بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
الرواية التالية هي من سيرة السبط الشهيد – عليه السلام – وقد رواها العالم الحنفي الموفق الخوارزمي في كتابه الشهير (مقتل الحسين) وجاء فيها قول الراوي: إن أعرابياً جاء إلى الحسين بن علي عليهما السلام فقال: يا ابن رسول الله، قد ضمنت دية كاملة وعجزت عن أدائها، فقلت في نفسي أسأل أكرم الناس، وما رأيت أكرم من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله؛ فقال الحسين: يا أخا العرب! أسألك عن ثلاث مسائل، فإن أجبت عن واحدة أعطيتك ثلث المال، وإن أجبت عن إثنتين أعطيتك ثلثي المال، وإن أجبت عن الكل أعطيتك الكل.. فقال الأعرابي: يا ابن رسول الله أمثلك يسأل عن مثلي وأنت من أهل العلم والشرف؟ فقال الحسين عليه السلام: بلى، سمعت جدي رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: المعروف بقدر المعرفة.. فقال الأعرابي: سل عما بدا لك، فإن أجبت وإلا تعلمت منك ولا قوة إلا بالله.. فقال الحسين عليه السلام: أي الأعمال أفضل؟ فقال الأعرابي: الإيمان بالله.. فقال الحسين عليه السلام: فما النجاة من المهلكة؟ فقال الأعرابي: الثقة بالله.. فقال الحسين عليه السلام: فما يزين الرجل؟ فقال الأعرابي: علم معه حلم.. فقال: فإن أخطأه ذلك؟ فقال: مال معه مروءة.. فقال: فإن أخطاه ذلك؟ فقال: فقر معه صبر.. فقال الحسين عليه السلام: فإن أخطأه ذلك؟ فقال الأعرابي: فصاعقة تنزل من السماء وتحرقه فإنه أهل لذلك.. فضحك الحسين عليه السلام ورمى بصرة إليه فيه ألف دينار، وأعطاه خاتمه وفيه فص قيمته مائتا درهم وقال: يا أعرابي أعط الذهب إلى غرمائك واصرف الخاتم في نفقتك.. فأخذ الأعرابي وقال: الله أعلم حيث يجعل رسالته.
فإن الكرم والعطاء الحسيني إقترن من جهة بإشعار السائل بأنه يحصل على العطاء ببركة معرفته؛ الأمر الذي يبعد عنه ذل المسألة، كما اقترن بحسن الخلق والأريحية من جهة ثانية، والإغناء من جهة ثالثة حيث لم يكتف الإمام الحسين – عليه السلام – بإعطاء السائل حاجته فقط بل ما يكفيه من النفقة أيضاً؛ وهذا من كمال الكرم.