من أهل الدار
اميرة في ظل والدي
تاريخ التسجيل: February-2016
الدولة: بابل
الجنس: أنثى
المشاركات: 18,817 المواضيع: 1,492
صوتيات:
0
سوالف عراقية:
1
مزاجي: يخبل❤
المهنة: طالبة جامعية
أكلتي المفضلة: صاج
موبايلي: شاومي نت 7
آخر نشاط: 9/September/2023
فيلم The Social Dilemma يفضح السيطرة الفعلية لمواقع التواصل على عقول البشر وتشكيل الح
الإدمان وانتشار الكراهية وتغيير السلوك الجمعي والحضاري وزيادة اكتئاب المراهقين والأطفال والسعي نحو الكمال وغيرها، هي أبرز وجوه الجانب المظلم لوسائل التواصل الاجتماعي حسب فيلم The Social Dilemma، فمنذ انتشار فيسبوك في بداية الألفية الثالثة ولم تتوقف تحذيرات خبراء علم النفس من خطورة هذه المواقع، ولكنها دائمًا في انتشار متزايد.
ولكن هذه المرة فإن كشف الجانب المظلم لمواقع التواصل الاجتماعي جاء على يد مجموعة من العاملين والمتخصصين في وادي السيليكون Silicon Valley وهم من الأشخاص المسؤولين عن تحليل كل نقرة تقوم بها على أجهزتك المختلفة والدخول إلى دماغك وخلق رغبات لا تريدها فعليًا وغرس قيم مختلفة عنك تمامًا.
سيكون انطباعك الأول عند مشاهدة فيلم The Social Dilemma أو المعضلة الاجتماعية هو إلقاء هاتفك تمامًا من النافذة أو مسح كل التطبيقات الموجودة عليه، فهو يأتي بتصريحات صادمة من أشخاص عملوا في مراكز مهمة لتطوير مواقع فيسبوك Facebook وبينتريست Pinterest وتويتر Twitter وانستاغرام Instagram وسناب شات Snapchat وغيرها.
ولكن كي نكون صرحاء فإن الأمر قد يستغرق منك ساعات وربما يوم أو اثنين لتعود من جديد وأنت متلهف على متابعة مواقع التواصل من جديد ومشاركة قصصك المختلفة، وهذا تحديدًا ما يعتمد عليه المروِّجين لأهمية مواقع التواصل الاجتماعي وأنها تعتبر من أهم إيجابيات الألفية الثالثة.
مع انتشار كوفيد 19 وبُعد المسافات الاجتماعية الفعلية كانت وسائل التواصل بمثابة طوق الإنقاذ الحقيقي للملايين للتفاعل مع أحبائهم ومعرفة أخبارهم، مما جعل كارهو مواقع التواصل يتراجعون قليلًا عن موقفهم المُعادي، ولكن مع الكشف عن أن هذه المواقع تستطيع فعليًا أن تتحكم في عقلك ومستقبل أطفالك وطريقة نظرتهم للحياة وتشكّل قيمهم ليس وفقًا لمصلحتهم ولكن لفائدة نسبة قليلة للغاية من رجال الأعمال حول العالم، فإنك بالتأكيد ستعيد النظر في أهمية هذه الوسائل.
وسنحاول معًا أن نرصد أشد المخاطر فتكًا والتي تتسبب بها هذه المواقع، وهذه المرة ليس وفقًا لراي خبراء علم النفس والاجتماع، ولكن من وجهة نظر مصممي تقنيات التتبع ورصد النقرات وتحليلها.
1. الانتشار الكبير للأخبار المزيفة وجرائم الكراهية:
من أول وأهم الظواهر التي ركّز عليها المتخصصون في وادي السيليكون هي الانتشار الكبير للأخبار غير الصحيحة والمزيفة، فإن صفحات مواقع التواصل نادرًا ما تخضع لأي رقابة ولم يُنظمها أي قانون مثل الموجود في وسائل الاتصال المرئية والمسموعة والمقروءة الأخرى.
وهذا في حد ذاته أثار الرعب والفزع حول العالم بشأن أنباء كانت في النهاية مجرد فقاعة صغيرة وتم الترويج لها على أنها كارثة وأدت لزيادة ثروات أشخاص معينين وإفلاس الملايين بل ونشر الإرهاب أيضًا.
أدت هذه الأخبار المزيفة إلى الكثير من جرائم الكراهية والعقاب دون محاكمة وانتشار أفكار داعش وتطرف المتعصبين من البيض ضد من يحمل ملامح شرق أوسطية وغيرها من مآسي انتشرت على مدار السنوات الماضية وكان الأصل فيها هي مواقع التواصل.
2. اكتئاب المراهقين وحالة “شذوذ سناب شات“:
فقد تم ملاحظة زيادة الاكتئاب عمومًا بين الجنس البشري وبين المراهقين خصوصًا بسبب نظرة الآخرين لهم وبحثهم عن الكمال الدائم، فالطفل أو المُراهق لم يعد يعتمد على صورته وقبول شخصيته وفقًا لآراء عائلته أو أصدقائه المقربين أو حتى زملائه وجيرانه، وهؤلاء جميعًا لا يمكن أن يصل عددهم إلى العشرات.
ولكن مع انتشار الصور المبهرة والجميلة على مواقع التواصل، أصبح المراهق يرغب في الحصول على مئات وآلاف حالات الإعجاب، وهذا ما لا يمكنه الحصول عليه على الإطلاق، مما يؤدي إلى الاكتئاب رغم أنه قد يكون محبوبًا للغاية في وسط مجتمعه الصغير.
وقد أطلق الخبراء على هذه الحالة اسم “شذوذ سناب شات” وهي العيوب التي تظهر فقط في صور سناب شات والتي يكون بعضها مبهرًا جدًا والآخر عاديًا والقليل قبيحًا بشكل ما، مما يدفع صغار السن إلى زيادة جنون عمليات التجميل رغم أنهم على الواقع أجمل بكثير من أولئك الذين يتمتعون بصور مبهرة على سناب شات.
3. تطوير التقنية الإقناعية لتغيير السلوك عبر التكنولوجيا:
وهو واحد من أكثر التصريحات جرأة في هذا فيلم The Social Dilemma حيث يؤكد أن العاملون في مجال مواقع التواصل يدرسون التقنية الإقناعية، وكيفية توظيف كل ما يعرفونه عن البشر لتحويله إلى تقنية تستطيع إقناع البشر بأفكار وسلع وأخبار تخدم فئة قليلة للغاية.
وقد لاحظ الملايين بالفعل أنهم مراقبون بشكل ما وأن أحاديثهم العشوائية مع أصدقائهم تتحول إلى إعلانات شديدة الإلحاح في كل صفحة إنترنت يزورونها، وقد اعتقد الكثيرون أن هذا نتيجة اهتمامهم الفعلي بهذه المنتجات.
ولكن على العكس تمامًا، فمن خلال المعلومات التي يتم جمعها عبر تقنيات التتبع فإن مسؤولو وسائل التواصل أصبحوا قادرين فعليًا على خلق اهتمامات ورغبات لم تكن موجودة أبدًا لديك من قبل، ثم إقناعك بأنك تريدها بشدة، فتبدأ البحث عنها.
وقد تم تطوير الأمر بالإعلان مؤخرًا عن شريحة يتم غرسها لقراءة أفكارك ومعرفة حالتك الصحية والمساهمة في مقاومة الأمراض، ولكن مع كثرة الشكوك بشأن فاعلية هذه الشريحة، فإن مُطوروا مواقع التواصل ليسوا في حاجة فعلية لها لمعرفة كيفية السيطرة عليك إذا واصلت الدخول بكثافة على تلك الصفحات.
4. الإدمان:
وهو الأمر الذي أشار إليه بوضوح شديد الرئيس السابق لتطوير بينتريست Pinterest إدوارد توفته Edward Tufte ، والذي أشار إلى أن هناك نوعين فقط من الصناعات التي تُطلق على عملائها اسم “مستخدمين” وهما صناعة المخدرات والتقنية الرقمية، ولا يتم استخدام كلمات مثل “عملاء” أو حتى “مستهلكين” مثل بقية الصناعات، ويؤكد بحرقة شديدة كيف أنه كان يقضي طوال النهار في العمل لتطوير تكنولوجيا تجذب الناس، ثم يذهب إلى المنزل ولا يستطيع إبعاد عينيه عن الهاتف رغم وجود طفلين يحتاجان إلى رعايته واهتمامه.
الإدمان لم يعد فقط في المواد المخدرة، ولكن أثبتت الكثير من التجارب الفعلية قبل الدراسات أن المكوث أمام الشاشات ومواقع التواصل يتسبب في إدمان فعلي وما يرتبط به من رفض للواقع ورغبة في الهروب منه.
فالزوجة السعيدة مع زوجها ترفض واقعها عندما تقارن بينها وبين صورة على فيسبوك، والأم المحبة ترفض اتصال أولادها وزيارتهم لمجرد أنهم لا يقومون بالإشارة لها في صور على “انستاغرام”، وذلك لأن الناس أصبحت لا ترى إلا التواصل عبر تلك المواقع، ويعتبرون أن عدم التعبير عن المشاعر الإيجابية في العلن هو “نقص اهتمام” رغم وجود الاتصال البشري الواقعي.
ومن السخرية الشديدة في أمر هذا الفيلم أنه يأتي عبر منصّة نيتفليكس Netflix والتي تطولها الكثير من الاتهامات بنشر العنف والقيم غير السويّة في عقول الأجيال.
ورغم قوة فيلم The Social Dilemma أو المعضلة الاجتماعية ورسالته الصادمة التي حاول المخرج جيف أورلويسكي Jeff Orlowski أن يُعبِّر عنها، فإنه من غير المتوقع أن يتوقف الناس فجأة عن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، فهي أصبحت مثل الوجبات السريعة والشيبس والمشروبات الغازية والتي يُدرك الجميع أنها تسبب تلف الأنسجة الحيوية والسرطان وضعف المناعة ورغم ذلك تواصل حصد أرباحها، وذلك لأن القائمون عليها يواصلون الخداع بأمور مثل أنها خالية من المواد الحافظة أو تغيير الشكل والمكونات كل حين.
إن وسائل التواصل الاجتماعي لها بالتأكيد إيجابيات، ولكن لا يجب على الإطلاق إغفال الجانب المظلم منها، لأنه لن يؤثر فقط على صحة الجسم والرضا الذاتي، ولكنه سيُشكل الوعي المجتمعي العالمي كله، كما يجب أن تضع في اعتبارك أن عُمر هذه الوسائل لم يتعد 15 عامًا، ورغم ذلك أصبح لها هذا التأثير المُخيف، فكيف بعد 50 أو 100 عام؟
إن كل دقيقة تجلسها أمام وسائل التواصل الاجتماعي تأخذ من الوقت الذي يمكنك فيه تطوير نفسك وتنمية علاقاتك الحقيقية مع أبنائك وأسرتك وهذا بالتدريج سيجعلك ليس فقط في مكانك ولكن ستتراجع إلى الوراء، ومع هذا نُدرك أن التوقف عنها صعب للبعض ومستحيل لدى الأغلبية.
لذا لن نطالبك فجأة بحذف هذه التطبيقات لأن البعض حاولوا وللأسف عادوا من جديد رغم وعيهم الشديد بسلبية تأثيرها على حياتهم، ولكن اتباع بعض الخطوات المهمة لتقنين الوضع ومحاولة تقليل السلبيات ستكون مفيدة وذلك مثل تحديد وقت معين للدخول عليها وضبط المنبه للتوقف عنها، ومنع الأطفال بحسم شديد من الجلوس أمام الشاشات لفترة طويلة والامتناع عنها قبل النوم وغيرها من طُرق يمكن أن تُشكِّل بعض أنواع المقاومة لهذا التأثير السلبي المتنامي بشدة.