قصة حدثت ببداية عصر التابعين، بيوم كان رجلا أعرابيا قادما من البادية بناقته، وكان منهكا للغاية من شدة تعب الطريق، فربط ناقته خارج بستان ونام ليريح جسده.
فقامت ناقته من شدة الجوع الذي ألم بها بقطع حبلها مما رأته من خضرة وأعشاب بالستان الذي يبعد عنها بقليل، وصاحبها نائم، فدخلت الناقة الجائعة إلى البستان وأتت فيه الفساد تأكل من هنا وتخرب هنا وهكذا إلى أن جاء صاحب البستان فوجدها، فضربها من شدة غضبه وحزنه على بستانه وما حدث فيه بسببها ليخرجها، ولكن كانت الضربة على رأسها فماتت الناقة.
استيقظ صاحب الناقة على صوت ناقته النافقة، فتصارع مع صاحب البستان وكان صاحب الناقة قوي البدنية، وأثناء الشجار القائم بينهما ضرب صاحب الناقة صاحب البستان على رأسه فمات، اجتمع الناس وهموا بصاحب الناقة إلى القاضي لينظر في أمره فقد أصبح قاتلا.
قال الأعرابي للناس من حوله: “دعوني أولا أعود إلى أهلي أوصي وأرجع لكم لينظر في أمري القاضي”.
اعترضوا على طلبه ولكن من حسن حظه أنه كان سيدنا “أبو هريرة” يمر أمامهم في هذه الآونة ويضمنه ليعود إلى أهله يوصيهم ويرد الأمانات إلى أصحابها؛ غاب الأعرابي شهر وورائه شهر آخر فذهب أهل القتيل إلى الضامن “أبي هريرة” فسألوه: “كيف تضمن امرئ لا تعلم عنه شيئا؟”.
فأجابهم قائلا: “حتى لا يقال قد ذهبت المروءة من أمة محمد”، وما هي إلا لحظات حتى جاء الأعرابي فسألوه: “ما الذي أتى بك يا رجل؟”، فأجابهم: “حتى لا يقال قد ذهب الوفاء بالعهد من أمة محمد”، فعفا عنه أهل القتيل قائلين: “حتى لا يقال قد ذهب العفو من أمة محمد”.