يحكى أنه كان هناك شاب لم يتجاوز العشرين من عمره بعد تزوج بعجوز قد أرهقها الدهر ليحقق لها أمنية حياتها الوحيدة…
تبدأ القصة عندما ذهب الشاب برفقة مجموعة من أصدقائه للالتحاق بإحدى الجامعات والتي توجد شمال المملكة العربية السعودية، ويرجع سبب التحاقهم بهذه الجامعة تحديدا إلى سهولة ويسر الدراسة بها عن غيرها، سكنوا بإحدى القرى القريبة من الجامعة، وكانوا يداومون على الدراسة طوال الأسبوع وبيوم العطلة يعودون لديارهم اشتياقا وحنينا لذويهم؛ وذات يوم بينما كان الشاب يجوب أرض القرية التي سكن بها شاهد امرأة عجوز تصحب أغنامها بالكاد لترعاها بالخلاء من الصباح الباكر وتعود بالمساء، شاهدها أكثر من مرة على هذا الحال، وعندما رق لها قلبه سأل أهل القرية عن حالها وأنه إذا كان لها أبناء أو أقارب لم لا يتولون عنها هذه المهمة الشاقة بالنسبة لها.
أجابوه بأنها ليس لها أحد في هذه الحياة، شغلت هذه العجوز باله ولم يهدأ تفكيره إلا حينما سألها عن أمنية لها تتمنى أن تحققها في هذه الدنيا، فأجابته بأنها لا تريد من كل هذه الدنيا سوى أمنية واحدة وهي زيارة بيت الله الحرام والمسجد النبوي الشريف ولكنها حرمت من ذلك بسبب ألا محرم لها؛ استاء حال الشباب أكثر وأخذ يفكر كثيرا في أمر هذه العجوز المسكينة إلى أن خطرت بباله فكرة، وهي أن يتزوجها وبالتالي سيصبح محرما لها، وبإمكانه حينها اصطحابها إلى الحرم المكي والمدني فتتحقق أمنيتها الوحيدة بالحياة، وما إن يعودا حتى يطلقها.
سألها عن رأيها بما فكر به من أجل مساعدتها، وافقت العجوز على الفور وقلبها تملأه السعادة إذ أنها وأخيرا ستتمكن من زيارة بيت الله الحرام ومسجد رسوله الكريم؛ وما إن أتمت الحج والعمرة حتى عاد بها إلى قريتها، وحينما أراد تطليقها أبت وسألته راجية إياه أن يتركها على ذمته ويمضي في سبيله، وافقها الشاب على ما أرادت، استكمل دراسته وعاد إلى أدراجه.
وذات يوم بينما كان جالسا مع أصدقائه سأله أحدهم على سبيل الفكاهة عن حال زوجه العجوز، فأجابه بأنه لا يعرف عنها شيئا، هنا خطر بباله أنه يتوجب عليه الذهاب إليها للسؤال عنها وعن حالها؛ وعندما وصل إلى القرية لم يجدها فسأل عنها أحد جيرانها والذي أجابه بأنها قد توفيت من مدة طويلة، حزن الشاب عليها كثيرا لدرجة أنه دخل منزلها رغبة في رؤية أي شيء يتعلق بها، وقعت عينه على ورقة مطوية بإحكام وقد كتب عليها اسمه، ففتحها فوجد بها صكا بإرثها، وقد كانت أرضا تقع على شاطئ جدة.
عندما ذهب ليبيعها ثمنها تجاوز العشرة ملايين ريال، عاد إلى أهله وحكا لهم ما فعله من أجل العجوز وما فعلته هي من أجله.