بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
ما هو الدليل على استحباب زيارة الامام الحسين(ع) في يوم الأربعين فإنَّ البعض يقول إنَّ استحباب زيارةِ الأربعين غيرُ ثابت؟
إنَّ استحباب زيارة الامام الحسين (ع) ثابتٌ مطلقاً في تمام أيامِ السنة، وذلك لتواتُر الرواياتِ عن أهل البيتِ (ع) الدالَّةِ صريحاً على ذلك، فاستحبابُ زيارة الحسين(ع) في اليوم المصادفِ ليوم الأربعين من استشهاده داخلٌ في عموم ما دلَّ على استحباب زيارتِه في مُطلقِ أيام السنة، هذا مضافاً إلى ما ورد مِن استحباب زيارته في هذا اليوم بنحو الخصوص فيكون ذلك دليلاً ليس على استحباب زيارتِه في يوم الأربعين وحسب بل على تأكُّد استحبابِها في هذا اليوم.
والنصُّ الذي يُمكنُ اعتمادُه في ذلك هو ما أوردَه الشيخُ أبو جعفرٍ الطوسي (رحمه الله) في التهذيب قال: "أخبرنا جماعةٌ من أصحابنا عن أبي محمَّد هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري قال: حدَّثنا محمَّد بن علي بن مَعْمر قال: حدَّثني أبو الحسن عليُّ بن محمد بن مسعدة والحسنُ بن عليٍّ بن فضال عن سعدان بن مسلم عن صفوان بن مهران الجمَّال قال: قال لي مولاي الصادقُ (صلوات الله عليه) في زيارة الأربعين: " تزورُ عند ارتفاعِ النهار وتقولُ : (السلامُ على وليِّ اللهِ وحبيبِه، السلامُ على خليلِ الله ونجيبِه، السلامُ على صفيِّ الله وابن صفيِّه، السلامُ على الحسينِ المظلومِ الشهيدِ، السلام على أسيرِ الكُربات وقتيلِ العبَرات... وتُصلِّي ركعتين وتدعو بما أحببتَ وتنصرف"(1).
فهذه الرواية موثَّقة من طريق الحسن بن عليِّ بن فضَّال، فمحمَّد بنُ عليِّ بن مَعْمر هو أبو الحسين بن مَعْمر الكوفي ذكره الشيخُ الطوسي في الفهرست وأفاد أنَّ له كتباً منها كتاب قرب الإسناد(2) وذكره في الرجال تحت عنوان محمَّد بن عليِّ بن معمر الكوفي، قال: ويُكنى أبا الحسين صاحب الصبيحي، سمِع منه التلعكبري سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، وله منه إجازة(3). وعنونه ابنُ النديم البغدادي(4) في فقهاء الشيعة ومحدِّثِيهم وعلمائهم بلفظ «أبو الحسين بن معمّر الكوفي» قائلاً: وله من الكتب كتابُ قرب الإسناد(5) فالرجل إذن من المعاريف ولم يرد فيه قدحٌ فهو ثقة.
وأمَّا سعدان بن مسلم فهو من المعاريف ومن أصحاب الأصول وهو من مشايخ صفوان بن يحيى البجليِّ الذي لا يروي ولا يُرسِلُ إلا عن ثقة، وقد وثَّقه عليُّ بن ابراهيم القميِّ في تفسيره ضِمن توثيقِه العام لرجال أسناده في التفسير، وأمَّا بقيةُ رجال السند فهم من الثقات الأجلاء، ولذلك فالرواية معتبرةٌ سنداً.
وهي من حيثُ الدلالة صريحةٌ في أنَّ ليوم الأربعين زيارةً خاصَّة يُزارُ بها الإمام الحسينُ (ع) عند ارتفاع النهار، وذلك يقتضي تأكُّد الاستحباب، إذ أنَّ أصلَ الإستحباب ثابتٌ في مطلق أيام السنة فإذا تمَّ النصُّ على يومٍ بالخصوص كيوم عرفة فإنَّ ذلك يكونُ ظاهراً ظهوراً بيِّناً في أنَّ لهذا اليوم خصوصيَّةً يتأكَّدُ بمقتضاها الاستحباب. كما هو الشأنُ في مثل الصوم فإنَّه مستحبٌ في مطلق أيام السنَّة فإذا تمَّ النصُّ على يومٍ مخصوص فإنَّ ذلك يقتضي تأكُّد استحبابِه، وهكذا هو الشأنُ في الصلاة فإنَّها خيرُ موضوعٍ - كما أفاد أهلُ البيت(ع) - فيُستحبُّ الإتيان بها في كلِّ وقت، فإذا تمَّ النصُّ على وقتٍ مخصوصٍ فإنَّ ذلك يكونُ مقتضياً لاستظهار تأكُّد استحبابِ الصلاة فيه.
هذا ويُمكن تأييد تأكُّد الاستحباب لزيارة الحسين (ع) يوم الأربعين بما رواه الشيخُ أبو جعفر الطوسي (رحمه الله) في المصباح والتهذيب مرسَلاً عن أبي محمدٍ الحسنِ العسكري (ع) أنَّه قال: "علامات المؤمن خمس: صلاةُ الخمسين، وزيارةُ الأربعين، والتختُّم في اليمين، وتعفيرُ الجبين، والجهرُ ببسم الله الرحمن الرحيم"(6).
---------------------
الهوامش:
1- تهذيب الأحكام -الشيخ الطوسي - ج6 ص113-114، مصباح المتهجد - الشيخ الطوسي- ص788-790.
2-الفهرست -الشيخ الطوسي- ص277.
3-الأبواب (رجال الطوسي) -الشيخ الطوسي- ص442.
4-توفي سنة 438.
5-فهرست ابن النديم - ابن النديم البغدادي - ص278.
6- تهذيب الأحكام - الشيخ الطوسي - ج6 ص52، مصباح المتهجد - الشيخ الطوسي - ص788.
المصدر:مركز الهدى للدراسات الإسلامية