اسمه ونسبه
القراءات العشر للقرآن الكريمهو الإمام الحَبْر القدوة، شيخ القراءة، أبو عمارة حمزة بن حبيب بن عمارة بن إسماعيل، الكوفيُّ التَّيْمِيُّ الزَّيَّات، أحد القُرَّاء العشر. وإنما قيل له (الزيات)؛ لأنه كان يجلب الزيت من الكوفة إلى حلوان (وهي مدينة في أواخر سواد العراق مما يلي بلاد الجبل)، ويجلب من حلوان الجبن والجوز إلى الكوفة، فعُرِف به. وُلِد بالكوفة سنة 80هـ/ 700م، وأدرك الصحابة بالسن، فيحتمل أن يكون رأى بعضهم.

أهم ملامح شخصيته وأخلاقه
إمامته في علم القراءات

كان الإمام حمزة (رحمه الله) أحد الأئمة الكبار في القراءات، وقد أخذ عنه الإمام الكسائي. قال أسود بن سالم: سألت الكسائي عن الهمز والإدغام، ألكم فيه؟ قال: "نعم، حمزة كان يهمز ويكسر، وهو إمام، لو رأيته لقرَّت عينك من نسكه". وانعقد الإجماع على تلقي قراءته بالقبول. وقال أبو عمر الدوري: حدثنا أبو المنذر يحيى بن عقيل، قال: كان الأعمش إذا رأى حمزة قد أقبل قال: هذا حَبْر القرآن.

عمله بعلمه وطلبه للآخرة
لم يكن الإمام حمزة (رحمه الله) يأخذ على تعليم الناس القرآن أجرًا، وإنما كان يحتسب ذلك عند الله عز وجل. قال أحمد بن عبد الله العجلي: حدثنا أبي قال: حمزة سنة يكون بالكوفة، وسنة بحلوان، فختم عليه رجل من أهل حلوان من مشاهيرهم، فبعث إليه بألف درهم، فقال لابنه: "قد كنت أظن لك عقلاً، أنا آخذ على القرآن أجرًا؟! أرجو على هذا الفردوس".

وقال حسين الجعفي: ربما عطش حمزة فلا يستقي كراهية أن يصادف من قرأ عليه. وقال عنه الحافظ الذهبي: وكان من الأئمة العاملين. وقال عبيد الله بن موسى: كان حمزة يُقرِئ القرآن حتى يتفرق الناس، ثم ينهض فيصلي أربع ركعات، ثم يصلي ما بين الظهر إلى العصر، وما بين المغرب والعشاء.

شيوخه
أخذ القراءة عرضًا عن سليمان الأعمش، وحمران بن أعين، وأبي إسحاق السبيعي، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وطلحة بن مصرف، ومغيرة بن مقسم، ومنصور، وليث بن أبي سليم، وجعفر بن محمد الصادق.

تلاميذه
وأخذ عنه القرآن خلقٌ كثير: كسليم بن عيسى، والكسائي، وعابد بن أبي عابد، والحسن بن عطية، وعبد الله بن صالح العجلي. وحدَّث عنه: الثوري، وشريك، وجرير، وابن فضيل، ويحيى بن آدم، وبكر بن بكار، وحسين الجعفي، وقبيصة، وخلق. وأشهر رواة الإمامِ حمزةِ خلفٌ وخلاَّدٌ.

مؤلفاته
له من المؤلفات كتاب الفرائض، وكتاب القراءة.

منهجه في القراءة
يقول الشيخ عبد الفتاح القاضي عن منهج الإمام حمزة في القراءة:

1- يصل آخر كل سورة بأول تاليتها من غير بسملة بينهما.

2- يضم الهاء وصلاً ووقفًا في الألفاظ الثلاثة: (عليهم، إليهم، لديهم).

3- يقرأ بالإشباع في الْمَدَّيْنِ المتصل والمنفصل بمقدار ست حركات.

4- يسكن الهاء في {يؤده إليك}، وقوله: {ما تولى ونصله جهنم}، {نؤته منها}، {فألقه إليهم}.

5- يقرأ بالسكت على أل وشيء، ويقرأ من رواية خلف بالسكت على المفصول نحو: {عذاب أليم}.

6- يغير الهمز عند الوقف، سواء كان في وسط الكلمة نحو {يؤمنون}، أم في آخرها نحو {ينشئ} على تفصيل في ذلك.

7- يدغم من رواية خلف ذال (إذ) في الدال والتاء، ومن رواية خلاَّد في جميع حروفها ما عدا الجحيم، ويدغم من الروايتين دال قد في جميع حروفه، وتاء التأنيث في جميع حروفه، ويدغم لام هل في الثاء {هل ثوب الكفار} في المطففين، ولام بل في السين في {بل سولت لكم}، وفي التاء نحو {بل تأتيهم}، ويدغم الباء المجزومة في الفاء نحو: {وإن تعجب فعجب}، وهذا من رواية خلاد. ويدغم الذال في التاء في (عذت، واتخذتم، فنبذته)، والثاء في التاء في {أورثتموها}، وفي لبث كيف وقع.

8 - يميل الألفات من ذوات الياء والألفات المرسومة ياء في المصاحف نحو (الهدى، اشترى، النصارى)، ويميل الألفات في (خاب، خافوا، طاب، ضاقت، وحاق، زاع، جاء، شاء، وزاد)، ويقلل الألفات الواقعة بين راءين ثانيهما متطرفة مكسورة نحو: {إن كتاب الأبرار}، {من الأشرار}.

9- يسكن ياءات الإضافة في {قل لعبادي الذين آمنوا}، {يا عبادي الذين أسرفوا} ونحو ذلك، وقد حصرها العلماء.

10 - يثبت الياء الزائدة في {أتمدونن بمال}، {ربنا وتقبل دعاء}.

ثناء العلماء عليه
قال عنه الصفدي: "كان عديمَ النَّظير في وقته علمًا وعملاً، وكان رأسًا في الورع". وقال عنه الثوري: "ما قرأ حمزة حرفًا إلا بأثر". وقال يحيى بن معين: "حمزة ثقة". وقال أيضًا: "سمعت محمد بن فضيل يقول: ما أحسب أن الله يدفع البلاء عن أهل الكوفة إلا بحمزة". وقال سفيان الثوري: "غلب حمزة الناس على القرآن والفرائض".

وفاته
عاش الإمام حمزة 76 سنة، ومات بحلوان في العراق سنة 156هـ/ 773م. رحمه الله، وأسكنه فسيح جناته.

المراجع
- غاية النهاية في طبقات القراء.. ابن الجزري
- معرفة القرّاء الكبار.. ابن الجزري
- إبراز المعاني من حرز الأماني.. أبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل
- سير أعلام النبلاء.. الذهبي
- وفيات الأعيان.. ابن خلّكان
- هدية العارفين.. الباباني
- طريق القرآن