وسِينُ الاِسْتِقْبَالِ جَاءَتْ فِي خَبَرْ *** لَعَلَّ عَنْهُمْ وَعَسَى لكِنْ نَدَرْ
وأَلحَقَتْ كَــافَ الإِنَاثِ سِيْنَــا *** فِي الوَقْفِ بَكْرٌ وتَمِيمٌ شِيْنَا
بَكْرٌ وَتَمِيْمٌ: قبيلتان، ولِذا قُلتُ: (وأَلحَقَتْ) بِتَاءِ التأنيث، و(كافَ وسِينَا) مفعولا (أَلحَقَتْ)؛ وتَقْدِيرُ: وتميمُ شِينَا: وأَلحَقَتْ كافَ الإِناثِ في الوقفِ تَمِيمٌ شينًا.
اعلمْ: أنَّ السينَ حرفٌ مُهْمَلٌ، أيْ: لا عَمَلَ لَهُ، وتكُونُ لِلتَّنْفِيس، وزائدةً في الوقفِ لبيانِ الحركةِ.
فَأَمَّا سِينُ التَّنفِيس (فَيَخْتَصُّ بالمضَارِع ويُخَلِّصُهُ للاستِقبَالِ، ويَتَنَزَّلُ منهُ منزلةَ الجُزءِ، ولِذا لمْ يعملْ فيهِ مَعَ اختصَاصِهِ بِهِ)، وأَمَّا دُخُوله على الفِعْلِ المقْرُونِ بـ( الآنَ) في قوله:
فَإِنِّي لَسْتُ خَاذِلَكُمْ وَلَكِنْ *** سَأَسْعَى الآنَ إِذْ بَلَغَتْ أَنَاهَا
فالمرادُ بِهِ التَّقْرِيبُ ، ولمْ يردْ – كما قال المُرَادِيُّ – بـ(الآن) الزَّمن الحَاضر حَقِيْقَةً.
ومنهُم مَنِ ادَّعَى أَنَّها تَأْتِي لمُجَرَّدِ الاسْتِمْرَارِ لا الاسْتِقْبَالِ فَقَط.
قيلَ: ومِنْهُ: (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ) ، إذْ هيَ نَزَلَتْ بَعْدَ قولِهِم ذلكَ، ذَكَرَهُ ابنُ عَجْلُون في شَرْحِ قولِ صاحبِ الشَّيْبَانِيَّةِ:
* سَأَحْمد رَبِّي طَاعَةً وَتَعَبُّدَا *
وابنُ هشامٍ في المغني ورَدَّه بأنَّ سبق قولهم على النُّزُول خلاف المفهومِ من كلام الزمخشري، وعلى تسليم ذلك: فالحقُّ أنَّ السين فيها للاستقبالِ، وأنَّ (يقول ) بمعنى: يستمرُّ على القول، وذلك مستقبلٌ، وأنَّهُ في المضارعِ نظير الأمر في (يأيها الذين آمَنوا آمِنوا).
وندرَ دخولُها في خبريْ (لعلَّ) و (عسى) كقوله:
فَقُولا لها قولاً رقيقًا لَعَلَّها *** سترحَمُني من زفرةٍ وعويلِ
وقولِهِ:
عسى طيِّئ مِنْ طيئٍ بعد هَذِهِ *** ستُطْفِئُ غُلاتِ الكُلَى والجوانِحِ
وأمَّا الزائدةُ للوقفِ فهيَ في لغةِ بكرٍ يزيدُونَها بعد كافِ المؤنثةِ في الوقفِ، لبيانِ حركةِ الكاف نحو: (عَلَيْكِس) و (مررتُ بِكِسْ)، وإذا وصلُوا حذفوها لِزوالِ اللبسِ بالحركة.
وهكذا حُكْمُ شِيْنِ تميمٍ.
والأولى تُسَمَّى: كَسْكَسَةَ بكرٍ، وهذه كَشْكَشَةُ تميمٍ، وهما لغتان قليلتان.
ومنهم من يقلبُ كافَ الإناثِ في الوقف شينًا فيقولُ: مررتُ بش، وأمَّا في الوصل كقولِهِ يخاطبُ ظبية:
فعينُشِ عيناها وجِيْدُشِ جِيدُها *** ولكِنَّ عَظْمَ السَّاقِ مِنْشِ دقيقُ
(فشاذٌ)