،،،،
《 حمض الآزوت 》
حمض الآزوت أو حمض النتريك (HNO3) ، أُو ما عُرف سابقًا بالماء القويّ، أو روح الآزوت، هو حمضٌ لاعضويٌّ سامٌّ للغاية، ومسبّبٌ للتآكل، والحروق الشديدة في حالة الاستخدام الخاطئ له، عديم اللون ولكن قد يميل للاصفرار في العيّنات القديمة نتيجة تعرضها للأكسدة، يمتزج في الماء في جميع النسب، مشكّلًا الهيدرات عند درجات الحرارة المنخفضة.
يستخدم ككاشفٍ في المخابر، ولكن الاستخدام الرئيسي له في صنع نترات الأمونيوم (NH4NO3) المستخدمة في الأسمدة، وصنع البلاستيك والمتفجرات والأصباغ.
الصيغة والبنية الكيميائية لحمض الآزوت
الصيغة الكيميائيّة لحمض الآزوت هي HNO3، وكتلته الجزيئيّة 63.01 غ/مول، ويوضّح الشّكل التالي التّركيب الكيميائيّ لحمض الآزوت، مع أشكال الرنين الخاصّة به:
يُظهر التّركيب الكيميائيّ للحمض HNO3 ارتباط ذرّة النيتروجين بثلاث ذرّات أكسجين، إحداها ترتبط بالبروتون، وترتبط المتبقيّتان مع النتروجين بروابطَ متساويةٍ ومتعادلة، تظهر خاصيّة الرنين أو الصدى.
الخصائص الفيزيائيّة لحمض الآزوت
حمض الآزوت هو سائلٌ ذو رائحةٍ واخزةٍ، عديم اللون أو قد يميل للصفرة أو الاحمرار وفقًا لتركيزه، يُستخدم صناعيًّا بتركيز حوالي 68% في الماء، أمّا تجاريًّا يُستخدم بين 52% و68%، تركيز حمض النتريك الدخانيّ (وهي صفةٌ تميّز السّوائل التي تطلق غازاتٍ شبيهة بالدّخان عند تماسّها مع الهواء) هو 86% أو أعلى، في حين أنّ التركيزات التي تتجاوز 95% تسمّى حمض النتريك الدخاني الأبيض أو الأحمر.
الخواص الكيميائيّة لحمض الآزوت
- حمض الآزوت هو حمضٌ أحاديٌّ قويّ، يتفاعل مع الماء بسهولةٍ مشكّلًا، هيدراتٍ صلبةٍ أحاديّة (HNO3·H2O)، وثلاثيّة (HNO3·3H2O).
- يتأثّر بالحرارة أوالضوء، ممّا يسبّب تحلّله كما هو موضحٌ أدناه:
- حمضٌ وعاملٌ مؤكسدٌ قويٌّ، فعند التراكيز المرتفعة، يؤكسد العناصر غير المعدنية مثل الكربون (C) واليود (I) والفوسفور (P) والكبريت (S)، ويعطي أكاسيدها، أو الأحماض الأكسيجينيّة، وثنائي أكسيد النتروجين NO2، على سبيل المثال:
- يؤكسد حمض النتريك المركز حمض كلور الماء، ليتشكّل لدينا الكلور، وأكسيد الكلور ClO2.
- تنتج أملاح النترات القابلة للذوبان بالماء عن تفاعل حمض النتريك مع المعادن أو أكاسيدها أو هيدروكسيداتها أوكربوناتها، وتتحلّل جميع النترات عند تسخينها، وقد تفعل ذلك بشكلٍ متفجّرٍ.
- يتفاعل حمض الازوت مع المعادن، فيُختزَل (أي انخفاضٍ في حالة أكسدة النيتروجين)، ويسبّب ذوبانها ويشكّل أكاسيد معدنيّة معها، وتختلف نواتج التفاعل باختلاف تركيز حمض النتريك، والمعدن المتفاعل، ودرجة الحرارة.
- تختزل المعادن غير المتفاعلة نسبيًّا مثل النحاس (Cu) والفضّة (Ag) والرصاص (Pb) حمض الآزوت المركّز، بشكلٍ أساسيٍّ إلى NO2، في حين تتفاعل المعادن التفاعليّة مثل الزّنك (Zn) والحديد (Fe) مع حمض الآزوت المخفّف لتكون N2O أو أكسيد النيتروس (غاز الضحك).
- يتفاعل حمض النيتريك مع البروتينات، ويُستخدم للكشف عنها، كما في البروتينات الموجودة في جلد الإنسان، لإنتاج مادةٍ صفراء تسمى بروتين الزانثوبروتين(Xanthoprotein).
إنتاج حمض الآزوت
تحضير حمض الآزوت صناعيًّا
تتمّ عملية تصنيع حامض النيتريك على مرحلتين:
أولًا: أكسدة الأمونيا
تتم هذه المرحلة باستخدام ضغطٍ عالٍ (10-13 ضغط جوي)، وسبيكة من البلاتين والروديوم كمحفّزٍ، ودرجات حرارة 1200 كالفن، والهواء (الأكسجين).
- يستخدم الضغط العالي لمقدرته على التقليل من حجم المعدّات والأنابيب المطلوبة بشكلٍ كبيرٍ، ممّا يؤدي إلى انخفاض تكلفة رأس المال.
- يُخلط غاز الأمونيا مع الهواء المضغوط المُرشّح لينتج خليط مكون من 10% من الأمونيا و90% من الهواء.
- يُمرّر الخليط على محفّزات البلاتين والروديوم، وعلى درجة حرارة 975-1225 كلفن.
- يتمّ تحويل 96% على الأقل من الأمونيا.
ثانيًا: امتصاص أكاسيد النتروجين
يتمّ تبريد الغازات إلى أقلّ من 315 كلفن، وتُعرّض للهواء ويُرفع الضغط إلى (7-12 ضغط جوي)، ثم ترفع درجة حرارته إلى حوالي 435 كلفن، ثم التبريد. يساعد الضغط الإضافيّ والتبريد على تحريك التّوازن التّالي إلى اليمين:
ثمّ تُقابل الغازات بتيّارٍ من الماء، ويتأكسد أوّل أكسيد النيتروجين (NO)، ويحدث الامتصاص مكوّنًا حمض النيتريك:
ينتج عن العملية حمض نتريك بتركيز 56-60%، ولكن قد تتطلب بعض الصّناعات حمض النتريك المركّز إلى حوالي 99%، التي تستخدم مركّبات النيتروجين العضوية لصناعة المتفجّرات والصّباغ.
تحضير حمض الآزوت مخبريًّا
يُحضّر حمض الآزوت مخبريًّا عن طريق تسخين ملح النترات، مع حمض الكبريت المركّز، كما في المعادلة:
NaNO 3 + H2SO 4 + heat → NaHSO 4 + HNO 3
ونظرًا لكون أملاح NaNO 3 وNaHSO4 المُتشكّلة هي أملاحٌ غير متطايرةٍ، لذلك فمن السهل إزالة حمض النيتريك عن طريق عملية التقطير.
استخدامات حمض الآزوت
- يُستخدم حمض النيتريك في تصنيع الأسمدة من نترات الأمونيوم، وصناعة البلاستيك، والأصباغ، والمتفجّرات مثل النتروجليسرين وTNT، ويّستخدم لإذابة الذّهب والبلاتين بدمجه مع حمض كلور الماء وتكوين الماء الملكي (Aqua Regia)، وككاشف للتميّيز بين الهيروين والمورفين.
- في مجال الطّب، يُستخدم حمض النتريك كمادةٍ كاويةٍ لإزالة الثآليل، وفي علاج عسر الهضم باستخدام تراكيزَ مُخفّفةٍ منه.
- استخدم حمض النتريك بالاعتماد على خواصّه كمؤكسدٍ قويٍّ في الصّواريخ التي تعمل بالوقود السائل.
- كما أنّه يُستخدم في عمليّة الهضم لعينات المياه العكرة، وعينات الحمأة الصلبة.
- في الكيمياء الكهربائيّة، يُستخدم حمض النيتريك كعاملٍ كيميائيٍّ مُنشّط لأشباه الموصلات العضويّة، وفي عمليات التنقية للأنابيب النانويّة الكربونيّة.
- يستخدم بتراكيز منخفضة في النّجارة لدهن الصنوبر والقيقب بلون الذهب المعتّق، الذي يشبه إلى حدٍّ كبيرٍ لون الشّمع القديم جدًا، أو الخشب المصقول بالزيت.
تفاعل تشكيل المواد المتفجّرة
يتفاعل حمض الآزوت مع الجلسرول (Glycerol)؛ وهو كحولٌ ثلاثيّ الوظيفة يحوي ثلاث مجموعات هيدروكسيل _OH، بوجود حمض الكبريت المركّز، فيتمّ استبدال مجموعات _OH بمجموعات —O—NO2، مما ينتج عنه النتروجليسرين (Nitroglycerin).
وكذلك السيللوز الذي يتألّف من ارتباط عدد n من جزيئات الجلوكوز مع بعضها بواسطة ذرة الأكسجين، وبالتفاعل مع مزيجٍ من حمض النتريك وحمض الكبريت المركزين، تُستبدل مجموعات _OH بمجموعات —O—NO2، لنتيج لدينا النتروسيللوز (Nitrocellulose).
يُعدّ كلّ من النتروجليسرين والنتروسيللوز، موادًّا ذات قوّة تفجيرٍ كبيرة.
الاستخدام الآمن لحمض النتريك
حمض النتريك، هو حمضٌ ومؤكسد قويٌّ، وبالتالي يتفاعل بقوّةٍ وعنفٍ مع ما يلي:
- الموادّ القابلة للاحتراق: مثل حمض الخليك الجليدي ووقود الديزل.
- المواد القابلة للاشتعال (بما في ذلك المذيبات العضوية القابلة للاشتعال): مثل الأسيتون والتولوين.
- القواعد: مثل هيدروكسيد الأمونيوم، هيدروكسيد البوتاسيوم، هيدروكسيد الصوديوم.
- عوامل الاختزال: مثل هيدرات المعادن، والأمونيا، والفوسفور.
- المعادن: مثل الرصاص والزنك والألمنيوم.
- المركّبات المعدنيّة: مثل الحديد الصّلب، وسبائك المعادن.
لا يُسمح لحمض النتريك بالتلامس العرضيّ أو غير المنضبط مع هذه المواد، فقد تكون منتجات التفاعل موادًّا كيميائيّةً قابلةً للانفجار، ومن الإجراءات الوقائيّة المتّخذة عند التعامل مع تراكيز عالية من حمض الازوت في المختبرات، ارتداء المئزر، واستخدام نظّاراتٍ واقيةٍ كيميائيّة، وواقٍ للوجه، فقد ينتح عن حمض النتريك بخار وسوائل يمكن أن تحرق العين والجلد بشدّةٍ، وتُسبّب تهيّج الجهاز التنفسيّ. يخزّن حمض النتريك في عبواتٍ عاتمة مقاومة للأحماض، بعيدًا عن المواد القابل للتفاعل معها والاشتعال، في خزانةٍ خاصّة بالقرب من سطح الأرض.
،،،،