النتائج 1 إلى 2 من 2
الموضوع:

ما هي المسلات؟ وفي أي حضارة ظهرت؟ وما أبعادها الدينية والثقافية؟

الزوار من محركات البحث: 149 المشاهدات : 883 الردود: 1
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: October-2013
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 85,855 المواضيع: 82,421
    التقييم: 21245
    مزاجي: الحمد لله
    موبايلي: samsung j 7
    آخر نشاط: منذ 9 ساعات

    ما هي المسلات؟ وفي أي حضارة ظهرت؟ وما أبعادها الدينية والثقافية؟


    ما هي المسلات؟ وفي أي حضارة ظهرت؟ وما أبعادها الدينية والثقافية؟

    تعتبر المسلات واحدة من الأعمال المعمارية العظيمة، فهي بأبعادها وانسيابيتها وشموخها تجعل المرأ حائرا متسائلا عن العباقرة الذين ابتدعوا هذا المجسم الضخم ونصبوه قائما، فما هي المسلات؟ وفي أي حضارة ظهرت؟ وما أبعادها الدينية والثقافية؟

    المسلة واحدة من أروع الابتكارات الهندسية الفرعونية، وعلامة من علامات عظمة المصريين القدامى، وأثر ناطق يحكي عن براعة المهندسين والنحاتين الذين استوطنوا أرض الكنانة في غابر الأزمان.
    أسماها قدماء المصريين باسم ”تخن“، كما هو وارد في نصوصهم القديمة، وعرفت لدى العرب باسم المسلة، والمسلة في لسان العرب هي الإبرة الكبيرة.
    وإن شئنا إعطاء تعريف هندسي للمسلة فإنه يمكن القول بأن المسلة عبارة عن مجسم معماري رباعي الأضلاع، تعلوه قمة هرمية مدببة، تعرف باسم ”بن بن“، وتنحة المسلة من قطعة واحدة من حجر الجرانيت الوردي غالبا، وتقوم على قاعدة مستقلة.
    الهدف من بناء المسلات:
    وأما عن الهدف من وراء بناء وتشييد هاته المسلات، فإن كلام الباحثين والمهتمين بهذا الموضوع قد طال وتشعب، وأغلبهم يربط بين المسلات وبين الأساطير والاعتقادات المصرية القديمة، ولقد دام الاعتقاد لوقت طويل بأن تلك النقوش والنصوص والرسوموات التي وضعت على المسلات، تخفي وراءها أسرارا من العلم الباطن، والذي يوصل صاحبه إلى القدرة على امتلاك قوى خارقة، أو أنها تحتوي على دروس في علم الفلك والأجرام ترشد إلى التنبأ بالمستقبل، والتكهن بما يخفيه لنا القدر.

    والأقرب إلى التصديق والقبول هو أن تلك الرسومات والنقوش تحكي عن الملك الذي أمر بنحت المسلة أو بناء المعبد الذي وضعت المسلة بجانبه؛ فالمعروف أن المسلات لم تكن تنصب بشكل مستقل، وإنما كانت توضع بمداخل المعابد غالبا، حيث تجد أمام كل معبد تقريبا مسلتين أو أكثر ترنوان بقمتها الهرمية نحو السماء.
    ولقد أصبح هذا التفسير هو المعتمد علميا بعد ما استطاع علماء التاريخ فك رموز اللغة الهيروغليفية، وترجمة النصوص المنقوشة على المسلات، فتبين أنها لا تتعدا كونها تأرخ لبعض الأحداث الهامة، وتبين سبب إنشا المسلة والملك الذي أمر بإنشائها.
    متى ظهرت المسلات:
    هناك جدل واسع بين المؤرخين حول تاريخ المسلات، ومن هي الأمم والحضارات التي كانت السباقة إلى إبداع هذا الشكل المعماري البديع، فمنهم من يقول إنهم الأمازيغ، وهناك فريق يرى بأن مملكة أكسوم بالحبشة قد تكون هي الرائدة في هذا المضمار، بينما يذهب آخرون إلى أن الدولة المؤابية بالأردن كانت صاحبة السبق في هذا المجال، في حين يذهب جمع آخر من الباحثين إلى القول بأن المسلة التي كتب عليها قانون حمورابي الموجودة في العراق هي واحدة من أقدم المسلات وأعرقها. ولكن الجم الغفير من الباحثين والمؤرخين يرجح بأن الفراعنة هم أول من ابتدع صناعة المسلات.
    وحتى الآن، وانطلاقا من الاكتشافات الموجودة والمعطيات المتوفرة، فإن الفريق القائل بأن الحضارة المصرية القديمة هي الرائدة والسباقة إلى نحت المسلات، يبدو هو الأقرب إلى الصواب والأقوى دليلا.
    فبخصوص المسلة الموجودة ببلاد الرافدين، والتي سطرت علها بنود شريعة حمورابي، فإنها قد صنعت ونحتت من حجر الديوريت الأسود، وصيغت ف شكل مخروطي، ونقشت عليها حوالي 280 مادة قانونية، ويعود تاريخها إلى حوالي 1700 سنة قبل الميلاد.

    وأما عن الدولة المؤابية، فإنها حضارة قامت بالأردن شرقي البحر الميت، في الفترة ما بين 1200 ق.م و 540 قبل الميلاد، ولقد عثر في هاته المنطقة على أقدم مسلة تاريخية ببلاد الشام، وتعرف هاته المسلة اليوم بمسلة ”ميشع“، ولقد نقش على هاته المسلة نص يقع في 34 سطرا، يسلط الضوء على جانب من تاريخ وثقافة المؤابيين، بالإضافة إلى كونه يخلد ذكرى انتصار المؤابيين على العبرانيين بالعبارة التالية:
    ”بدات إسرائيل، بادت إسرائيل إلى الأبد“.
    إلا أن عمر هذه المسلة المنحوتة من حجر البازلتن يعود إلى حوالي 842 عاما قبل الميلاد فقط.
    بقي أمر المسلات الموجودة ببلاد الحبشة، والتي تعود إلى عهد مملكة أكسوم، حيث لا زالت بعض المسلات قائمة هنالك إلى يومنا هذا، والبعض الآخر لا زال ملقى على الأرض في مواقع نحت المسلات، والتي يبدو أن مهمة نحتها وقفت في منتصف الطريق.
    ولقد كان الهدف من المسلات بانسبة للأكسوميين هو جعلها شواهد لقبورهم، ولقد كان حجم المسلة ونوع الحجر الذي تنحة منه متعلقا بمكانة الشخص المدفون في ذلك الرمس الذي قامت المسلة شاهدا عليه، وكانت توضع على تلك المسلات بعض الشعارات التي يتم لصقها على المسلة باستعمال المسامير، ولم يحدد الباحثون حتى اليوم ما إذا كانت تلك الشعارات قد وضعت عليها في أيام نحتها ونصبها شاهدا للقبور، أم أنها ألصقت عليها فيما بعد.
    والذي يلفت النظر هو أن بعض المسلات، وخاصة الكبيرة منها، كان يوضع بمقربة منها حجر ضخم واسع، ملقى على أوتاد خشبية.
    وعلى الرغم من كل ذل، فإن مملكة أكسوم كانت حديثة نسبيا، حيث عمرت هاته المملكة في الفترة ما بين سنة 50 للميلاد و 940 للميلاد، وبناء على ذلك فإن أقدم مسلة أكسومية لن تتجاوز عام مائة للميلاد.
    هذا ما يتعلق بالمسلات البابلية والمؤابية والأكسومية على وجه الاختصار، فماذا عن المسلات المصرية؟
    المسلات الفرعونية:
    تطورت المسلات عند الفراعنة عن حجر البن بن، وهو حجر هرمي الشكل، يعتمد على أربعة قواعد، ويسمو بقمته نحو السماء، ويقال بأنه كان يرمز لدى الفراعنة إلى قواعد الأرض الأربة المرتفعة بشكل هرمي نحو السماء، وحجر البن بن هذا هو ذلك الهرم الذي يكلل رأس المسلات حاليا.
    ومع تولي الأسرة الفرعنية الخامسة الحكم في مصر، وذلك في الفترة ما بين 2560 و 2420 قبل الميلاد، شاع استعمال المسلات، وبدأت تقوم بدور هام في المعابد المصرية، وصارت الرمز الدال على إله الشمس رع, ثم اطرد الأمر أكثر، وصار نصب المسلات طقسا يقوم به كل حاكم تقريبا.
    وفي الأسرة الثانية عشرة من السلالات الفرعونية، والتي حكمت في الفترة ما بين 1990 و 1800 قبل الميلاد، أقام الملك سنوسرت الأول (ت 1928 ق.م) مسلتين أمام معبد إله الشمس رع، الكائن بمدينة هيليوبوليس، وذلك بمناسبة احتفاله بعيد التتويج، ولا تزال إحدى المسلتين قائمة في مكانها تجابه عوائد الزمان إلى يوم الناس هذا، وهي واحدة من أقدم خمس مسلات لا زالت قائمة وثابتة في مكانها حتى عصرنا الحالي منذ ان أقامها الفراعنة في مكانها.

    وأما الملك تحتمس الأول (ت 1510 ق.م) فإنه يعد أكثر الملوك الفراعنة تشييدا للمسلات، وفي إحدى المسلات التي أقامها بمعبد الكرنك بالأقصر، نجد نصا منقوشا يحكي على لسان الملك تحتمس الأول أمجاده وانتصاراته، وتفاخره بحكم معظم العالم، وعبارته كما يلي:
    ”لقد جعلت حدود مصر واسعة كدائرة الشمس، وقويت الذين كانوا في خدمتي، وطردت عنهم الشر، وجعلت مصر سيدة العالمين“.
    ونجد الملكة حتسبسوت (ت 1486 ق.م) ـ والتي تحدثنا عنها في مقالنا عن أشهر النساء اللاتي حكمن في التاريخ ـ قد أمرت بإقامة مسلتين للإله أمون بمعبد الكرنك.
    ولقد كان من دأب الفراعنة إقامتهم لمسلتين متجاورتين، ولم يعهد عنهم إقامة مسلة منفردة إلى أن جاء الملك تحتمس الرابع (ت 1405 ق.م) فأقام مسلة منفردة، وهي التي تعرف الآن بمسلة اللاتريان، وتوجد الآن بروما، وهي واحدة من أعلى المسلات الفرعونية، حيث يبلغ ارتفاعها 30,70 مترا.

    وهكذا نلحظ بأن نصب المسلات كان أمرا شائعا في الحضارات القديمة، وأن الحضارة الفرعونية هي السباقة إلى ابتداع المسلات ونحتها، ونلاحظ أيضا تقارب الدور الذي لعبته المسلة في الحضارة الفرعونية والحضارة الأكسومية، حيث تتخذ مشاهد للقبور، أو توضع بمداخل المعابد، إلا أن المصريين نصبوها لأجل آلهتهم، والأكسوميون وضعوها علامات لقبور موتاهم.
    ونلاحظ أن المسلة في الحضارة البابلية والحضارة المؤابية كان لها دور مغاير، حيث أنها جعلت أداة لتوثيق البنود والشرائع، أو لتسجيل الأحداث الهامة، كما هو الحال مع المسلة المتواجدة بالعراق والتي حفظت عليها نصوص شريعة حمورابي، ومسلة ميشع سجل عليها حدث انتصار المؤابيين بزعامة ملكهم ميشع على العبرانيين.
    ولكنه من المؤسف أن نرى بأن معظم ذلك التراث الذي ورثناه نحن العرب عن أسلافنا قد هرب ونقل إلى الخارج، وأنه صار ملكا لغيرنا؛ فمسلة ميشع تتواجد اليوم بمتحف اللوفر بفرنسا، ولقد طالب الأردنيون مرارا بإعادتها إليهم، ولكنهم لم يجدوا أذنا صاغية.
    وأما المسلات المصرية فأغلبها أصبح اليوم معالم منتصبة في كبريات العواصم الغربية، وندعوكم لقراءة مقالنا عن أهم الأماكن التي تتواجد بها المسلات الفرعونية اليوم خارج مصر، لتتم الفائدة، ونكون قد أحطنا بهذا الموضوع من جوانب عدة.
    ولمن يريد التوسع في موضوع المسلات والعمارة القديمة بشكل عام، فإننا ندعوه لقراءة كتاب ”العمارة وحلقات تطورها عبر التاريخ القديم“، للدكتور هشام عبود الموساوي، فإنه كتاب قيم ومفيد، بالإضافة إلى كونه قد استوفى الموضوع حقه، وأسهب فيه شرحا وتحليلا

  2. #2
    من المشرفين القدامى
    تاريخ التسجيل: June-2018
    الدولة: بــــغـــداد
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 35,730 المواضيع: 5,001
    صوتيات: 1 سوالف عراقية: 1
    التقييم: 24253
    مزاجي: متغير
    شكراً "

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال