النتائج 1 إلى 2 من 2
الموضوع:

ما هو دور العراق فى الحرب العالمية الثانية؟

الزوار من محركات البحث: 243 المشاهدات : 1044 الردود: 1
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: October-2013
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 82,268 المواضيع: 78,935
    التقييم: 20697
    مزاجي: الحمد لله
    موبايلي: samsung j 7
    آخر نشاط: منذ ساعة واحدة

    ما هو دور العراق فى الحرب العالمية الثانية؟


    ما هو دور العراق فى الحرب العالمية الثانية ؟

    امتد لهيب الحرب العالمية الثانية إلى جميع أنحاء العالم، و وقع أذاها على كل بلد من البلدان، وشاركت فيها بشكل أو بآخر معظم الدول، فما هو دور العراق فى الحرب العالمية الثانية؟

    كان العراق يئن تحت وقع الاحتلال البريطاني، فلما نشبت الحرب العالمية الثانية، أراد العراق تجربة القوة لتخليص نفسه من قيود الاحتلال، تعالوا نتناول بشيء من التفصيل حركة رشيد عالى الكيلاني، ومحاولات التواصل مع المحور، والأمانى العربية التى طالب بها زعماء العراق.
    1. العراق قبيل الحرب:

    كان وضع العراق يشبه مصر فى أنه مقيد بمعاهدة تحالف مع بريطانيا، على أن هذه المعاهدة ترجع إلى عام 1930م، وكانت المدة بين توقيع المعاهدة وبدء الحرب كافية لإجلاء القوات البريطانية عن العراق، باستثناء قاعدتي الحبانية والشعيبة، ومن هناك كانت وطأة الاحتلال فى العراق أخف منها فى مصر، مما أتاح للحكومة العراقية حرية كبيرة فى تصرفاتها.
    كذلك كان العراق دائمًا بعيدًا عن جبهة القتال، وكان أكثر تأثرًا بالقضايا العربية، ولا سيما مشكلة فلسطين وتحرير سوريا ولبنان من الاحتلال الفرنسي، وكذلك كان جيش العراق أكبر الجيوش العربية، وذلك لأن العراق كان يعانى من الثورات الداخلية، فاقتضت المصالح البريطانية تقوية الجيش العراقي لمواجهة تلك الحركات.
    أدى هذا الوضع إلى اشتغال الجيش العراقي بالسياسة، فمنذ سنة 1936م بدأت سلسة من الانقلابات انتهت بانقلاب 1 أبريل 1941م، الذى حول العراق إلى تجربة القوة مع بريطانيا، ولم يكن الصراع داخل الجيش يعبر إلا عن فئات عسكرية تسعى للسيطرة على القيادة العسكرية، ولا نقول السلطة ؛ لأن الانقلابات المتتابعة كانت تكتفى بتبديل حكومة بأخرى.
    وحينما ابتدأت الحرب، كان ممثلو الطبقة القديمة من الساسة، هما رشيد على الكيلاني، ونورى السعيد، وقد كان الأول ينتمى إلى أسرة مؤسس إحدى الطرق الصوفية المعروفة، وكان يشغل منصب رئيس الديوان، والثانى من أبناء بغداد الذين نشأوا فى الجيش العثماني، وكان يشغل منصب رئيس الوزراء.
    2. قطع العلاقات مع ألمانيا:

    بادر نورى السعيد إلى قطع العلاقات مع ألمانيا، تنفيذًا لمعاهدة التحالف مع بريطانيا، وقد أراد إعلان الحرب على ألمانيا، إلا أنه اصطدم برشيد الكيلاني الذى رفض ذلك رفضًا قاطعًا، وتم رفض قرار الحرب فى المجلس العالي، وكذلك رفض الجيش العراقي ذلك الأمر.
    تأثر نورى السعيد نتيجة ذلك، إضافة إلى أن بريطانيا لم تتحمس لإشراك العراق فى الحرب مثلما فعلت مع مصر، وقد شاع اعتقاد بأن السعيد قرر التخلى عن الحكم للكيلاني حتى يتخذه أداة لتنفيذ سياسته، وبالفعل قدم السعيد استقالته فى فبراير 1940م، فاجتمع ضباط الجيش وبحثوا استبعاد من يميلون إلى بريطانيا من الوزارة، وقد انقسم الضباط على أنفسهم فى هذا الأمر.
    3. وزارة الكيلاني (مارس 1940م – يناير 1941م):
    كان الكيلاني يختلف عن السعيد فى نظرته للعلاقات العراقية البريطانية، فقد كان السعيد يذهب إلى حد التضحية بمصالح العرب إذا تعارضت مع بريطانيا، أما الكيلاني فيوافق على مبدأ المحالفة البريطانية كوسيلة لتحقيق الأمانى العربية، فإذا تعارضت معها، فإنها تصبح محل نظر.
    أراد الكيلاني أن يحشد فى وزارته أكبر عدد من رؤساء الوزارات السابقين، فضمت وزارته عددًا منهم، وكان من أولئك نورى السعيد، وظن الكيلاني أن مثل هذه الوزارة أقدر على مواجهة ظروف الحرب، ولكنه أخطأ فى أنه أراد تنفيذ سياسة جديدة بواسطة نفس الأشخاص، وأخطأ فى إسناد وزارة الخارجية إلى نورى السعيد، الذى أصبح مطلعًا على جميع تصرفات الرئيس فيما يتعلق بالعلاقات الدولية، مما أدى إلى إضعاف مركز الكيلاني أثناء محاولته مساومة الطرفين المتحاربين.
    أ. سياسة رشيد الكيلاني تجاه الحرب:

    لم يكن بمقدور الكيلاني اتباع سياسة الحياد، لوجود المعاهدة، ولكنه قدم إلى مجلس النواب برنامجًا يعلن الاستمرار على احترام المعاهدة، ولكنه يقرن ذلك بعدة تحفظات منها:
    (1) عدم التساهل تجاه المطالب الإنجليزية التى تخرج عن نصوص المعاهدة، إلا ما كان فيه مصلحة للطرفين، أو ما كان فيه ضمان لاستقلال العراق.
    (2) تزويد الجيش العراقي من أي مصدر كان، طالما عجز الإنجليز عن تقديم كل ما يحتاج إليه العراق من سلاح.
    كما رفع الكيلاني الأحكام العرفية، وأفرج عن الكثير من المعتقلين السياسيين، ولم يكن ليرضى عن الوضع النيابي القائم، لاحتلال أنصار نورى السعيد عددًا هامًا منه، ولكنه لم يطلب حل المجلس وإجراء انتخابات جديدة إلا عام 1941م.
    ب. الكيلاني وإعلان الحرب على إيطاليا:
    حينما أعلنت إيطاليا الحرب على بريطانيا، رفض الكيلاني قطع العلاقات معها، ورأى استغلال تلك الفرصة للحصول على بعض المكاسب نظير قطع العلاقات، فلم يشأ تكرار خطأ السعيد بقطع العلاقات مع ألمانيا دون مقابل، ومرة أخرى احتدم الخلاف بين الكيلاني و وزير خارجيته، الذى لم يكن بوسع الكيلاني إخراجه من الوزارة خشية إنتقام بريطاني.
    ج. الحكومة العراقية وقضية فلسطين:
    لما كانت قضية فلسطين هي محك الأمانى العربية فى نظر الكثير من العراقيين، فقد أصبحت هذه القضية محور المحادثات التى جرت بين المبعوث البريطاني ( نيوكومب ) وبين الحكومة العربية، وكانت المطالب العربية هي تسليم السلطة للعرب فى فلسطين، وقد عاد نيوكومب وهو مقتنع بضرورة فعل شيء لاسترضاء العرب، ولكنه اصطدم بتشرشل المعجب بالصهيونية، وبفشل بعثة نيوكومب رجحت كفة المؤيدين للاستفادة من المحور.
    4. الاتصالات السرية بالمحور:
    أ. المحادثات الأولى مع ألمانيا:

    بدأ الكيلاني يجس نبض المحور فى الوقت الذى كانت المحادثات فيه دائرة مع بريطانيا، وكان على صواب فى هذا الاتجاه، خلافًا لمفتى فلسطين أمين الحسيني، الذى كان يائسًا من بريطانيا، ويرى أنه لا مجال لخدمة القضايا العربية إلا بالتفاهم مع المحور، ومنذ أن انتقل الحسيني إلى بغداد، وهو يجمع حوله كبار اللاجئين العرب وقادة الجيش العراقي.
    وقد كانت اللجنة العربية العليا التى ذكرت فى المحادثات مع ألمانيا تتألف من الحسيني وهؤلاء اللاجئين، على أنه تكونت لجنة أخرى بعد خروج الكيلاني من الحكم ضمت الكيلاني والحسيني وقادة الجيش، وقد كانت تلك اللجنة هي المسيطرة على حكومة انقلاب أبريل 1941م.
    إذن فإن المحادثات مع ألمانيا تمت عن طريق اللجنة العربية و رئيس الحكومة بصفة شخصية، ولكن من المؤكد وجود تنسيق بين الجهتين، وقد عهد الكيلاني إلى ناجى شوكت وزير العدل مهمة الاتصال بالمحور، فقدم ذلك الوزير إلى السفير الألماني بأنقرة، لكنه وجد إعراضًا منه، وأخبره بأن إيطاليا هي المعنية بالشئون العربية.
    ب. المحادثات مع إيطاليا:
    كان العرب ينظرون بحذر إلى إيطاليا بوصفها دولة احتلال لا فرق بينها وبين بريطانيا وفرنسا، ولكن مفتى فلسطين لم يكن يرى للعرب مجالاً للاختيار بين المعسكرين، فلا مناص من محاولة إقناع إيطاليا بالتراجع عن سياستها الاستعمارية، وتوثقت الصلات بين السفير الإيطالي ومفتى فلسطين، وقد قدم السفير عهدًا إلى الكيلاني باسم وزير خارجية إيطاليا بتأمين الاستقلال التام لسوريا ولبنان والعراق، ولكن التصريح سكت عن مصر والسودان حيث الأطماع الإيطالية، إضافة إلى أن التصريح قدم باسم وزير خارجية إيطاليا، ولدى العرب عقدة من مثل هذه التصريحات، التى ذاقوا مرارتها فى وعد مكماهون للشريف حسين، كذلك كان العرب يتطلعون إلى ألمانيا لا إيطاليا، فكان لا بد من استئناف السعي لدى الألمان.
    ج. استئناف المحادثات مع ألمانيا:
    ذهب عثمان كمال حداد سكرتير أمين الحسيني إلى برلين فى مهمة سرية عام 1940م، وقد قابل رئيس القسم العربي فى وزارة الخارجية الألمانية، وقد كان رئيس القسم سفيرًا لألمانيا فى العراق سابقًا، وقد قدم المبعوث العربي مطالب تعبر بحق عن الأمانى العربية:
    (1) تعترف ألمانيا وإيطاليا بالاستقلال التام للبلاد العربية المستقلة آنذاك، وبالاستقلال التام لسوريا، ولبنان، وفلسطين، والأردن، والكويت، وعمان، ومسقط، وحضرموت، وضم عدن إلى اليمن.
    (2) تعلن ألمانيا وإيطاليا بصورة قاطعة بأن ليس لهما مطامع فى مصر والسودان، وتعترفان باستقلال مصر والسودان التام، وإلغاء التحفظات البريطانية عليهما.
    (3) تتعهد ألمانيا وإيطاليا بعدم اللجوء إلى أي أسلوب ضد استقلال الدول العربية، مثل أسلوب الانتداب الذى اخترعته عصبة الأمم.
    (4) تعترف ألمانيا وإيطاليا بحق تأسيس الوحدة العربية، وعدم وضع العراقيل فى سبيل إنشائها.
    (5) تعترف ألمانيا وإيطاليا للعرب بحق إيجاد حل عادل لقضية فلسطين، ولا تساند بأي شكل الحركة الصهيونية.
    ويبدو أن الألمان لم يأخذوا هذه المحادثات مأخذ الجد، خاصة إذا ذكرنا أن اللجنة العربية كانت تتألف من لاجئين سياسيين، وبينما كانت المحادثات دائرة، أرسلت الحكومة الألمانية منشورًا سريًا إلى سفرائها فى الخارج أشارت فيه إلى تلك المحادثات، وتوضح أن إعادة التشكيل السياسي للمنطقة العربية من اختصاص إيطاليا وحدها، وتحتفظ ألمانيا بحق استغلال النفط وطرق المواصلات.
    د. كمال حداد والمحادثات مع حكومة روما:

    كان على كمال حداد متابعة اتصالاته فى روما، وهناك لوح بالمصالح الاقتصادية التى ستجنيها إيطاليا فى حالة انتهاء الإحتلال البريطاني والفرنسي، وقد تصادفت زيارته مع بدء الهجوم الإيطالي على مصر، ولذلك رأت إيطاليا إرجاء هذا الموضوع، ولكن الأوضاع قد تطورت فى الشرق الأوسط، فأصدرت ألمانيا وإيطاليا تصريحًا بتأييد استقلال البلاد العربية.
    ولكن الألمان كانوا يريدون الثورة العربية ضد الإنجليز فى فلسطين والعراق قبل مدها بالمعونة العسكرية، ومعنى ذلك نقض معاهدة 1930م دون استعداد لمقابلة العدوان البريطاني، ونتيجة لذلك أرسل كمال حداد إلى الكيلاني يدعوه إلى عدم الاعتماد على ألمانيا.
    هـ. المحادثات مع الاتحاد السوفيتي:
    فى ذلك الوقت لم يكن الخلاف قد بدأ بين ألمانيا والاتحاد السوفيتي، وقد كان بينهما ميثاق عدم اعتداء، ولذلك فكر الكيلاني فى إنشاء علاقات دبلوماسية مع الاتحاد السوفيتي مقابل تأييد الأمانى العربية، ورأى أن العرب سيستفيدون من ذلك، ففى حالة بقاء الصداقة الألمانية السوفيتية، فإن الاتحاد السوفيتي سيصبح عاملاً مساعدًا لتأييد استقلال العرب، وفى حالة انهيار الميثاق، فإن السوفييت سيصبحون فى مركز أقوى لمساعدة العرب حين انتصار الحلفاء، لكن حكومة موسكو لم تكن تريد إغضاب بريطانيا، ولم يكن ستالين يريد توريط بلاده مع بريطانيا من أجل منطقة لا يهتم بها كثيرًا.
    5. انقلاب 1 أبريل ”نيسان“:

    من الراجح أن نورى السعيد قد أطلع بريطانيا على الاتصالات التى جرت بين المحور والحكومة العراقية، فتعرضت حكومة الكيلاني لألوان مختلفة من الضغط، كما أعلن نورى السعيد اختلافه مع الكيلاني فى السياسة الخارجية، ثم امتنعت بريطانيا عن شراء التمر وهو من المحاصيل الرئيسية، فاتجه الكيلاني إلى فتح باب لبيع محصول التمر لدى اليابان، وهي ما تزال دولة محايدة، وانتهز تلك الفرصة لشراء أسلحة حديثة، فرحبت اليابان بذلك.
    أرادت بريطانيا الخروج من هذا المأزق، ولكن بدون أن تعطى السلطة لأحد أعوانها، فيؤدى ذلك إلى ثورة لا يعلم أحد عواقبها، لذا أرادت تسليم الوزارة إلى رجل أكثر اعتدالاً من رشيد الكيلاني، ولكن الثورة المشتعلة فى النفوس لا تهدئها الحلول الوسط، فما أن طلب الوصي من الكيلاني تقديم استقالة حكومته، حتى تحرك الجيش وقامت المظاهرات مطالبة بحل المجلس النيابي، وهرب الوصي من بغداد.
    تشكلت وزارة طه الهاشمي برأي الضباط، وطه الهاشمي قريب الصلة بالكيلاني، وقد رضي الضباط والشعب لذلك السبب، ولكن بدأ ضغط الوصي والإنجليز على الحكومة، ولم يكن الهاشمي ذلك الرجل الصلب الذى يقف فى وجه خصومه، ولما شعر الضباط بذلك تأهبوا للمواجهة، وقرروا القيام بانقلاب إذا رفضت الحكومة الاستقالة.
    فى ليلة الأول من أبريل بدأ الضباط تحركاتهم، وقصدوا إلى إجبار الهاشمي على الاستقالة، وحصلوا عليها بالفعل، وبقي توقيع الوصي، لكن الوصي غادر مقره إلى الأردن، فتم دعوة الكيلاني لرئاسة الحكومة، وبدوره دعى المجلس القديم لاختيار وصي للعرش، فوقع الاختيار على الشريف شرف.
    6. الاشتباك مع بريطانيا:

    اعتبر تشرشل حركة الضباط ضربة لبريطانيا، ومثلاً سيئًا قد يجتذبه زعماء البلدان الأخرى، لذا أمر بإرسال فصيلة بريطانية من الهند إلى البصرة على الفور، واعتقد البريطانيون وجود تنسيق بين الكيلاني والمحور، رابطين بين وقوع الانقلاب وهجوم رومل على مصر، ولكن الكيلاني افتقد ذلك التنسيق، مما كان له أسوأ الأثر فى مقاومة الغزو البريطاني.
    أنزل تشرشل تعزيزات بالبصرة فى نهاية أبريل، فوجهت حكومة الكيلاني بتحد صريح أحد العقداء الأربعة لضرب حصار على القاعدة البريطانية، لكن الكيلاني رفض الاستيلاء على القاعدة بالعنف، وقد تأخر العراقيون مدة خمسة أيام، مما أفقدهم زمام المبادرة، فانهارت المقاومة العراقية حول الحبانية، الأمر الذى شجع تشرشل على التفكير فى هجوم خاطف على بغداد، لكن نجاح تلك الخطة يكمن فى الاستيلاء على جسر الفالوجة، حتى يمكن للقوات البريطانية الزاحفة من فلسطين التقدم إلى العاصمة، وقد تم الاستيلاء عليه فى يوم 19 مايو.

    تحرج مركز الحكومة العراقية، وباتت تفكر فى مغادرة بغداد واتخاذ مقر جديد للاستمرار فى المقاومة، وقد أبدت فرقة المتطوعين صلابة كبيرة فى مقاومة الزحف البريطاني، لكن ضرب الطائرات البريطانية للقواعد الجنوبية كان مفاجأة، إذ لم يكن الكيلاني يود صدامًا مسلحًا مع بريطانيا، لكن مع الأوضاع الجديدة أعاد العلاقات الدبلوماسية مع ألمانيا والاتحاد السوفييتي، لكن الألمان أخبروا الكيلاني بأن المساعدات العسكرية قد تتأخر، لانشغال ألمانيا بميادين متعددة، وفى النهاية وبعد وقت طويل أرسلت ألمانيا مساعدات ضئيلة، لا تتعدى ثلاثين طائرة حربية، لم تستفد منها العراق ؛ لأن النفط الموجود بالعراق من نوع يختلف عن ذلك الذى تستخدمه الطائرات الألمانية.
    ثمة انتقاد صارخ يمكن توجيهه إلى ألمانيا، وهو التوقيت الذى اتختاره هتلر لإصدار تصريح بتأييد العراق، بعد أن تأكد من خسارة المعركة عسكريًا، و وعد السفير الألماني بمزيد من المساعدات إذا صمد العراق مدة أسبوعين، غير أن العقداء الأربعة قد تخاذلوا بعد سقوط الفالوجة.

    لقد كانت تجربة الكيلاني فريدة من نوعها، فهي التجربة الوحيدة فى الدول العربية التى تحدت بريطانيا بالقوة أثناء الحرب، ولذا دعي الكيلاني إلى زيارة العراق عام 1958م بعد أن طالت إقامته فى المنفى، واستقبل كزعيم كبير، ولذا فإن التجربة رغم قصر عمرها لم تمر دون ترك أثر، وإن كانت قد فشلت من الناحية العسكرية.
    والأخطر من ذلك أنه لم يكن هناك انسجام تام بين القائمين عليها، ففى بداية الأمر كان العسكريون يمثلون الجانب المؤيد للاشتباك مع بريطانيا، بينما الكيلاني يحاول منع ذلك، ثم انقلبت الآية بعد التدهور العسكري، فأصبح الكيلاني و وزراؤه من أنصار استمرار المقاومة فى جبال الشمال ولو على شكل حرب عصابات، بينما تخاذل العقداء الأربعة ودفعوا بالحكومة إلى مغادرة البلاد إلى إيران.
    7. فى أعقاب الحركة:
    رأى زعماء العرب الذين لجأوا إلى إيران أن يتجهوا اتجاهًا جديدًا فى اجتذاب تأييد الدول الكبرى، وفكروا لحظة فى الاتحاد السوفييتي، لكن ما لبث أن قام تحالف بين البريطانيين والسوفييت، وأصبح مركز إيران مهددًا، وحين دخلت القوات البريطانية السوفييتية المشتركة طهران، سقط معظم الزعماء العراقيين فى يد البريطانيين، منهم ثلاثة من العقداء الذين قاوموا بانقلاب أبريل، وقد حكم على هؤلاء الزعماء بالإعدام.
    أما العراق فقد وقع هدنة مع بريطانيا نصت على وضع معاهدة التحالف موضع التنفيذ حسب التفسيرات البريطانية، و رد جميع الأسرى البريطانيين، وتسليم الأسرى العراقيين إلى الوصي، واحتفاظ الجيش العراقي بأسلحته.

    لما احتل الإنجليز البصرة جاء الوصي عبد الإله فى أعقابهم، وظل مرافقًا للقوات البريطانية، حتى دخل معهم بغداد، ولذا كان الشعور معبأ ضده، وقد شهدت الحاضرة العراقية انتفاضة قصيرة، ولكنها واسعة المدى، فنشبت المظاهرات المعادية للحكم الجديد، الذى فُرض على البلاد بقوة الاحتلال.
    وقد خضع العراق فى السنوات التالية لوطأة احتلال شديدة، وأصبحت جميع أراضيه مفتوحة للجيوش البريطانية، ومنحت التسهيلات للسلطات البريطانية للاستيلاء على المساكن فى المدن العراقية، وأخضع اقتصاد البلاد للرقابة البريطانية.
    أما نورى السعيد، فقد كان يشعر بسخط الشعب الشديد عليه، ولذلك آثر ألا يشارك فى الحكم مباشرة فى أعقاب حركة الكيلاني، وفضل الإقامة فى القاهرة حيث عمل سفيرًا لبلاده، إلى أن أتيحت له الفرصة لتسلم السلطة من جديد فى أكتوبر عام 1941م.

    وكان الانتقام من المخلصين للبلاد هو الشغل الشاغل لحكومة نورى السعيد فى الشهور الأولى، فأعدم زعماء حركة أبريل، وأعدم شخصيات ثانوية كثيرة دون محاكمة، وفى السياسة الخارجية أعلنت حكومة السعيد الحرب على المحور، وبذا كانت العراق الدولة العربية الوحيدة التى أعلنت الحرب على المحور قبل مؤتمر يالتا، ولكن إعلان الحرب تم بعد ابتعاد القتال عن ميادين الشرق الأوسط، ولم يكن يسر بريطانيا إشراك العراق فى المجهود الحربي، حتى لا تضطر إلى تدريب أي جيش عربي، فتثير سخط الصهاينة، وبعبارة أخرى لم تنظر بريطانيا إلى حكومة نورى السعيد كحليف على قدم المساواة، بل أرادت ألا تتخطى مركز التابع الذى يدور فى فلكها.

  2. #2
    من المشرفين القدامى
    تاريخ التسجيل: June-2018
    الدولة: بــــغـــداد
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 35,722 المواضيع: 5,001
    صوتيات: 1 سوالف عراقية: 1
    التقييم: 24244
    مزاجي: متغير
    شكراً "

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال