TODAY - 13 October, 2010
لا بد من سلام بين الصدر وأميركا
سرمد الطائي
جميع حلفاء السيد مقتدى الصدر يحاورون واشنطن، لكن الزعيم الشاب يصر على مقاطعتها. واشنطن ترسل له اشارات سلبا وإيجابا وهو لا يرد.
الصحافة الاميركية تشن منذ اسبوع هجوما حادا على الصدر وأنصاره باعتبارهم تيارا "لم يحسم امره من العنف". المادة التي ننشرها في عدد اليوم عن واشنطن بوست، تقع في سلسلة انتقادات شديدة اطلقها السفير الاميركي جيم جيفري الاسبوع الماضي. لكن التساؤل المشروع هنا هو: لماذا يؤجل الصدر، او يمتنع عن، اطلاق حوار مع واشنطن قد ينتهي بإيضاح العديد من المواقف الغامضة؟
ان جميع حلفاء الصدر يحاورون واشنطن، إلا هو. ففي الداخل نجد ان كل الاحزاب العراقية الممثلة في البرلمان، تحاور المسؤولين الاميركان، رغم ان القادة العراقيين لا يتوقفون عن انتقاد اميركا، كما ان بعض محاوري واشنطن هم مقربون من تيارات عنفية تناهض اميركا سواء في جنوب العراق ام غربه.
اما حلفاء الصدر او اصدقاؤه الاقليميون فجميعهم حاوروا واشنطن مرارا. سوريا على الخط منذ وقت طويلا. ايران حاورت اميركا هنا في بغداد ضمن طاولة انطوت على رمزية عالية، وأطلقت لقاءات ايرانية اميركية في عواصم اوروبا طيلة الاعوام الماضية، خاصة في ظل سياسة اوباما.
انصار الرأي القائل بضرورة ان يتحاور الصدر مع واشنطن يقولون ان المطلوب ليس اجبار الصدر على التطبيع مع الاميركان، وانما كي يقوم بإفهام اميركا ما يريد ليحدثها عن خططه كسليل عائلة عريقة ساهمت منذ قرن في تأسيس الدولة، رغم كل ملاحظاتنا الكبيرة على قصة اللجوء للعنف والتي تورط بها الجميع تقريبا، لا الصدر بمفرده.
لكن قياديا كبيرا في التيار الصدري يقول لنا، ان الصدر "لم يحصل على مبرر شرعي ديني للحوار مع الاحتلال". نسأل: هناك ألف تكليف شرعي يمكنه ان يبرر الحوار.
يرد القيادي: جزء من التيار يؤيد ان نكسر حاجز الصمت مع واشنطن ولو جزئيا، لكن الصدر يؤمن بضرورة ان يبقى جزء من ساسة العراق "خارج عباءة واشنطن، ولا ضير ان يلعب الصدريون هذا الدور لخلق التوازن". لذلك فإن الصدر لا ينكر على الاحزاب الاخرى الحليفة والشريكة، ان يتحاوروا مع اميركا او يتحالفوا معها.
لكن الحرب الباردة والساخنة بين الحزب العراقي هذا والدولة العظمى لا يمكن ان تستمر. اذ لا يمكن إفناء التيار الصدري والتخلص منه يوما. كما لا يمكن طرد اميركا من العراق لأنها موجودة في كل العالم ومقاطعتها ستعني عزلة العراق عن العالم.
واشنطن ايضا لم تقف متفرجة، بل يبدو انها حاولت التقرب من الصدر اكثر من مرة.
القيادي البارز يقول ان لقاء الصدر واياد علاوي في دمشق مؤخرا، كان يتضمن رسالة من واشنطن حملها زعيم القائمة العراقية الى الزعيم الشاب.
تقول الرسالة حسب ما يقول لنا النائب عن كتلة الاحرار، ان واشنطن لا تمانع من عودة مقتدى الصدر الى العراق وأنها تتفهم دوره في الحياة السياسية وتتمنى ان يكون جزءا من التفاهمات الاستراتيجية بين العراق واميركا.
واشنطن قد تكون غاضبة لأنها تنازلت للصدر وبعثت له الرسائل عبر وسيط كبير هو علاوي، ثم لم تتلق اجابة مناسبة.
الموضوع الذي نتحدث عنه يتعلق باستقرار البلاد وشكل مستقبلها، والعلاقة مع اميركا ملف لا يمكن الاستهانة به ابدا. نجاح العراق في بناء شراكة صحيحة مع الدولة العظمى امر حاسم في انتقالنا من دولة معزولة تشبه كوريا الشمالية الى دولة متصالحة مع الدنيا مثل كوريا الجنوبية.
مشكلة ان تكون اميركا عائقا امام تحول الصدريين من مجرد ميليشيا، الى حزب يعيش بشكل طبيعي في الحياة السياسية. ومشكلة ان يحاول الصدريون عرقلة تحويل اميركا من محتل الى شريك. ولا يمكن ان يختفي الصدر ولا اميركا من العراق. هذا يعني ان الطبقة السياسية من علاوي الى المالكي، مسؤولون عن ممارسة دور حقيقي لكسر الحاجز بين واشنطن والصدر. لأنه كسر لحاجز بين العراق والعالم المتقدم، كي لا نبقى اسيرين للنفوذ الاقليمي المليء بالمشاكل.
نخشى فقط ان حلفاء الصدر سعداء بأنه يعادي واشنطن، لأنه لن ينجح حينئذ في منافستهم على تصدر المشهد وسيبقى محددا بخطوط حمراء يفرضها الاميركان. لكنهم جربوا ان هذا الوضع المتشنج يمكنه ان يطيح بكل شيء ويتفجر سياسيا لا ميدانيا بالضرورة.
اميركا وحلفاء الصدر في العراق، مطالبون بإطلاق "محادثات سلام" بين الصدر والغرب. نموذج التصالح الممكن مع الصدر، يمكنه ان ينشئ تقليدا ممتازا لحلحلة العديد من ملفات التوتر، واستيعاب شريحة واسعة من العراقيين، وإقناعهم بأنهم شركاء صالحون في المشاريع المقبلة التي نريدها لهذا البلد، والتي لن تكون ممكنة بدون حضور القوى العظمى في بلادنا.
واشنطن تبعث برسائل لطمأنة الصدر. وربما تسلمت ردا مبدئيا هو انتقاد عنيف يطلقه الصدر للمسلحين. بدء الانصات لرسائل مقتدى، خطوة يبدأ من "إحلال السلام" الذي لا مناص منه.
إقرأ المزيد: مواضيع ذات صلة
أعضاء في دولة القانون: تأييد الصدريين «سيلحق الأذى» بالمالكي داخليا وإقليميا