دعائم وتفاصيل الإيمان والكفر بالله
*
قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ)‏ :
إِنَّ اللَّهَ ابْتَدَأَ الْأُمُورَ فَاصْطَفَى لِنَفْسِهِ مِنْهَا مَا شَاءَ ، وَاسْتَخْلَصَ مِنْهَا مَا أَحَبَّ ، فَكَانَ مِمَّا أَحَبَّ أَنَّهُ ارْتَضَى الْإِيمَانَ فَاشْتَقَّهُ مِنِ اسْمِهِ ، فَنَحَلَهُ مَنْ أَحَبَّ مِنْ خَلْقِهِ ثُمَّ بَيَّنَهُ ، فَسَهَّلَ شَرَائِعَهُ لِمَنْ وَرَدَهُ وَأَعَزَّ أَرْكَانَهُ عَلَى مَنْ جَانَبَهُ ، وَجَعَلَهُ عِزّاً لِمَنْ وَالاهُ وَأَمْناً لِمَنْ دَخَلَهُ وَهُدًى لِمَنِ ائْتَمَّ بِهِ ، وَزِينَةً لِمَنْ تَحَلَّى بِهِ وَدِيناً لِمَنِ انْتَحَلَهُ وَعِصْمَةً لِمَنِ اعْتَصَمَ بِهِ ، وَحَبْلًا لِمَنِ اسْتَمْسَكَ بِهِ وَبُرْهَاناً لِمَنْ تَكَلَّمَ بِهِ وَشَرَفاً لِمَنْ عَرَفَهُ ، وَحِكْمَةً لِمَنْ نَطَقَ بِهِ وَنُوراً لِمَنِ اسْتَضَاءَ بِهِ وَحُجَّةً لِمَنْ خَاصَمَ بِهِ ، وَفَلْجاً لِمَنْ حَاجَّ بِهِ وَعِلْماً لِمَنْ وَعَى وَحَدِيثاً لِمَنْ رَوَى ، وَحُكْماً لِمَنْ قَضَى وَحِلْماً لِمَنْ حَدَثَ وَلُبّاً لِمَنْ تَدَبَّرَ ، وَفَهْماً لِمَنْ تَفَكَّرَ وَيَقِيناً لِمَنْ عَقَلَ وَبَصِيرَةً لِمَنْ عَزَمَ ، وَآيَةً لِمَنْ تَوَسَّمَ وَعِبْرَةً لِمَنِ اتَّعَظَ وَنَجَاتاً لِمَنْ آمَنَ بِهِ ، وَمَوَدَّةً مِنَ اللَّهِ لِمَنْ صَلَحَ وَزُلْفَى لِمَنِ ارْتَقَبَ ، وَثِقَةً لِمَنْ تَوَكَّلَ وَرَاحَةً لِمَنْ فَوَّضَ ، وَسُبْقَةً لِمَنْ أَحْسَنَ وَخَيْراً لِمَنْ سَارَعَ ، وَجُنَّةً لِمَنْ صَبَرَ وَلِبَاساً لِمَنِ اتَّقَى وَتَطْهِيراً لِمَنْ رَشَدَ ، وَأَمَنَةً لِمَنْ أَسْلَمَ وَرُوحاً لِلصَّادِقِينَ .
فَالْإِيمَانُ أَصْلُ الْحَقِّ ، وَأَصْلُ الْحَقِّ سَبِيلُهُ الْهُدَى ، وَصِفَتُهُ الْحُسْنَى وَمَأْثُرَتُهُ الْمَجْدُ .
فَهُوَ أَبْلَجُ الْمِنْهَاجِ مُشْرِقُ الْمَنَارِ مُضِي‏ءُ الْمَصَابِيحِ ، رَفِيعُ الْغَايَةِ يَسِيرُ الْمِضْمَارِ جَامِعُ الْحَلْبَةِ ، مُتَنَافِسُ السُّبْقَةِ قَدِيمُ الْعُدَّةِ كَرِيمُ الْفُرْسَانِ ، الصَّالِحَاتُ مَنَارُهُ وَالْعِفَّةُ مَصَابِيحُهُ ، وَالْمَوْتُ غَايَتُهُ وَالدُّنْيَا مِضْمَارُهُ وَالْقِيَامَةُ حَلْبَتُهُ ، وَالْجَنَّةُ سُبْقَتُهُ وَالنَّارُ نَقِمَتُهُ ، وَالتَّقْوَى عُدَّتُهُ وَالْمُحْسِنُونَ فُرْسَانُهُ .
فَبِالْإِيمَانِ يُسْتَدَلُّ عَلَى الصَّالِحَاتِ ، وَبِالصَّالِحَاتِ يُعْمَرُ الْفِقْهُ ، وَبِالْفِقْهِ يُرْهَبُ الْمَوْتُ ، وَبِالْمَوْتِ تُخْتَمُ الدُّنْيَا ، وَبِالدُّنْيَا تُحْذَرُ الْآخِرَةُ ، وَبِالْقِيَامَةِ تُزْلَفُ الْجَنَّةُ ، وَالْجَنَّةُ حَسْرَةُ أَهْلِ النَّارِ ، وَالنَّارُ مَوْعِظَةُ التَّقْوَى ، وَالتَّقْوَى سِنْخُ الْإِحْسَانِ ، وَالتَّقْوَى‏ غَايَةٌ لَا يَهْلِكُ مَنْ تَبِعَهَا وَلَا يَنْدَمُ مَنْ يَعْمَلُ بِهَا ، لِأَنَّ بِالتَّقْوَى فَازَ الْفَائِزُونَ وَبِالْمَعْصِيَةِ خَسِرَ الْخَاسِرُونَ . فَلْيَزْدَجِرْ أُولُو النُّهَى وَلْيَتَذَكَّرْ أَهْلُ التَّقْوَى .

*
فَالْإِيمَانُ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ : عَلَى الصَّبْرِ وَالْيَقِينِ وَالْعَدْلِ وَالْجِهَادِ .
فَالصَّبْرُ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ : عَلَى الشَّوْقِ وَالشَّفَقِ وَالزُّهْدِ وَالتَّرَقُّبِ .
فَمَنِ اشْتَاقَ إِلَى الْجَنَّةِ سَلَا عَنِ الشَّهَوَاتِ .
وَمَنْ أَشْفَقَ مِنَ النَّارِ رَجَعَ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ .
وَمَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا هَانَتْ عَلَيْهِ الْمُصِيبَاتُ .
وَمَنِ ارْتَقَبَ الْمَوْتَ سَارَعَ إِلَى الْخَيْرَاتِ .
- - - - -
وَالْيَقِينُ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ : عَلَى تَبْصِرَةِ الْفِطْنَةِ وَتَأَوُّلِ الْحِكْمَةِ وَمَوْعِظَةِ الْعِبْرَةِ وَسُنَّةِ الْأَوَّلِينَ .
فَمَنْ تَبَصَّرَ فِي الْفِطْنَةِ تَأَوَّلَ الْحِكْمَةَ .
وَمَنْ تَأَوَّلَ الْحِكْمَةَ عَرَفَ الْعِبْرَةَ .
وَمَنْ عَرَفَ الْعِبْرَةَ عَرَفَ السُّنَّةَ .
وَمَنْ عَرَفَ السُّنَّةَ فَكَأَنَّمَا عَاشَ فِي الْأَوَّلِينَ .
- - - - -
وَالْعَدْلُ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ : عَلَى غَائِصِ الْفَهْمِ وَغَمْرَةِ الْعِلْمِ وَزَهْرَةِ الْحُكْمِ وَرَوْضَةِ الْحِلْمِ .
فَمَنْ فَهِمَ فَسَّرَ جَمِيعَ الْعِلْمِ .
وَمَنْ عَرَفَ الْحُكْمَ لَمْ يَضِلَّ .
وَمَنْ حَلُمَ لَمْ يُفَرِّطْ فِي أَمْرِهِ وَعَاشَ بِهِ فِي النَّاسِ حَمِيداً .
- - - - -
وَالْجِهَادُ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ : عَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالصِّدْقِ عِنْدَ الْمَوَاطِنِ وَشَنَآنِ الْفَاسِقِينَ .
فَمَنْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ شَدَّ ظَهْرَ الْمُؤْمِنِينَ .
وَمَنْ نَهَى عَنِ الْمُنْكَرِ أَرْغَمَ أَنْفَ الْكَافِرِينَ .
وَمَنْ صَدَقَ فِي الْمَوَاطِنِ قَضَى مَا عَلَيْهِ .
وَمَنْ شَنِئَ الْفَاسِقِينَ غَضِبَ لِلَّهِ .
وَمَنْ غَضِبَ لِلَّهِ غَضِبَ اللَّهُ لَهُ .
فَذَلِكَ الْإِيمَانُ وَدَعَائِمُهُ وَشُعَبُهُ .

*
وَالْكُفْرُ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ : عَلَى الْفِسْقِ وَالْغُلُوِّ وَالشَّكِّ وَالشُّبْهَةِ .
فَالْفِسْقُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ : الْجَفَا وَالْعَمَى وَالْغَفْلَةِ وَالْعُتُوِّ .
فَمَنْ جَفَا حَقَّرَ الْمُؤْمِنَ وَمَقَتَ الْفُقَهَاءَ وَأَصَرَّ عَلَى الْحِنْثِ .
وَمَنْ عَمِيَ نَسِيَ الذِّكْرَ وَبَدْءَ خَلْقِهِ وَأَلَحَّ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ .
وَمَنْ غَفَلَ وَثَبَ عَلَى ظَهْرِهِ‏ وَحَسِبَ غَيَّهُ رُشْداً وَغَرَّتْهُ الْأَمَانِيُّ ، وَأَخَذَتْهُ الْحَسْرَةُ إِذَا انْقَضَى الْأَمْرُ وَانْكَشَفَ عَنْهُ الْغِطَاءُ وَبَدَا لَهُ مِنَ اللَّهِ‏ مَا لَمْ يَكُنْ يَحْتَسِبُ .
وَمَنْ عَتَا عَنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَلَيْهِ‏ ، ثُمَّ أَذَلَّهُ بِسُلْطَانِهِ وَصَغَّرَهُ بِجَلَالِهِ كَمَا فَرَّطَ فِي جَنَابِهِ وَاغْتَرَّ بِرَبِّهِ الْكَرِيمِ .
- - - - -
وَالْغُلُوُّ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ : عَلَى التَّعَمُّقِ وَالتَّنَازُعِ وَالزَّيْغِ وَالشِّقَاقِ .
فَمَنْ تَعَمَّقَ لَمْ يَنْتَهِ إِلَى الْحَقِّ وَلَمْ يَزْدَدْ إِلَّا غَرَقاً فِي الْغَمَرَاتِ ، لَا تَنْحَبِسُ عَنْهُ‏ فِتْنَةٌ إِلَّا غَشِيَتْهُ أُخْرَى فَهُوَ يَهْوِي فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ .
وَمَنْ نَازَعَ وَخَاصَمَ قَطَعَ بَيْنَهُمُ الْفَشَلُ وَبَلِيَ أَمْرُهُمْ مِنْ طُولِ اللَّجَاجِ .
وَمَنْ زَاغَ سَاءَتْ عِنْدَهُ الْحَسَنَةُ وَحَسُنَتْ عِنْدَهُ السَّيِّئَةُ وَسَكِرَ سُكْرَ الضَّلَالِ .
وَمَنْ شَاقَّ اعْوَرَّتْ عَلَيْهِ طَرِيقُهُ وَاعْتَرَضَ أَمْرُهُ وَضَاقَ مَخْرَجُهُ ، وَحَرِيٌّ أَنْ يُنْزَعَ مِنْ دِينِهِ مَنِ اتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ .
- - - - -
وَالشَّكُّ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ : عَلَى الْمِرْيَةِ وَالْهَوْلِ وَالتَّرَدُّدِ وَالِاسْتِسْلَامِ‏ .
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ يَتَمَارَى الْمُمْتَرُونَ .
وَمَنْ هَالَهُ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ .
وَمَنْ تَرَدَّدَ فِي رِيبَةٍ سَبَقَهُ الْأَوَّلُونَ وَأَدْرَكَهُ الْآخَرُونَ وَوَطِئَتْهُ سَنَابِكُ الشَّيَاطِينِ .
وَمَنِ اسْتَسْلَمَ لِهَلَكَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ هَلَكَ فِيهِمَا وَمَنْ نَجَا مِنْ ذَلِكَ فَبِفَضْلِ الْيَقِينِ .
- - - - -
وَالشُّبْهَةُ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ : عَلَى إِعْجَابٍ بِالزِّينَةِ وَتَسْوِيلِ النَّفْسِ وَتَأَوُّلِ الْعِوَجِ وَلَبْسِ الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ .
وَذَلِكَ أَنَّ الزِّينَةَ تَئُولُ عَنِ الْبَيِّنَةِ .
وَتَسْوِيلَ النَّفْسِ تُقْحِمُ إِلَى الشَّهْوَةِ .
وَالْعِوَجَ يَمِيلُ مَيْلًا عَظِيماً .
وَاللَّبْسَ‏ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ‏ .
فَذَلِكَ الْكُفْرُ وَدَعَائِمُهُ وَشُعَبُهُ .

*
وَالنِّفَاقُ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ : عَلَى الْهَوَى وَالْهُوَيْنَا وَالْحَفِيظَةِ وَالطَّمَعِ .
فَالْهَوَى مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ : عَلَى الْبَغْيِ وَالْعُدْوَانِ وَالشَّهْوَةِ وَالْعِصْيَانِ .
فَمَنْ بَغَى كَثُرَتْ غَوَائِلُهُ وَتَخَلَّى مِنْهُ وَنُصِرَ عَلَيْهِ .
وَمَنِ اعْتَدَى لَمْ تُؤْمَنْ بَوَائِقُهُ وَلَمْ يَسْلَمْ قَلْبُهُ .
وَمَنْ لَمْ يَعْدِلْ نَفْسَهُ عَنِ الشَّهَوَاتِ خَاضَ فِي الْحَسَرَاتِ وَسَبَحَ فِيهَا .
وَمَنْ عَصَى ضَلَّ عَمْداً بِلَا عُذْرٍ وَلَا حُجَّةٍ .
- - - - -
وَأَمَّا شُعَبُ الْهُوَيْنَا : فَالْهَيْبَةُ وَالْغِرَّةُ وَالْمُمَاطَلَةُ وَالْأَمَلُ .
وَذَلِكَ أَنَّ الْهَيْبَةَ تَرُدُّ عَنِ الْحَقِّ .
وَالِاغْتِرَارَ بِالْعَاجِلِ تَفْرِيطُ الْآجِلِ .
وَتَفْرِيطُ الْمُمَاطَلَةِ مُوَرِّطٌ فِي الْعَمَى .
وَلَوْ لَا الْأَمَلُ عَلِمَ الْإِنْسَانُ حِسَابَ مَا هُوَ فِيهِ .
وَلَوْ عَلِمَ حِسَابَ مَا هُوَ فِيهِ مَاتَ خُفَاتاً مِنَ الْهَوْلِ وَالْوَجَلِ .
- - - - -
وَأَمَّا شُعَبُ الْحَفِيظَةِ : فَالْكِبْرُ وَالْفَخْرُ وَالْحَمِيَّةُ وَالْعَصَبِيَّةُ .
فَمَنِ اسْتَكْبَرَ أَدْبَرَ .
وَمَنْ فَخَرَ فَجَرَ .
وَمَنْ حَمِيَ أَصَرَّ .
وَمَنْ أَخَذَتْهُ الْعَصَبِيَّةُ جَارَ .
فَبِئْسَ الْأَمْرُ أَمْرٌ بَيْنَ إِدْبَارٍ وَفُجُورٍ وَإِصْرَارٍ وَجَوْرٍ عَنِ الصِّرَاطِ .
- - - - -
وَشُعَبُ الطَّمَعِ : الْفَرَحُ وَالْمَرَحُ وَاللَّجَاجَةُ وَالتَّكَبُّرُ .
فَالْفَرَحُ مَكْرُوهٌ عِنْدَ اللَّهِ .
وَالْمَرَحُ خُيَلَاءُ .
وَاللَّجَاجَةُ بَلَاءٌ لِمَنِ اضْطَرَّتْهُ إِلَى حَمْلِهِ الْآثَامَ .
وَالتَّكَبُّرُ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَشُغُلٌ وَاسْتِبْدَالُ‏ الَّذِي هُوَ أَدْنى‏ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ .
فَذَلِكَ النِّفَاقُ وَدَعَائِمُهُ وَشُعَبُهُ .

*
وَاللَّهُ قَاهِرٌ فَوْقَ عِبَادِهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ ، وَاسْتَوَتْ بِهِ مِرَّتُهُ وَاشْتَدَّتْ قُوَّتُهُ وَفَاضَتْ بَرَكَتُهُ ، وَاسْتَضَاءَتْ حِكْمَتُهُ وَفَلَجَتْ حُجَّتُهُ وَخَلَصَ دِينُهُ ، وَحَقَّتْ كَلِمَتُهُ وَسَبَقَتْ حَسَنَاتُهُ وَصَفَتْ نِسْبَتُهُ ، وَأَقْسَطَتْ مَوَازِينُهُ وَبَلَّغَتْ رِسَالاتُهُ وَحَضَرَتْ حَفَظَتُهُ . ثُمَّ جَعَلَ السَّيِّئَةَ ذَنْباً وَالذَّنْبَ فِتْنَةً وَالْفِتْنَةَ دَنَساً ، وَجَعَلَ الْحُسْنَى غَنَماً وَالْعُتْبَى تَوْبَةً وَالتَّوْبَةَ طَهُوراً ، فَمَنْ تَابَ اهْتَدَى وَمَنِ افْتُتِنَ غَوَى مَا لَمْ يَتُبْ إِلَى اللَّهِ وَيَعْتَرِفْ بِذَنْبِهِ وَيُصَدِّقْ بِالْحُسْنَى ، وَلَا يَهْلِكُ عَلَى اللَّهِ إِلَّا هَالِكٌ . فَاللَّهَ اللَّهَ مَا أَوْسَعَ مَا لَدَيْهِ مِنَ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْبُشْرَى وَالْحِلْمِ الْعَظِيمِ ، وَمَا أَنْكَرَ مَا لَدَيْهِ مِنَ الْأَنْكَالِ وَالْجَحِيمِ وَالْعِزَّةِ وَالْقُدْرَةِ وَالْبَطْشِ الشَّدِيدِ ، فَمَنْ ظَفِرَ بِطَاعَةِ اللَّهِ اخْتَارَ كَرَامَتَهُ وَمَنْ لَمْ يَزَلْ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ ذَاقَ وَبِيلَ نَقِمَتِهِ هُنَالِكَ عُقْبَى الدَّارِ .
*
المصدر : (البحار : ج65، ص382، عن تحف العقول) .