يقصد بالنظم الانتخابيةالقواعد والأساليب التي يتم على أساسها إجراء الانتخابات لحساب الأصوات لصالح المرشحين لتحديد الفائز منهم”، وتتنوع هذه النظم من دولة إلى أخرى، ويمكن بيان هذه الأنواع على النحو التالي:-

نظام الانتخاب الفردي
تقسم الدولة إلى عدد من الدوائر الصغيرة نسبيا يتساوى مع عدد النواب في البرلمان، ويصوت الناخب لصالح مرشح واحد، ويمثل الدائرة نائب واحد في البرلمان، أو اثنين كما الحال عندنا في مصر، حيث كان يمثل كل دائرة نائب عن العمال والفلاحين ونائب عن الفئات. وفي هذا النظام فان المرشح الحاصل على أغلبية الأصوات يفوز بالمقعد، بينما يتم استبعاد كل الأسماء الأخرى المرشحة على نفس المقعد.
نظام الانتخاب بالقائمة
وطبقا لهذا النظام تقسم الدولة إلى عدد صغير من الدوائر، ويكون نطاق الدائرة كبير من الناحية الجغرافية، وتمثل الدائرة في البرلمان بعدد من النواب يتناسب مع عدد السكان في كل دائرة، فكلما زاد عدد السكان في الدائرة، زاد عدد من يمثلونها في البرلمان بالتبعية. يقوم كل حزب بأعداد قائمة من مرشحيه في الدائرة، ويقوم الناخب في يوم الانتخابات بالتصويت لصالح احد القوائم المتنافسة، وتحصل كل قائمة على عدد من المقاعد في الدائرة موازي لنسبة الأصوات التي حصلت عليها من الناخبين في هذه الدائرة.
لنفترض مثلا أن هناك دائرة انتخابية في مصر مكونة من محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية والمنوفية والغربية، هذه الدائرة تمثل في البرلمان بـ 100 عضو، وهناك 10 أحزاب يتنافسون على تمثيل هذه الدائرة في البرلمان، يقوم كل حزب من هذه الأحزاب العشرة بأعداد قائمة انتخابية تضم 100 مرشح، وفي يوم الانتخاب يختار الناخب من بين هذه القوائم العشرة قائمة واحد يعطى لها صوته.
وكانت النتيجة كالتالي استطاعت ستة أحزاب فقط أن تحصل على أصوات الناخبين في هذه الدائرة، حيث حصلت قائمة الحزب الأول على نسبة 50% من أصوات الناخبين في الدائرة، بينما حصلت كل قائمة من قوائم الأحزاب الخمس الباقية على 10% من الأصوات، يكون توزيع المقاعد طبقا لنسبة الأصوات التي حصلت عليها كل قائمة فتحصل القائمة الأولى على 50% من المقاعد أي 50 مقعد من المقاعد الـ 100 المخصصة للدائرة، ويشغل هذه المقاعد أول 50 اسم في القائمة الخاصة بهذا الحزب، وتحصل القوائم الخمس الباقية على نسبة الـ 50% الباقية من المقاعد بحيث يمثل كل قائمة 10 مقاعد في البرلمان، ويشغل هذه المقاعد أول عشرة أسماء في كل قائمة. وهكذا بالنسبة للدوائر الأخرى.
ولكل نظام من هذين النظامين مزاياه وعيوبه، فمزايا نظام الانتخاب الفردي مقارنة بنظام الانتخاب بالقائمة:-
1- الانتخاب الفردي يتسم بالسهولة حيث يختار الناخب مرشح واحد وفي الغالب يكون على معرفة به، في حين انه في نظام القائمة يختار ما بين مرشحين قد لا يعرفهم.
2- هذا النظام يدعم من ارتباط النواب بدوائرهم، فيكون النائب على دراية باحتياجات ومشاكل الدائرة التي يمثلها في البرلمان، في حين يتم انتخاب المرشحين في نظام القائمة على أساس مبادئ الحزب وبرنامجه الانتخابي.
3- الانتخاب الفردي يوسع من قاعدة المشاركة في الترشيح والتصويت، حيث يتيح لكل القوى والتيارات الحزبية وغير الحزبية تقديم مرشحيها للانتخابات، كما يتيح للأقليات المتمركزة في نطاق جغرافي معين تمثيلها في البرلمان، من خلال ترشيح نائب أو نواب يمثلوها، أما في نظام القائمة فانه من الممكن أن يفوز الحزب الأقوى بأغلبية، كما أن كبر حجم الدائرة الانتخابية قد لا يتيح للأقليات – خاصة إذا كانت غير متمركزة في مكان جغرافي محدد ويعيش أفرادها في أماكن مختلفة – تمثيل متوازن لها في المؤسسة التشريعية.
ويتمتع نظام القائمة مقارنة بالنظام الفردي بعدد من المزايا يمكن بيانها على النحو التالي:-
1- يكون اختيار الناخب للقائمة بناء على البرامج والسياسات التي يطرحها كل حزب، وليس على أسس شخصية كما في النظام الفردي.
2- نظام القائمة يؤدي إلى تدعيم التعددية الحزبية ويساهم في تقوية الأحزاب، من خلال حرص قيادات هذه الأحزاب على طرح رؤى وسياسات متماسكة تمكنها من اجتذاب أصوات الناخبين لها.
3- يؤدى هذا النظام إلى تدعيم التماسك الحزبي بمعني ولاء النائب في البرلمان يكون للحزب، الذي ساعده على الوصول إلى هذا المقعد في البرلمان.
وفي النهاية تبقى المفاضلة بين هذين النظام مرهون بما يراه النظام السياسي في الدولة بالنسبة لأوضاع المجتمع في لحظة تاريخية بعينها والظروف التي يعيشها هذا المجتمع.
وفي مصر بعد الثورة سوف يلعب النظام الذي على أساسه سوف تجرى الانتخابية التشريعية القادمة في سبتمبر القادم دورا مهما في تحديد شكل المستقبل ومخرجات عملية التحول الديمقراطي، فالبرلمان الجديد بالتعاون مع الرئيس سوف يقع على كاهلهم التأسيس للنظام الجديد، من خلال تشكيل الجمعية التأسيسية المكلفة بصياغة الدستور الجديد.
نظام القائمة الأفضل لمصر الآن..
منذ تم إقرار التعددية السياسية المقيدة في عهد الرئيس السادات أجريت غالبية الانتخابات طبقا للنظام الفردي، هذا النظام سمح للحزب الحاكم – المنحل- بالسيطرة على الأغلبية في مجلس الشعب، وإضعاف الأحزاب الأخرى، وإضعاف علاقة الأحزاب ومرشحيها بالقواعد الجماهيرية، حيث يتم التصويت لصالح مرشح معين لاعتبارات شخصية أو مصلحية بحته.
أما بعد الثورة فان مصر في حاجة إلى أحزاب سياسية قوية تستطيع التناوب على السلطة، أحزاب تمثل الفئات والتيارات السياسية في المجتمع تمثيلا حقيقيا، يمكن الجميع من المشاركة في صياغة المستقبل ، تمثيلا لا يستبعد تيارا من الساحة السياسية، وعلى ذلك فإن غالبية الآراء تدفع باتجاه إجراء الانتخابات التشريعية القادمة بناء على نظام القائمة، مع إمكانية السماح بهامش للمستقلين ليخوضوا الانتخابات، واعتماد هذا النظام فالانتخابات التشريعية القادمة يضمن عدد من المزايا المهمة بالنسبة لمستقبل عملية التحول الديمقراطي في مصر:-
أولا: عدالة تمثيل أصوات الناخبين الذين أدلو بأصواتهم، فلا يستأثر المرشح أو الحزب الفائز بالأغلبية بمقاعد الدائرة، ولكن كل حزب يحصل على نسبة من المقاعد متناسبة مع عدد الذين صوتوا لقائمته.
ثانيا تمكين الشباب – الذي اطلق شرارة الثورة الأولى – من الحصول على تمثل لهم داخل البرلمان الجديد، فنظرا لحداثة عهدهم بالسياسة وقلة خبرتهم بالانتخابات، فان فرصهم في النظام الفردي ضئيلة، بينما وجودهم على قوائم الأحزاب سوف يمكنهم من لعب دور حاسم في صياغة مستقبل مصر.

ثالثا: ضمان تمثل الأقباط والمرأة في البرلمان القادم، من خلال ترشيحهم على قوائم الأحزاب، مع إمكانية فرض نسبة معينة من النساء والأقباط، يشترط ان تحتويها قوائم الأحزاب في الانتخابات القادمة.

رابعا: تفادي الظواهر السلبية التي شهدتها الانتخابات السابقة، خاصة ظواهر الرشاوى الانتخابية والبلطجة والروابط العائلية، والتي كان يعتمد عليها المرشحين في السابق لضمان فوزهم.
خامسا نظام القائمة يقوى من دور الأحزاب في النظام السياسي، حيث يصبح من الملزم للأحزاب صياغة برامج وسياسات عامة محكمة، تضمن لهم قواعد جماهيرية كبيرة، أيضا فان الأحزاب ذات التوجهات المتشابهة يمكن أن يتكتلوا لضمان اكبر عدد من المقاعد في البرلمان. ومن ثم فان القوى التي أفرزتها ثورة 25 يناير عليها ان تتكتل مع بعضها البعض من اجل ضمان تمثيلها في البرلمان الجديد.