كعب بن مالك لم يتخلف يوما عن غزوات الرسول صل الله عليه وسلم ولكنه تخلف في غزوة تبوك، فقد تخلف كعب لما تأخر في تجهيز نفسه عن القتال مع رسول الله، وفجأة أدرك كعب أنه تأخر ووجد نفسه وحيدا في المدينة وليس معه في المدينة سوى أصحاب الأعذار ورجالا من المنافقين.
ولما علم كعب أن رسول الله عاد من غزوته فزع وطلب من الجميع مساعدته في حل لمشكلته العويصة، وعرف كعب من الناس أن هناك من تخلف غيره وهما مرارة بن الربيع وهلالٌ بن أبي أمية الذين شهدوا غزوة بدر.
وذهب كعب للمسجد مسرعا لكي يعتذر لرسول، ورأى في المسجد من تخلف، وكان عدد الذين تخلفوا عن الغزوة حوالي 80 رجلا أو يزيد، وسلم كعب على رسول الله فقال النبي صل الله عليه وسل ما سبب تخلفك؟، فقال كعب الصدق لرسول الله ولم يذكر حجة أو عذر، وقال لرسول الله لا عذر لي يا رسول الله، فقال النبي أما هذا فقد صدق في قوله، فقال الرسول لكعب أذهب حتى يحكم الله في أمرك.
وتوقف الناس عن التعامل مع الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك، فقعد مرارة بن الربيع وهلالٌ بن أبي أمية في منزلهما، أما كعب فكان يخرج للمسجد ويصلي بين الناس، وأستغل ملك غسان وأرسل له رسالة لكي يواسيه فأحرق سيدنا كعب الرسالة لأنه فطن لغرض ملك غسان من الرسالة.
ولما مر خمسون ليلة أتى فرج الله لما تقبل توبة من تخف عن الغزوة، ونزل قول الله تعالى لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ).
وقال كعب بن مالك وقتها أن الله أنعم الله عليه بصدقه بعد نعمة الإسلام، فصدقه مع رسول الله ومع الله كان سببا لتقبل توبته.