ياسر طالب في المرحلة الابتدائية وبالتحديد في الصف الرابع، نحيل الجسم شارد التفكير دائما ينام في الفصل ويهمل في دروسه وفي منظره وشكله، وأدواته المدرسية ممزقة ومهملة، كان مدرس الفصل ينصحه بالاهتمام بشكله ودراسته، ولكن ياسر لم يكن يسمع للمدرس، ولم ينفع معه أبدا أساليب التوبيخ أو الإحسان.
وفي يوم من الأيام ذهب المدرس باكرا للمدرسة، وشاهد طفلين يرتديان ملابس بيضاء خفيفة لا تتناسب مع برودة الشتاء الذي حل على البلاد، ولما دقق المدرس النظر رأى أن الطفلين هما ياسر تلميذه وأخوه الصغير أيمن وكان أيمن في الصف الأول الابتدائي.
وكان ياسر يحتضن أخاه وينفخ في يديه لكي يدفئه قليلا، فأسرع المدرس للطفلين وأدخلهم لغرفة المخصصة للمكتبة وخلع المدرس الجاكيت الذي يرتديه وسألهما لماذا أنتما هنا بهذا الوقت المبكر جدا، فالدوام المدرسي يبدأ بعد ساعة وأكثر.
قال ياسر والدنا مسافر وقريب لنا يأتي بنا للمدرسة، فسأله المدرس وكيف أخرجتكما أمكما بهذا الملابس الخفيفة جدا، قال الطفلان أمنا عند أخوالنا منذ فترة طويلة فقد طلقها والدنا منذ مدة طويلة، ونحن نعيش مع والدي وزوجته ولقد اشتقنا لأمنا كثيرا، وزوجة أبانا تضربنا يوميا، ولا تهتم بنا نهائيا، وزوجة أبينا تأمرنا بارتداء هذه الملابس الخفيفة بالشتاء.
هنا قرر المدرس أن يفعل شيئا من أجل الطفلين المسكينين وأبلغ المدير بأمر الطفلين، وقام المدير بالاتصال بوالد الطفلين الذي لم يرد على أي من اتصالاته، لكن المدرس توصل لرقم والدة الطفلين.
وقال المدرس لياسر اهتم يا ياسر بدروسك وستكون الأمور بخير، لكن ياسر قال للمدرس أنه لا يذاكر لأن زوجة أبيه تجعله ينظف المنزل، قال المدرس لو ذاكرت دروسك سأجعلك تكلم والدتك من هاتف المدرسة وبأذن المدير، فرح ياسر كثيرا وقرر أن يذاكر من أجل أن يسمع صوت أمه الحبيب.
ومر أسبوع وتحسن مستوى ياسر الدراسي، فأتصل المدرس بوالدة ياسر فردت جدته التي فرحت ونادت على أم ياسر التي ظلت تبكي من شدة الفرح أنها ستسمع صوت ابنها الغالي، وتكلم ياسر وأمه كلمات تبللت بالدموع الغزيرة، وتكلمت أم ياسر مع أيمن أخو ياسر الصغير.
وتكررت المكالمات وتحسن مستوى ياسر الدراسي وأصبح في المركز السابع من حيث التفوق الدراسي، ويوما ما ارسل المدرس رسالة طويلة لوالد ياسر وايمن وفي اليوم التالي أتى ياسر وايمن مع والدهما، قال والد ياسر أنه لم يكن يعلم بما تفعله زوجته ابنة عمه في طفليه، ولكن أنا فعلا كنت ظالما لما منعت طفليّ من رؤية أمهما الحبيبة وسأصحح الوضع من اليوم.
وبعد فترة علم المدرس من الطفلين أن والدهما سمح لهما برؤية أمهما بشكل مستمر وفي أي وقت يريدون، وتحسن كل شيء عند الطفلين فأصبحوا متفوقين أكثر وحالتهم النفسية تحسنت ومعنوياتهم ارتفعت لما عادت أمهم لحياتهم، وأصبح المدرس بمثابة الأخ لوالد ووالدة ياسر وايمن فقد ساعدهما كثيرا في تحسين حالة ابناهم.