من شواهد سيبويْه في الكتاب: قولُ زياد بنِ زيدٍ العذريّ [ذكَرَه في باب [أوْ] في غير الاستفهام]
إذا ما انْتَهى عِلْمي تناهَيْتُ عندَه /// أَطالَ فأَمْلى أَو تَناهى فأَقْصَرا
في الشّاهد إرادةُ الشّرطِ لا الجمع بين المَعنيين مُطلقاً. وبنيتُه اللّفظيّةُ غيرُ بنيةِ قولِنا: سَواءٌ عليّ أطالَ علمي فأمْلى أم تَناهى فأقْصَرَ، فالمثالُ الثاني غيرُ المثال الأول المَقيسِ على الشّاهد الشّعريّ؛ إذْ ليسَ المرادُ في البيت الأوّل تَناهَيْتُ هذيْن الأمرَيْن، وإنّما المُرادُ أنّ الأمرَ يَقَعُ على إحْدى الحالَيْن لا على كلتَيهِما، وعليْه لا يَجوزُ: لأضربنَّه أذَهَب أو مَكَثَ؛ لأنَّك لو أردتَ مَعنى الإطلاق في الفعل قلتَ: أم مكث، كما يجوز: ما أدري أقام زيدٌ أو قعد. ولا يَجوزُ أن نَقولَ: لأضربنَّه أذَهَب.
ومثلُه في شواهد الكتاب:
فلستُ أبالي بعدَ يَوم مُطرّفٍ /// حَتوفِ المَنايا أكثرت أو أقلَّت.
على أنه يجوزُ الإتيانُ بأوْ مجرداً عن الهمزة بعد سَواء، ولا أبالي، لأنّ المَعْنى مَعْنى الشّرط؛ بتقدير حرف الشرط، والتقدير: إن أكثرت، أو أقلت، فلست أبالي.
ومن المَعلوم أنّ "سواء"، إذا دَخَلَت بعدها ألفُ استفهام لَزمَت "أم" بَعدَها، كقولك: سواء عَليَّ أقُمتَ أم قَعدْتَ، أمّا إذا كان بعدَ "سَواء" فعلان بغير استفهام، جازَ عطفُ أحدِهما على الآخَر "بأو"، كقولك: سواء عَليَّ قُمتَ أو قَعدتَ؛ فإن الكلام محمول على معنى الشَّرط. فإذا قلت: سواء علي قمت، أو قعدت، فتقديره: إن قمت، أو قعدت فهُما عَليَّ سَواء.