في غاية الروعه
https://www.dorar-aliraq.net/showthread.php?t=1322916
في غاية الروعه
https://www.dorar-aliraq.net/showthread.php?t=1322916
..
أغمضُ عينَيّ حتى أرى بعمقٍ أشد،
فأحسّها تطعنني،
بذلك النصل البارد العتيق:
نصل الذاكرة !
أنخِل غوثالِث
..
..
..
كتيب
..
•| ضريبة حتمية!
من تبعات الكتابة الأدبية المرّة، أنها تلحق بصاحبها الظنون، فإذا غضب في نص مّا رُقم بالغلظة والجفاء، وإذا عاتب وحاسب ظن القارئ أن حالته في النصّ غالبة عليه، فيكون ملولًا مملًا، وإذا أظهر ميل قلبه في نص باكٍ وواله لا يكون إلا لخاصة خاصته، تحلقت حوله التهم بالضعف والاهتراء، بل ربما كبرت مقتًا عند الله بما مست به جناب العرض، وناحية الصيت المحرّم..!
وهذه مشكلة القلم إذا أفرغ حبره في شأن العواطف، وإذا لم يكن الكاتب قويًا صاحب طبقة سميكة لا تسمح باختراق الظنون؛ تقوّس قلمه، وكسر يراعه، وجف حبره في هذا الباب..!
والناس لا يكفون عن الذهاب إلى ما وراء الكلمات، وهي عادة لا يستبرئ منها إلا القلة النادرة..!
على كل حال؛
ليكون الكاتب مستريحًا من عناء الاهتمام بما يُقال عنه وفيه؛ فلا بد أن يفقه أن الناس في عواطفه المكتوبة على ثلاثة أقسام:
• محب يقلق.
• ومتربص يترصد.
• وفضوليّ يفتش.
فللأول حق البيان والشكر، وعليه حق الظن الحسن، والاعتدال في الحكم.
وللثاني والثالث التجاهل، ولا يُنتظر منهما حق يؤديانه، أو إحسان يسديانه..!
والله المستعان.
..
..
ضرائب حياتية:
——————-
من تمام حكمتك علمك أن تصرفات البشر أشد تعقيدًا من عزوها لسبب أحادي؛ لكني أحب أن أمدّ القول في فكرة لطالما راودتني، وأحسب أن في معرفتها سدًا لفجوة من فجوات العلاقات بيننا .
لا توجد صفة حسنة لا ضريبة لها، فطباعنا مختلف ألوانها لكنها تسقى بماء واحد .
يتزوج أحدنا فتاة تهتم بنفسها، وأولادها، وبيتها بصورة مذهلة، وتتذكر كل المناسبات بينهم وهذا يسعده؛ لكنها سريعة الغضب ولا تتغافل وتكثر اللوم على المواقف اليومية؛ ولو تفكر لعلم أن الجامع بين الصفتين الحسنة وغير الحسنة= "الحرص على التفاصيل"، فمن شاء التمتع بالوجه الحسن لهذه الصفة فليستعد لدفع ضريبة ذلك أحيانًا .
تتزوج فتاة شابًا شهمًا كريمًا لا يبالي إن فرغ جيبه في سبيل سعادتها، لكنه أحيانًا يتفوه بكلمات تراها جارحة -ليس لدرجة الإهانة-؛ والجامع بين الصفتين الحسنة وغير الحسنة "قلة مبالاته بالمآلات والعواقب"، هذا ليس تسويغًا ولا إعذارًا؛ لكنها تفسيرات للفهم .
نعيش في كنف والد أو والدة يغضبون لأدنى زلة؛ فنحزن لهذا، لكنا نتذكر أنه طيب القلب ويرضى بعدها بأدنى محاولة؛ والجامع هنا "سرعة الانفعال" بالغضب والرضا .
وهكذا نحن في أحوالنا، لا نكاد نخلو من عيوب، ويأبى الله إلا أن تكون لطباعنا الحسنة توظيفات مزعجة أحيانًا؛ نحن بخير مادمنا نتعاذر، ولا نستسلم لنوازعنا الشوكية؛ بل نقلّم ما شذّ منها، ونكاثر مساوئنا بمواقف نبيلة، ونعتذر ألف مرة وواحدة إن أخطأنا ألفًا، ونعطي الحسنى ما وسعنا ذلك؛ حتى إذا غلبتنا نفوسنا وجد من حولنا رصيدًا يحتمل تغطية هذه الهفوة .
وبهذه الروح قد نقرأ المعنى العام في قوله صلى الله عليه وآله وسلم "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقًا رضي منها آخر"[1]
—————
[1] رواه مسلم (1469)
..
..
تهذيب الإنسان للغته وتجويد كلامه ليس تلميعًا لواجهة أو تبرجًا لفظيًا. تصعيد أداة الفكر هو مدخل لتصعيد الفكر نفسه. أحدهم كتبَ يومًا: "نحن نبني بيوتنا، ثم تعود هي لتبنينا" معمارية المكان تسِم سلوك ساكنيه وتلوِّن طباعهم، وهناك شيء من ذلك في علاقة اللغة بالفكر!
عوني بلال.
..