هل يجوز للمرأة أن تقتل رجلآ غسلآ للعار ؟
مقال من ألأهمية بحيث يجب ألوقوف عنده للأستاذ ألقدير ألقاضي سالم روضان الموسوي. وألذي نصه ....
قبل الإجابة على هذا التساؤل، الذي يدخل ضمن جدلية العنف ضد المرأة الذي تتداوله وسائل الإعلام والمنظمات النسوية وسواها من المنظمات والمؤسسات المجتمعية، لابد من مدخل في المفهوم العام لجريمة القتل وموقف المشرع العراقي منه ، وباستعراض مبسط وكما يلي :ـ
القتل العمد له أوصاف كثيرة تبعا للظروف المحيطة بالواقعة وتترتب هذه الأوصاف آثار قانونية مهمة تتعلق بتشديد العقوبة عند فرضها أو الإعفاء من المسؤولية في بعض الأحيان , ومن هذه الأوصاف ما يتعلق بالظروف المحيطة بشخص المجني عليه ( المقتول ) , وفي قانون العقوبات العراقي النافذ رقم (111) لسنة ( 1969 ) المعدل تفصيل واسع لتلك الحالات , إلا أننا نقف عند نص المادة ( 409 ) عقوبات لأنها تتعلق بالذي يقتل زوجته أو إحدى محارمه عندما يفاجأ بها مع شخص آخر في حالة تلبس بالزنا أو في فراش واحد غير شرعي , حيث حدد المشرع الحد الأعلى للعقوبة بالحبس لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات، وللمحكمة أن تنزل بالعقوبة إلى حدود أدنى، ومن تلك الحالات حالة قتل الشريك مع الزانية , ويستدل من هذا النص على توجه المشرع العراقي إلى مراعاة الحالة النفسية التي يكون عليها الجاني في تلك اللحظة والظروف الاجتماعية والأخلاقية المستنبطة من واقع المجتمع الإسلامي , ومما دعاه إلى إفراد مادة خاصة مستقلة تتعلق به حصراً دون غيره , أي أن الزوجة لو كانت هي التي فاجأت زوجها بحالة التلبس بالزنا وقتلته تحت ثورة الغضب والهياج والانفعال النفسي غير المسيطر عليه , فإنها لا تتمتع بذلك الامتياز الذي ورد في نص المادة (409 ) عقوبات وإنما له أحكام أخرى عالجتها عدة مواد .
لكن توجد حالات أخرى يرتكب فيها الرجل فعل القتل في غير ما ذكر أعلاه تحت دوافع الباعث الشريف أو ما يسمى عرفاً ( بالقتل غسلاً للعار )، وذلك عندما تكون لزوجة القاتل أو أحدى محارمه أو من أبنائه أو أشقائه الذكور سمعة سيئة تنعكس آثارها سلباً عليه , ففي هذه الحالة يندرج الظرف المحيط بالواقعة ضمن الأعذار القانونية المخففة للعقوبة وذلك على وفق أحكام المواد ( 128 ـ 132 ) عقوبات والتي للمحكمة بموجبها صلاحية تخفيف العقوبة إلى الحد الأدنى الذي يصل إلى حد وقف تنفيذ العقوبة على الرغم من إن حدها الأعلى المقرر بموجب المواد العقابية يتراوح بين الإعدام والسجن المؤبد , وهذا التخفيف راعى فيه المشرع العراقي الظروف الاجتماعية والقواعد الأخلاقية التي تعمل بها منظومة المجتمع الشرقي عموما والمجتمع القبلي والريفي على وجه الخصوص، والذي تكون لديه قيم الشرف والكرامة أغلى من رغيف الخبز .
وفي هذا الموضع نتساءل عن المركز القانوني للمرأة التي ترتكب فعل القتل لذات البواعث والدوافع الشريفة التي توفرت للرجل الجاني , حيث إن المجتمع يحوي على عائلات تقودها نساء عاملات مكافحات يعملن على تامين العيش الرغيد لأفراد أسرهن , وذلك نتيجة لفقدانهن الأزواج بالترمل أو الطلاق أو حتى في حالة وجوده مع ضعف الشخصية أو عدم القدرة على تدبير لإعتلالات بدنية أو نفسية , فهذه المرأة عندما تجد احد أفراد أسرتها قد جنح به الانحراف نحو هاوية السقوط الأخلاقي ولا سبيل لعلاجه إلا الاستئصال والبتر من جذره حتى لا يستشري وبدون استثناء سواء كان الجانح ذكرا أم أنثى، حيث إن العذر واحد سواء كان مصدره رجلا أم امرأة لأن العبرة بوجوده لا بمصدره , وهذا ما جاء بمنطوق قرار محكمة التمييز المرقم 1618 / جنايات أولى / (1985 ـ 1986 ) المؤرخ في26/6/1986 , وتقوم بالقتل كما أسلفت فهل لها أن تنتفع بالأعذار القانونية المخففة التي جاءت بنص المواد 128/132 عقوبات؟ . وقبل الإجابة على ذلك نرى إن نص المادة (409 )عقوبات الوارد ذكرها أعلاه تعلقت حصراً بالرجل ولا يجوز للمرأة ( الزوجة ) التمسك بها، بينما في الأحوال التي ثار حولها السؤال نرى إن النص جاء مطلقا ولم يفرق بين الجاني رجلا كان أم امرأة مما يعني كلاهما يتمتع بالعذر القانوني المخفف عند ارتكابه لفعل القتل على وفق الوصف الوارد ذكره أعلاه , وذلك لان القاعدة التفسيرية تنص على إن المطلق يجري على إطلاقه , وكذلك تستطيع أن تتلمس ذلك التوجيه في أحكام القضاء العراقي الذي لم نجد فيه ما يشير إلى خلاف ما ذكرناه , لذا ومما ورد أعلاه نرى إن مركزها القانوني كمركز الرجل من حيث التمتع بالأعذار القانونية المخففة ويعد فعلها حينذاك فعلا قتل لباعث شريف أو ما يسمى عرفا ( القتل غسلا للعار ) .