جاء في الخبر أنه بأحد الأيام كان هناك شاب يمشي مع عالمه الجليل بوسط الحقول، وأثناء سيرهما سويا شاهد الشاب حذاء على بعد أميال بسيطة، اقترب منه ولاحظ أنه يخص أحد الفلاحين البسطاء الفقراء للغاية وقد تركه ليكمل عمله بأحد الحقول، وسيعود بعدها ليأخذه أول ما ينتهي من عمله؛ فقرر الشاب أن يمازح ذلك الفقير بأن يأخذ حذائه ويخبئه وينتظر ريثما يعود فيبحث عنه ولا يجده، وبعدها يظهره الشاب له، أراد الشاب أن يأخذ بنصح عالمه وإرشاده فعرض عليه ما فكر فيه.
عدل العالم الجليل تفكير الشاب فقال له ناصحا: “يا بني إن الله سبحانه وتعالى قد من عليك بالمال الوفير، فلم لا تستخدمه في إسعاد غيرك من الفقراء؛ بدلا من إخفاء الحذاء ضع به قطع من النقود، وانتظر لترى تعابير وجه الرجل الفقير”.
اقتنع الشاب بكل كلمة نصحه بها عالمه، فقام بوضع الكثير من النقود بداخل الحذاء، واختبأ وراء شجرة وانتظر ليرى ما الذي سيحدث، بعد قليل من الوقت خرج رجل رث الثياب من حقله، توجه إلى الحذاء وما إن أدخل قدمه اليمنى فيه حتى اصطدمت بشيء ما، وطأ ليكتشف حقيقتها وإذا بها قطع من النقود، تمكن الشاب من رؤية الذهول الذي رسم على ملامح وجهه، وعلى الفور أدخل يده في الثانية وإذا بها الكثير من قطع النقود أيضا، جثا على ركبتيه والدموع فاضت من عينيه حامدا الله شاكرا لأنعمه: “اللهم لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرضا، أشكرك ربي لأنك تطلعت لي ورزقتني برزق زوجتي المريضة والتي لا أملك المال لعلاجها، وأشكرك لتطلعك إلى حال أبنائي الصغار الذين لا أجد المال لإطعامهم”.
فاضت الدموع من عيني الشاب حرفيا، فقال له العالم: “أرأيت يا بني العطاء دائما أفضل بمراحل كثيرة من الأخذ، وقد رأيت ما أعلمه إياك أمام أم عينيك”.