سادت حالة من السعادة لدى محبي الشخصية الخيالية الشهيرة Batman والمعروف باسم الرجل الوطواط، وذلك بسبب صدور الإعلان الدعائي لفيلم The Batman والقادم في شهر أكتوبر من العام المقبل 2021، وأثير حول الفيلم الكثير من الجدل وذلك لعدة أسباب منها تأخر تصوير الفيلم بسبب تفشي فيروس كورونا “كوفيد-19″، وأيضًا طاقم عمل الفيلم الذي شهد الكثير من التغيرات عن الأجزاء السابقة.
بداية التغيير في أفلام الرجل الوطواط
من المعروف أن التغيير هو سمة الحياة فكما قال الفلاسفة “لا يخطو رجل في نفس النهر مرتين أبدًا”، والحال هو نفسه بالنسبة للفن، فعلى الرغم من أن الشخصيات الخيالية مثل باتمان وسوبر مان وغيرهم مستمرة منذ القدم وحتى الآن، إلا أنه لا يمكن لنفس الممثل أن يقدم هذه الشخصية للجمهور للأبد، ولهذا تعاقب النجوم على تقديم شخصية مثل باتمان في السينما بداية من العام 1966 وحتى يومنا هذا.
ويأتي الفيلم في العام المقبل بالكثير من التغييرات، بداية من بطل الفيلم فقد تم اختيار النجم روبرت باتينسون ليخلف النجم بن أفليك لتقديم شخصية باتمان، وهي مغامرة كبيرة لعدة أسباب أهمها أن شخصية باتمان عنيفة وقوية باعتباره بطل أكشن، أما روبرت باتينسون فقد اشتهر بتقديم أدوار رومانسية ودرامية أشهرها بطولة سلسلة أفلام Twilight بداية من عام 2008، وأيضًا فيلم Remember Me عام 2010.
وتستمر التغييرات المفاجئة من الشركة المنتجة لطاقم عمل الفيلم، حيث تم استبدال المخرج المتميز زاك سنايدر والذي أخرج فيلم Justice League عام 2017 والذي مثل الظهور الأخير لباتمان على شاشة السينما، ليحل محله المخرج مات ريفيس والذي يمتلك موهبة كتابية وهو ما تدرك شركة DC بأنه عامل مهم لنجاح الفيلم خاصة بعد نجاح كريستوفر نولان كمخرج وكاتب لأشهر ثلاثية في تاريخ أفلام أبطال القصص المصورة رفقة شخصية باتمان وهي نقطة سنعود إليها لاحقًا.
ويضم الفيلم أيضًا العديد من النجوم أبرزهم المخضرم كولين فاريل والحاصل على جائزة جولدن جلوب من قبل عن بطولته لفيلم In Bruges عام 2008، وهو يقدم في فيلم The Batman شخصية The Penguin والمعروف عربيا باسم الرجل البطريق، وتشارك في بطولة الفيلم النجمة زوي كرافيتز في دور Catwoman والمعروفة عربيا باسم المرأة القطة، وبمشاركة من النجم جيفري رايت في دور المحقق جيمس جوردان كبير محققي مدينة Gotham.
وربما الخبر الذي أصابني بالسعادة والدهشة معا هو مشاركة النجم بول دانو في الفيلم بشخصية The Riddler والمعروف بأنه رجل الألغاز، المجرم الأشد ذكاء، ولم يحظ بول دانو خلال مسيرته الفنية بالشهرة التي يستحقها على الرغم من موهبته الفذة والتي برهن عليها في فيلم There Will Be Blood عام 2007 حيث تشارك بطولة الفيلم مع النجم العالمي دانيال دي لويس، وربما يساهم فيلم The Batman في عودته مرة أخرى إلى نجوم الصف الأول بعد سنوات من الاختيارات الخاطئة.
هل نتوقع نجاح فيلم The Batman بقوة وتقبل الجماهير له بسهولة ؟
ربما هذا هو السؤال الأكثر طرحًا من الجمهور مع الإعلان عن فيلم جديد لشخصية باتمان، والسبب هو النجاح الساحق الذي حققته الشخصية في مجلات القصص المصورة -الكوميكس- مما جعلها تحظى بشعبية طاغية في العالم أجمع، فشخصية الرجل الوطواط التي ظهرت لأول مرة عام 1939 تم تجسديها في العديد من الأفلام والأعمال التلفزيونية، بداية من العام 1966 وحتى وقتنا هذا.
ويقع الفيلم القادم تحت الضغط بقوة والسبب هو ارتفاع سقف توقعات الجمهور بشدة نتيجة للنجاح الساحق الذي حققته ثلاثية المخرج الكبير كريستوفر نولان للشخصية بداية من عام 2005 وحتى عام 2012، ولعل الفيلم الأكثر شهرة وجودة بالنسبة للنقاد والجماهير على حد سواء كان الجزء الثاني من ثلاثية نولان والذي جاء بعنوان The Dark Knight عام 2008 والذي نال تقييم 9 من 10 في تصويت الجمهور على موقع IMDB وهو من أفضل 10 أفلام في تاريخ السينما العالمية.
هذا النجاح الساحق لنولان رفقة الممثل العبقري كريستيان بيل الذي قام بدور باتمان بمنتهى الروعة مثل حملًا ثقيلًا على النجم بن أفليك الذي لم يشفع له أداءه الجيد للشخصية في خطف الأنظار، وهذا يذكرنا أيضًا بالضغط الذي وقع على النجم جاريد ليتو في تجسيد شخصية الجوكر العدو اللدود لباتمان في فيلم Suicide Squad عام 2016 والدخول في مقارنات مع الشخصية في ثلاثية نولان، لهذا يجب أن يقدم صناع العمل الشخصية بطريقة جديدة دون الوقوع في فخ التكرار أو التقليد.
ما الجديد الذي يمكن أن يقدمه فيلم The Batman القادم ؟
يتضح من الإعلان التشويقي للفيلم بأنه لن يتم الاعتماد على المؤثرات البصرية بصورة مبالغ فيها، وهذا أمر جيد جدًا لأن كل الذين فشلوا من المخرجين مع أفلام باتمان قد اهتموا بالمؤثرات البصرية والأزياء وعامل الإبهار أكثر من القصة نفسها، ومن الواضح أن القائمين على فيلم باتمان القادم لم يشغلوا بالهم أيضًا بالمقارنة مع ثلاثية نولان، والدليل على هذا الأمر هو ابتعادهم في هذا الفيلم عن الشخصيات الشريرة التي تناولها نولان في أفلامه.
فتظهر شخصيات جديدة في الفيلم لم يتم تقديمها للجمهور منذ أمد بعيد وبصورة جديدة تمامًا تبتعد عن النمطية والكرتونية، مثل The Riddler أو رجل الألغاز الذي ظهر لآخر مرة في فيلم Batman Forever عام 1995 وقدمها وقتها جيم كاري بطريقة كوميدية لم تعجب الجمهور وقتها، وقد تشوق الجمهور للشخصية خاصة بعد ظهورها مرة أخرى بشكل جيد في مسلسل Gotham مما شجع القائمون على الفيلم لعودتها.
وهناك شخصية أخرى تظهر في الفيلم بعد طول انتظار، وهي شخصية الشرير The Penguin والمعروف عربيًا باسم الرجل البطريق، فقد ظهر لآخر مرة في أفلام باتمان عام 1992 في فيلم Batman Returns، وقد قدم الشخصية وقتها النجم داني ديفيتو بإتقان شديد، ولكنها اتسمت وقتها بطابع سوداوي ومخيف أكثر بسبب الطابع الخاص بالمخرج العبقري تيم برتون.
وسيشهد أيضا الفيلم ظهور شخصية اللصة سيلينا كايل والمعروفة باسم المرأة القطة، وهي لصة محترفة جمعتها معرفة ببروس واين رجل الأعمال دون أن تدرك في البداية أنه باتمان، وقد ظهرت الشخصية لآخر مرة عام 2012 في فيلم The Dark Knight Rises من تقديم النجمة آن هاثاواي، ومن المثير جدا الجمع بين كل هذه الشخصيات في عمل واحد لكن ينبغي أن يكون السيناريو في غاية الدقة وإلا سيضيع الفيلم بين تعدد الشخصيات دون حبكة واضحة.
ويتضح من خلال الإعلان الترويجي بأن شخصية رجل الألغاز ستكون هي المحور الأساسي الذي يفتتح قصة الفيلم، وتظهر الشخصيات الثلاثة المواجهة لباتمان بطريقة جديدة حيث لم يعتمد المخرج على الطابع المخيف والسوداوي بشكل كامل أو حتى الطابع الكوميدي، بل يميل الفيلم إلى الواقعية أكثر وتقديم الشخصيات بطريقة جديدة تخلو من النمطية.
عبد الرحمن توفيق - أراجيك