النتائج 1 إلى 4 من 4
الموضوع:

من فلسفةِ المقاييسِ اللُّغَوِيةِ

الزوار من محركات البحث: 5 المشاهدات : 237 الردود: 3
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    احساس شاعر
    تاريخ التسجيل: July-2014
    الدولة: بغداد الحبيبة
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 61,676 المواضيع: 17,422
    صوتيات: 2 سوالف عراقية: 3
    التقييم: 88477
    مزاجي: متقلب جدا
    المهنة: كرايب الريس
    أكلتي المفضلة: الباجه
    موبايلي: نوت ٢٠
    آخر نشاط: منذ 4 يوم
    الاتصال: إرسال رسالة عبر ICQ إلى فقار الكرخي
    مقالات المدونة: 17

    Smileys Afraid 058568 من فلسفةِ المقاييسِ اللُّغَوِيةِ

    من فلسفةِ المقاييسِ اللُّغَوِيةِ :
    الاشْتِقاقُ الْـمَعْنَوِيُّ (3):
    معاني النُّورِ والظُّلماتِ:

    قال أبو عبدالرحمن : أَقِفُ الآنَ وقفاتٍ ضروريةً مع ما سُقْتُه من كلام الراغب الأصفهاني رحمه الله تعالى في كتابه (مفردات القرآن) في الحلقة السابقة رقم (2):

    الوقفةُ الأولى : عن معاني الظُّلماتِ .. قال الإمام ابن جرير رحمه الله تعالى : {يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [سورة البقرة/257].. يعني بذلك: يُخْرِجُهم مِن ظُلُماتِ الكفرِ إلى نورِ الإيمانِ .. وإنما عنَى بالظُّلُماتِ في هذا الموضعِ، الكفرَ؛ وإنما جعَل الظُّلُماتِ للكفرِ مَثَلاً؛ لأن الظُّلُماتِ حاجبةٌ للأبصارِ عن إدراكِ الأشياءِ وإثباتِها، وكذلك الكفرُ حاجبٌ إِبصارَ القلوبِ عن إدراكِ حقائقِ الإيمانِ، والعلمِ بصحتِه وصحةِ أسبابِه؛ فأخبَر تعالى ذكرُه عبادَه أنه وَلِيُّ المؤمنين، ومُبَصِّرُهم حقيقةَ الإيمانِ وسُبُلَه وشرائعَه وحُجَجَه، وهادِيهم؛ فمُوَفِّقُهم لأَدِلَّتِه الـمُزِيلةِ عنهم الشكوكَ؛ بكَشْفِه عنهم دواعِيَ الكفرِ، وظُلَمَ سواترِه من إِبصارِ القلـوبِ .. ثم أخبَر تعـالى ذكـرُه عن أهـلِ الكفـرِ به، فقـال: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا}يَعني الجاحِدين وَحْدانِيَّتَه .. {أَوْلِيَاؤُهُمُ} .. يعني نُصَراءهم وظُهَراءهم الذين يَتَوَلَّوْنهم .. {الطَّاغُوتُ} .. يعني الأندادَ والأوثانَ الذين يَعْبُدُونهم من دونِ الله .. {يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ}.. يَعنى بالنور الإيمانَ، على نحو ما بينا .. {إِلَى الظُّلُمَاتِ} .. ويعني بالظُّلُماتِ ظُلُماتِ الكفرِ وشكوكَه الحائلةَ دونَ إِبصارَ القلوبِ، ورُؤيةَ ضياءِ الإيمانِ، وحقائقِ أَدِلَّتِه وسُبُلِه.. وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ .. ذِكْرُ مَن قال ذلك : مَنْ فَسَّرَ النور والظلمات بالهدى والضلالة، أو الكفر والإيمان» .. وبإسنادِ ابن جرير رحمه الله تعالى إلى ابن حميد - وهو مُشْتهر بالكذب - قال: «إنَّ المرادَ الذين آمنوا بعيسى بعد بعث الله عبَده ورسوله محمدَّ بن عبدالله صلى الله عليهما، وعلى جميع إخوانهما من النَّبيِّيْنَ والمرسلين، وعلى مَنْ تبعهما بإحسان إلى يوم الدين أفْضلُ الصلاة وأتمُّ التسليم، واجعلنا معهم ومنهم برحمتك يا أرحم الراحمين .. وهكذا رَوَى عن الحجاج بن المنهال بسنده إلى عَبْدَةَ بنِ أبي لبابة .. وأسند إلى الضحاك : أنَّ النورَ الهدى، والظلماتِ الضلالةُ.. وأسند إلى الربيع: أنَّ الظلماتِ الكفُر، وأنَّ النورَ الإيمانُ .. وأسند بالشَّكِّ إلى مجاهدٍ أو مِقْسَمٍ : أنَّ المرادَ بالإيمانِ الإيمانُ بعيسى بعد بِعْثَةِ محمد صلى الله عليه وسلم، وأن الظَّلماتِ الكفرُ به قبل ذلك» .. ثم قال ابن جرير: «وهذا القول الذي ذكَرْناه عن مجاهدٍ وعَبْدةَ بن أبي لُبابةَ : يَدُلُّ على أنَّ الآيةَ معناها الخصوصُ، وأنها -إذ كان الأمرُ كما وصَفْنا- نـزلَتْ فيمَن كفَر مِن النَّصارَى بمحمد صلى الله عليه وسلم، وفيمَن آمَن بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم من عَبَدةِ الأوثانِ الذين لم يكونوا مُقِرِّين بنبوَّةِ عيسى عليه السلامُ، و[في] سائرِ المللِ التي كان أهلُها يُكَذِّبُوْنَ بعيسى.. فإن قال قائلٌ: أَوَ كانت النَّصارَى على حقٍّ قبلَ أن يُبْعَثَ محمدٌ صلى الله عليه وسلم فيُكذِّبوا به ؟.. قيل: مَن كان منهم على مِلَّةِ عيسى ابنِ مريمَ صلَواتُ اللهِ عليه: فكان على حقٍّ .. وإياهم عنَى اللهُ تعالى ذكرُه بقوله سبحانه وتعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [النساء: 136] .. فإن قـال قائـلٌ: فهـل يَحتمِلُ أنْ يكـون قـولُه سبـحانه وتعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}: أن يكونَ مَعْنِيّْاً به غيرُ الذين ذكَر مجاهدٌ وعبْدةُ: أنهم عُنُوا به من المؤمنين بعيسى، أو غيرَ أهل الرِّدَّةِ عن الإسلام؟ .. قيل: نعم يَحتمِلُ أنْ يكونَ معنى ذلك و[يكون] والذين كفَروا أولياؤُهم الطاغوتُ : يَحُوْلونَ بينَهم وبين الإيمانِ، ويُضِلُّونهم فيَكْفُرون؛ فيكونُ تَضْلِيلُهم إيَّاهم حتى يكفُروا إخراجاً منهم لهم مِن الإيمانِ؛ بمعنى صدِّهم إيَّاهم عنه، وحِرْمانِهم إياهم خيْرَه وإن لم يكونوا فيه قطُّ كقول الرجل: (أَخْرَجني والدي من ميراثِه)، إذا ملَّك ذلك في حياته غيرَه؛ فحَرَمه منه حظَّه، ولم يَمْلِكْ ذلك القائلُ هذا الميراثَ قطُّ فيَخْرُجَ منه، ولكنه لَـمَّا حُرِمَه، وحِيلَ بينَه وبيَن ما كان يكونُ له لو لم يَحْرِمْه: قيل : أخرَجَه منه .. وكقولِ القائلِ: أَخْرَجَني فلانٌ مِن كَتِيبتِه) .. يَعنى لم يَجْعَلْني مِن أهلِهـا، ولم يكنْ فيها قَطُّ قـبل ذلك (1) ؛ فكذلك قـوله سبحـانه وتعـالى: {يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} : مُحْتَمِلٌ أنْ يكون إخراجهم إيَّاهم من الإيمانِ إلى الكفرِ على هذا المعنى، وإنْ كان الذي قاله مجاهدٌ وعَبْدةُ أَشبهَ بتأويلِ الآية.. فإن قال قائلٌ: وكيف قال: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ}؛ فجمَع خبرَ الطاغوتِ [يعني أنه أورد الخبر عن الطاغوت بصيغةِ الجمعِ مع أنَّ الطاغوت مُفْرد] بقولِه سبحانه وتعالى :{يُخْرِجُونَهُمْ}، والطاغوتُ واحدٌ ؟.. قيل: إنَّ الطاغوتَ اسمٌ لِجمعٍ وواحدٍ، وقد يُجْمَعُ على (طواغيت)؛ وإذا جُعِل واحدُه وجَمْعُه بلفظٍ واحدٍ، كان نظير قولهم: (رجلٌ عَدْلٌ، وقومٌ عَدْلٌ، ورجلٌ فِطْرٌ وقومٌ فِطْرٌ، وما أَشبهَ ذلك من الأسماءِ التي يأتي مُوَحَّداً في اللفظِ واحدُها وجمعُها، وكما قال العباسُ بنُ مِرْداسٍ:

    فَقُلْنَــــــــا أَسْــلِمُــــــوا إِنَّــــــا أَخُــوكُــــــمْ *** فَقَـدْ بَـرِئَتْ مِـنَ الإِحَـنِ الصُّـدُورُ» (2) .

    قال أبو عبدالرحمن : وللإمام ابنِ كثير رحمه الله تعالى كلام نفيس فَسَّرَ به معاني النور والظلمات بما يليق بما ترجَّح لديه مِن أنَّه مرادُ الله في الآية الكريمة؛ فقال : «يخبر تعالى أنه يهدي من اتبع رضوانه سُبُلَ السلام؛ فيُخرج عبادَه المؤمنين من ظلمات الكفر والشك والرَّيبِ إلى نور الحق الواضح الجليِّ المبين السهل الْـمُنير، وأنَّ الكافرين إنما وليهم الشيطانُ يُزيِّن لهم ما هم فيه من الجهالات والضلالات، ويخرجونهم [السياقُ مُفْرَدٌ عن (الشيطان)؛ وَأَوْرَدَ الخبرَ عنه بصيغة الجمع (يُخْرِجونهم) بالنظر إلى سياق الآية الكريمة في خبره عن الطاغوت بصيغةِ الجمعِ، والشيطانَ أَحَدُ الطواغيت، ولا ريب أنَّ أُسْلوبَ الالتفاتِ من الوسائل البلاغية؛ فحين يكون السياق عن أحدِ الطواغيت يكون الخبر بصيغة الْـمُفْرَدِ؛ وعندما يراد التعبيرُ عن كلِّ طاغوت يكون الخطابُ بصيغة الجمع]، ويحيدون بهم عن طريق الحق إلى الكفر والإفك .. {أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [سورة البقرة/257]؛ ولهذا وحَّد تعالى لفظ النور، وجمَع الظلمات؛ لأن الحق واحد، والكفر أجناس كثيرة، وكلها باطلة كما قال: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [سورة الأنعام/153]، وقال سبحانه وتعالى : {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} [سورة الأنعام/1]، وقال سبحانه وتعالى : {عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ }[سورة النحل/48] .. إلى غير ذلك من الآيات التي في لفظها إشعارٌ بتفرُّد الحقِّ وانتشارِ الباطل وتفرُّقه وتشعبه.. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي: حدثنا علي بن ميسرة: حدثنا عبدالعزيز بن أبي عثمان: عن موسى بن عبيدة: عن أيوب بن خالد .. قال : يُبْعث أهل الأهواء، أو قال : تُبعث أهل الفتن؛ فمن كان هواه الإيمان كانت فتنته بيضاء مضيئة، ومن كان هواه الكفر كانت فتنتُه سوداء مظلمة ، ثم قرأ هذه الآية : {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[سورة البقرة/257]» (3) .

    قال أبو عبدالرحمن : إذنْ لا بد من العودةِ إلى المعنى الأصليِّ والمعاني المجازية ابتداءً مِن تأصيل ابن فارسٍ تلخيصاً لما سبق لي إيرادُه؛ فمادَّةُ الظاء المعجمة، واللامِ، والميم : أصلان جامعان عنده: أوَّلُهما خِلافُ الضياء، وثانيهما وضْعُ الشيئِ في غير مَحَلِّه تَعَدُّياً .. ولقد أَسْلَفْتُ أنَّ الأقلَّ حروفاً هو أصْلُ الاشتقاق؛ لأنَّ زيادةَ الـمَبْنَى لزيادة المعنى؛ فحينئِذٍ تكون (ظَلَمَ) هي المعنى الحقيقيُّ؛ وتكون (أظلم) معنى جامعاً مُشتقّاً بكلِّ معانيه من الفعل الثلاثي (ظَلَمَ)؛ ووجْهُ ذلك: أن الظُّلْم بِمَعْناه الأصلي الوضعي هو : (الْعُدْوان بِغَيرِ حَقٍّ)، ثم لا بُدَّ أنْ تَذْكر نوعيَّةَ كل عدوان : أهو عدوان بالسبِّ، أو بالضرب، أو بالقتل.. إلخ .. ثم تذكر الجامعَ لهذه الأنواع : بأنه يُؤْلم النفس، أو يُؤذيها، ثُمَّ تُسْنِدُ ذلك إلى نفسٍ أو حِسٍّ يتألَّم؛ لتحصر معنى وصفةَ ما يُطْلق عليه المعنى الوضعيُّ الأصلي الجامعُ؛ فلا يتداخل مع المعاني المجازية الكثيرة كإسناد وُقُوعِ الظلمِ إلى الجماد مثلِ الأرض المظلومة (4) .. ثمَّ نعود إلى تأصيل الإمام ابن فارس للمادة الثانية؛ وهي (النُّور)، فنجد أنَّ المعنى من هذ المادة الذي يَرِدُ مُقارَناً ببعض معاني الظلام : لا يرد إلا مُقارَناً بمعنى مجازيٍّ مِن مادة (ظَلَمَ)؛ وهو معنًى ضِدُّ الضياء من (أظلم) الرباعي الذي هو معنى مجازي من الظُّلْم .. والإمام ابن فارس رحمه الله تعالى أصَّل للنور بمعناه الوضعي الأصلي الذي هو الضياء، وبأعراضه كالاضطراب، وقِلَّة الثبات، وسرعة الحركة، والبيان والظهور والثبات؛ فتميَّزت بذلك معانٍ مجازيةٌ أُخرى كمعنى النار والنَّوْرِ بفتح النون الـمُضَعَّفة، ومعنى المنار والمنارة كمنار الأرض والْـمِئذنة .

    قال أبو عبدالرحمن : سبحان ربي جَلَّ جلالْه مُعَلِّمُ اللغاتِ من عهد آدم إلى تبلبل الألسن؛ وهو سبحانه مُعَلِّمُ اللغات في تعليمه الملائكة عليهم السلام وجميع الـمَخلوقات قبل وجود بني آدم .. علَّمهم لُغةَ خطابِه إيَّاهم، ولغةَ تخاطبهم بينهم؛ وكانت لُغاتِ الخطاب مِن أعظم آيات الله كما في سورة الروم؛ ولهذا تتجدَّدُ معانٍ يُظَنُّ أنها شاذَّةٌ عن لغة العرب.. وما هي بشاذة، وما هي بضائعة؛ فقد أقمتُ البرهان في غير هذا الموضع على أنَّ لغةَ العرب لم يضع منها شيئٌ، ولكن لا يحيط بها إلا نبيٌّ كما قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى؛ فمِمَّا ظُنَّ شذوذهُ (النِّوَار) بالنون الـمُضَعَّفة المكسْورة، والواو المفتوحة الـمَمْدودة، و(النَّؤور) بالنون الـمُضَعَّفَة والهمزة على واو ممدودةٍ.

    قال أبو عبدالرحمن : كلا لم تَشِذَّ ولم تضع هذه المفردات ومعانيها؛ فأمَّا النِّوار بمعنى النِّفار فهو مجازٌ مِن وراءِ مجاز؛ مأخوذٌ من نارت النار إذا امْتَدَّ وأسْرَعَ ضياؤها وحرارتها .. والعامة في نجد - وهم ورثةٌ كثير مِن المفردات بمعانيها الفصيحة بتحريفٍ، وبدون تحريف كما بيَّنتُ ذلك وتقصَّيتُه في كُتُبي التي شرحت فيها الشعر العامي - لا تزال إلى هذا اليوم ولا سيِّما الباديةُ تستعمل (نارَ) بمعنى انطلق هارباً مُسْرِعاً؛ وسَمَّوا (مُنيراً) من الضياء، ومنيرةً .. وسَمَّوا (نِوَراً)، و(نَوَّاراً) مِن الضياء أيضاً؛ وَسََمَّوْا (نُوْرةَ)، وتصغيرها (نْوَيِّرْ) و(النُّوْريّْ) وصفاً بياء النسب؛ أَخْذاً مِن (نُوْرٍ النُّورَة) التي تستعملها النساءُ لإزالة شَعْرِ العانةِ؛ أَخْذاً مِن ضيائه؛ لكونه أبْيضَ ناصعاً؛ وهكذا تَتَشَعَّبُ معاني اللغة المجازيَّة .. ووصف الفُصحاءُ الْـمَرْأةَ العفيفَةَ التي تَنْفِرُ من الفاحشة بصفةِ (نَوارٍ)، والمصدرُ (نَوْراً) من فعْلِ (نارَتْ) .. وأعْرف من أسماء البادية (نُوَاراً) الدِّلح مِن فرسان البادية رحمه الله تعالى .. كان يأخذ الغنمَ الهزيلة من مَسْقَطِ رأسي مدينة (شقراء) أيَّامَ الربيع، ويرعاها، ويُشرِف على ولاداتها، ثم يُعيدها أيَّام الصيفِ بعد عامين أو ثلاثة أعوام وهي قطيعٌ مِن الغنم مُتَنامية، ويُسَمِّي العامةُ إعادتَها (صَلَّاً) .. يقولون: صَلَّ (نِوَارْ) الدلْح غَنَمَ أهل شقراء هذا اليوم .. وكان رحمه الله مع شجاعته (وأنا أَتَخَيَّلُهُ الآن مِن رُؤْيتي إيَّاه ولَـمَّا أبلغُ الحُلُمَ بَعْدُ) عريضَ الصدْرِ، كثَّ اللحية، يُزينها بالحِناءِ الشدَّيدةِ الُحُمْرةَ، ويرعاها بالتسريح والادِّهان والعِطْر الشرقي ولا سيما دُهْنُ العودِ على شُحِّهِ وارتفاعِ سِعْرِه .. وكان لاَ يفِدُ على والدي رحمهما تعالى إلا بقطعةِ من ظبيٍ، أو أرنبٍ، أو من أُنثى الضِّبابِ التي توصف بأنَّها مُكُونٌ .
    قال أبو عبدالرحمن : وَعَدَّ ابن فارسٍ رحمه الله تعالى مِن الشاذِّ (النَّؤُرَ) بالنون الْـمُضَعَّفَةِ، والهمزةِ الْـمَمْدُودَةِ بالواو بمعنى دُخانِ الفَتِيلَةِ يُتَخَّذُ وشْماً .. وما هو بشاذٍّ، بل هو مأخوذٌ مِن امتدادِ النارِ بسرعة؛ وفي هذا معنى قِلَّةِ ثباتها؛ فكلُّ هذا تَسْمِيةٌ مِن صفاتِ النارِ العارضة؛ وهكذا تتشَعَّبُ المعاني المجازية بأدنى الأسباب .. والعامة تُشَرِّبُ الصَّمْغَ بفتات الفتيلةِ المحترقة، وتَتَخِذُ منه حِبْراً .. وهكذا يعملون بما علق بباطن (الْمِقْرَصةِ)؛ وهي آلةٌ من النُّحاسِ يُغَطَّى بها التَّنور، وَيُنْضَجُ على ظاهرها أقراصٌ مِن الْبُرِّ ناعمةٌ، وَيُسَمُّون ما عَلِقَ بباطنها (سِنِوْ)، ولا يكاد يُسْتَعْمَلَ هذا اللفظ اليوم؛ ولعله مأخوذ مِن السَّناء؛ بل هو مأخوذٌ منه بيقين؛ وهذا غيرُ ما يُنضَجُ على جوانب التَّنوُّرِ إذا لم تُسْتَعْمَلْ الـمِقْرَصَةُ .. وكلُّ ما عَلِقَ بباطن الـمِقْرصة وجوانب التَّنُّور يُجلْى به الصَّدَأُ في الخاتمَ، وفي بعضِ الأواني ولا سيما مِن أوْعيةِ الصفْرِ المعروفةِ بـ (الدِّلالِ) سواءً أكانت من النحاس الأحمرِ الْـمُبَيَّضِ، أم مِن الصِّفْرِ الأصفر .. وذكر ابن فارس مِن الشاذِّ عَرْزَ اللِّثَةِ بالإثْمِدِ بآلةِ الإبْرةَ .. وما هو بشاذ؛ بل هو أَخْذٌ مباشِرٌ مِن الضِّياءِ؛ لأن الِّلثَّةَ تُضِيْئُ؛ ولهذا قالوا : (نَوَّرتْ الِّلثَةَ) .. وكلَّ لونٍ ناصعٍ : يَحُفُّ به الضياء ولو كان أَسْوَدَ؛ ولقد تقصَّيتُ ذلك في تحقيقي رسالة الألوان للإمام ابن حزم رحمه الله تعالى

  2. #2
    Ŀệġệńď
    اسہٰطہٰورة حہٰرفہٰ
    تاريخ التسجيل: March-2020
    الدولة: البـصرـةة
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 68,402 المواضيع: 19,934
    صوتيات: 249 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 48769
    موبايلي: HUAWEI Y9s
    شكرااا لك غلااا

  3. #3
    من المشرفين القدامى
    نـوتيلآ
    تاريخ التسجيل: August-2014
    الدولة: العرآق _مـيسـآن
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 70,103 المواضيع: 2,180
    صوتيات: 3 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 39708
    مزاجي: حسـب آلظـروف
    أكلتي المفضلة: آلسـمـگ
    موبايلي: كلكسي Ã12
    مقالات المدونة: 2
    يسلموو فقار

  4. #4
    احساس شاعر
    نورتو

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال