وليس من الصدفة أن تتشابه "أبورا 4" بشكل كبير مع قارب "ريد 2" الشهير الذي استخدمه المغامر النرويجي ثور هيردل في محاولته العام 1970 عبور المحيط الأطلسي، وقد ساعده والد ليماتشي في بناء ذلك القارب أيضا.
‪غورليتز: السؤال الرئيسي هو عما إذا كان هذا القارب قادرا على مقاومة الطبيعة الصعبة لجزر بحر إيجة‬ (الفرنسية)
بناء أبورا 4
ولبناء القارب جمعت حزم كبيرة من قصب توتورا بحبال لتشكيل الهيكل الرئيسي للقارب، قبل أن يزود بسارية خشبية ومقصورتين للنوم مصنوعتين من القصب.
وفي المجموع، استخدم 12 طنا من قصب توتورا وكيلومتران من الحبال لتنفيذ هذا المركب الذي سيكون له شراعان يبلغ مقاسهما 62 مترا مربعا و40 مترا مربعا، وفق فيرمين.
وقال غورليتز إن "السؤال الرئيسي هو عما إذا كان هذا القارب قادرا على مقاومة الطبيعة الصعبة لجزر بحر إيجة".
وبمجرد وضعه في المياه سيحتاج القارب إلى أسبوعين ونصف أسبوع حتى يمتص الماء، وهو يستوعب ما بين خمسة وعشرة أطنان من المياه، ولكن بفضل الملايين من غرف الهواء داخل مواد البناء المسامية لا يمكن أن يغرق القارب أو أن يتصدع، وفقا لغورليتز.
‪لبناء القارب جمعت حزم كبيرة من قصب توتورا بحبال وزود بسارية ومقصورتين للنوم‬ (الفرنسية)
خطر في أعالي البحار
خلال رحلة غورليتز الأخيرة من هذا النوع في العام 2007، انطلق في مركب "أبورا 3" من نيويورك متجها إلى جنوب إسبانيا، في محاولة لإثبات أن البشر خلال العصر الحجري قاموا برحلات مماثلة عبر المحيط الأطلسي.
وقد أبحر فريق غورليتز لمدة 56 يوما قبل أن تدمر عاصفة قوية المركب على مسافة 900 كيلومتر من جزر أسوريس البرتغالية.
وقال المتطوع مارك باليس (42 عاما) -وهو كهربائي هولندي- "أنا متأكد بنسبة 100% أن هذا المركب لن يغرق أبدا".

وتتطلع المتطوعة الألمانية هايكه فوغل إلى رحلتها الإبحارية الأولى بعد مشاركتها في بعثتين سابقتين لكن من دون الصعود على متن المركب، وقالت إنه "سيكون وضعا جديدا بالنسبة إلي".
وبهدف التواصل مع سفن الشحن الكبيرة في طريقها المليئة بالأخطار في أعالي البحار جهز المركب بمعدات اتصال حديثة عبر الأقمار الصناعية.
وأضاف غورليتز "بالطبع سيكون من الغباء عدم استخدام المعدات الحديثة، إنها تجربة علمية وليست مغامرة".


المصدر : الفرنسية