هوس الغرب بالحضارة المصرية القديمة (إيجيبتومانيا)
الهوس الغربي بفنون مصر القديمة موجود منذ العصور الرومانية واليونانية وحتى ما بعد العصر الحديث. وقد ساعدت كثير من الأحداث على إلقاء الضوء على وإحياء كثير من مظاهر الحضارة المصرية القديمة.ومن هذه الأحداث الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت عام 1789، واكتشاف هاوارد كارتر لمقبرة الملك توت عنخ آمون، ثم جولة معارض توت عنخ آمون الأوروبية في سبعينيات القرن الماضي.
كما ساعد المسافرون من السياح والكُتاب وغيرهم على نقل سحر الرسوم والنقوش الفرعونية القديمة إلى بلادهم.
وقد قام فنانو الغرب باستلهام الموتيفات والنقوش المصرية القديمة في تصميماتهم التي استخدموها في الأثاث والمجوهرات والإكسسوارات.
ومن الموتيفات الشهيرة التي استخدمها الغرب محاكاة للحضارة المصرية القديمة: الأهرامات وأبو الهول والمسلات والجعران وغيرها.
وتمثل فنون مصر القديمة هوساً خاصاً للولايات المتحدة الأمريكية وخاصة فى مجالات الأدب والعمارة والفن والسياسة والدين. وحتى اليوم يظهر الإعجاب بفنون مصر القديمة وخاصة الفرعونية منها فى الاحتفالات الغربية وفى متاحف العالم والتى تظهر الولع الغربى المتجدد بالفن المصرى القديم. وعلى سبيل المثال فإن المومياء تمثل عند الأمريكيين هوسهم بفكرة الأحياء الأموات والتحنيط وفكرة العودة للحياة للانتقام.
ومنذ القرن التاسع عشر فقد مثلت كليوباترا والكتابة الهيروغليفية والأهرامات للحضارات الغربية وخاصة للولايات المتحدة الأمريكية أمراً شديد الأهمية، فهناك مثلاً العديد من الأعمال الأدبية التى تظهر فيها إشارات للحضارة المصرية القديمة مثل "Lost In A Pyramid Or The Mummy’s curse" للويزا ماى ألكوت وThe Marble Faun لناثانيل هاوثورن بالإضافة للعديد من الأفلام التى تتحدث عن الحضارة المصرية القديمة.
ومن ناحية أخرى وبعد عودة نابليون بونابرت من مصر لفرنسا عام 1799 فقد انتشر بشكل كبير الولع فى فرنسا بكل ما هو متعلق بالحضارة المصرية القديمة وخاصة بعد أن أصدر الفنان الفرنسى Vivant Denon كتابه المصور Voyage dans la basse et la haute Egypte بالإضافة للعديد من الكتب والمنشورات والوثائق الأخرى. وقد امتد تأثير الحضارة المصرية القديمة فى فرنسا للعديد من الجوانب حتى أنه ظهر فى ورق الحائط الذى يحمل رسومات مصرية قديمة والأثاث الذى يأتى بنقوش فرعونية حتى أن ملامح المعمار المصرى القديم أو الفرعونى ظهر فى الفنادق والمنازل الفرنسية. وكان نابليون فى رحلته لمصر قد اصطحب معه عدداً من العلماء المتخصصين فى شتى أنواع العلوم والذين اهتموا بزيارة المعابد والمقابر الفرعونية والأهرامات وبقايا المدن القديمة ليظهر بعد ذلك علم المصريات أى دراسة الآثار المصرية القديمة دراسة علمية. وقد كان أوجوست مارييت واحداً من علماء المصريات والذى جاء لمصر عام 1850 موفداً من قبل الحكومة الفرنسية آنذاك للبحث عن بعض الآثار والمخطوطات والتى كان من ضمنها مخطوطات أوبرا عايدة والتى وضع لحنها الموسيقار الشهير فيردى. وقد أقيمت العديد والعديد من المعارض عن مصر فى باريس والتى حققت نجاحاً منقطع النظير.
ومن مظاهر الولع الفرنسى بمصر أيضاً اهتمام المكتبات الشديد بعرض الكثير من المؤلفات والكتب عن مصر القديمة والحضارة الفرعونية، هذا إلى جانب أن نسخ التحف المصرية الموجودة بمتحف اللوفر بباريس عليها إقبال شديد. وقد كان هناك العديد من قطع الأثاث الفرنسية التى تحمل نقوشاً وزخارف فرعونية مثل رأس فرعونى مصنوع من البرونز. وقد كانت معابد وأهرامات الحضارة المصرية القديمة مصدر وحى لكثير من الفنانين والشعراء والأدباء من العصر الرومانى حتى يومنا هذا. وبالإضافة لما سبق فإن الشكل الهرمى يحتل حيزاً هاماً فى مجال العمارة الحديثة وهو موجود فى العديد من المولات التجارية العالمية وفى المدخل الجديد لمتحف اللوفر بباريس.