أحزان بنت كوردية
شعر : عبد الرحمن مزوري
ترجمة : بدل رفو المزوري
نحن وهي . ولدنا في ليلة واحدة . وسوية ترعرعنا وغدونا يافعين . هي العروس ونحن العرسان . تنبع مع جداولنا . وتهطل مع امطارنا . وترضع مع صغارنا . ونرقد سوية على سرير ومضجع واحد فمن لم ير (أحزان) . فأحزان بنت كوردية . إنها بلباس وأقراط (حيدرانية) . الحذاء الذي في قدميها .صنعته الخبرة (البابانية) . تمتهن الرقص والدبكة . على الطريقة (الشيخانية) . أحزان تلك . كانت تتنقل مع رحلنا البدو . وتأتي الى الزوزان . وتقف على جدالات وصراعات . الرعاة على المروج . ورأت بأم عينيها . كيف ان (خجوك) . ذات العينين الكحيلتين . صرعت (سيابند) . بجوى العشق . أحزان تلك . كانت تذهب مع جياعنا وفقرائنا . الى القفار والبرية . وتصنع الفحم . وتجلب اوراق الشجر . وتعقد جدائلها . وتشمر عن سواعدها . وتتنقل من احراش الى احراش كنحلة . وكانت تعود مساء إلى أكواخنا . منهكة ومرهقة وروحها تئن . أحزان تلك . كانت ترقد في بيت (الجزيري) . صديقة له ولحبيبته (سلمى) . وما كانت لترحل . وما كانت لتموت . ضيف ثقيل كالحمى . ومع ذلك ما كانوا غاضبين عليها . فكانوا الثلاث يأكلون من قدر واحد .وكانت لهما كالأم الحنون . أحزان تلك . احيانا كانت تحلق . (وتحط على برجا بَلَك) . في بلاط (بدرخان) . تتجول في فناجين قهوته . وتحت عباءته كانت تأوى الى الفراش .وكالجمار تحط على غليونه . لغاية ان غزا الشيب رأسه . وأصبح حظه عاثرا وتعيسا . وهدمت اسمه وداره . أحزان تلك . قطعت الجبال وحدها . الى ان وصلت محل (القاضي) . وكفرخ ثعلب وبمكر . نهضت وكسرت عصاه . في ذلك الصعود كان القاضي شيخا . هرما وحزينا . ارتعش وسقط . وكل سعادته وأفراحه . غدت اتراحا ومآسي . أحزان تلك .في الحقيقة كانت جدتي اما لأبي . ولهذا سموه . (صالح ابن خم) صالح ابن أحزان . وكانت احزانه كثيرة . تهطل عليه مزناً . كأحزان (زين ومم) . فإلتهمت الزوابع قاربه ولفته .وانقطع سبيله في منتصف الطريق . ولم يصل الشاطئ . أحزان تلك . هذا المساء . كانت في بيت (شيخ موس) . تغني . فأثارت اشجانه . وحطمت سدود عهوده . وحصدت مرج آماله . مرة واحدة . وأصبح كبده وروحه . مقطعا بالآلام . واحترق . أحزان تلك . تصبح حيوانا مخيفا . في بعض الليالي . وتقرع الابواب . باباً ... باباً . وتدخل البيوت . وترقص على انغام الناي . والأطفال يرتعبون منها . ويختبئون . وبألسنتهم الساذجة . يدعون عليها . ولا يقتربون منها . أحزان تلك . كانت حبيبة صديق عزيز . مفتول العضلات لفترة .وكان يعانقها كل يوم . يئن معها . وكانت تعلم بأنه كان تعيسا . ومرت الايام . فأصبح صديقي يبتعد وينفر منها . وأصبح قاب قوسين من الهلاك . أيتها البنت . (أحزان) الخادعة .يا عاشقة فتياننا . وتلالنا وجبالنا . كطائر القمري . ألا تنزلين من على رموشنا الذابلة . اسقطي ارضا . وغادري فراشنا . فقط لمسافة شبر . ابتعدي عن خيامنا المهلهلة .فاللعنة عليك . وليحرق الرب دارك . فنحن في فرار ونفور منك . ليل نهار . ولم نصمد امام سهامك القاتلة . بالله عليك . كفي عنا ولا تتعقبينا . كفي عنا ولا تتعقبينا ..