الدستور العراقي وحقوق المرأة
أ- رغم ان الدستور العراقي في ديباجته قد اشار صراحة الى عبارة (الاهتمام بالمرأةِ وحقوقها) .. إلا ان هذا النص لم يطبق بشكل عملي فلم تصدر التشريعات التي تقتضي منح الحقوق اللازمة للمرأة ،وكان الأجدر بالمشرع العراقي الكريم ان يوكل مهمة دراسة القوانين النافذة الى لجنة مشكلة من النساء يساعدهم بذلك ذوي الاختصاص بغية تقديم مقترحات تعديل القوانين لغرض تحسين وضع المرأة العراقية التي عانت الأمرين في الظروف الصعبة التي مرت بها خاصة وان القوانين العراقية قد وضعت في حقبات مختلفة وسنون وظروف اوجدت نصوص تشريعية لاءمت تلك الحقبة الزمنية ، فعلى سبيل المثال ان قانون الأحوال الشخصية النافذ حاليا قد صدر عام 1959 أي قبل ما يزيد عن خمسون سنة وبالتالي يقتضي ايجاد التعديلات اللازمة لحماية اكبر لحقوق المرأة في ظل مجتمع ذكوري تحيطه اتجاهات دينية وسياسية واقتصادية .. مختلفة .
ب- نصت المادة (2)/ ثانيا/ أ على ( لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت احكام الاسلام). وهو نص قابل للتأويل والتفسير بشكل واسع خاصة وان علمنا ان المجتمع العراقي يتميز بتنوع طائفي وديني كبير ففي الوقت الذي يعتبر هذا التنوع جمالا أخاذا في حديقة الزهور العراقية الجميلة وكل وردة فيها تضفي جمالية مميزة وبالتالي فأن هذا التنوع هو قوة ، الأ انه وفي المفهوم المعاكس هو ضعف بسبب الاختلاف في المشارب ووجهات النظر، فهناك من يقول إن الثوابت هي :وحدانية الله وملائكته واعتماد التنزيل للقرآن الكريم والإقرار بالرسل ، وتحريم المحرمات ، والحدود التي وضعها الله في كتابه المفصل والزكاة والحج والصيام ومنهم من يعزو الثوابت إلى إعجاز القرآن الكريم والاعتقاد بكماله وحفظته ، والسنة النبوية ، وان الأمة الإسلامية هي خير امة أخرجت للناس ، ووجوب الموالاة بين أهل الإسلام جميعاً ووجوب المعاداة والبراءة من الكفار جميعاً ولو كانوا من الآباء والأخوان ، واعتقاد فضل هذه الأمة الإسلامية على جميع أمم ألهداية وأنهم حملة رسالة الله الخاتمة إلى أهل الأرض جميعاً ، وعالمية رسالة الإسلام , وسوى ذلك ، وان طبقت هذه الأحكام لأستوجب التعارض والعلوية مع أي فكر ديني آخر لما تورده من احكام . وهناك من يفسر عبارة الثوابت تفسيرا آخرا .. ومن هنا تثار عددا من التساؤلات منها : أولا : هل يعني ذلك ان الرجال قوامون على النساء ؟ اساس هذا التساؤل مصدره قوله تعالى : الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ {النساء : 34}. فالقيمومة في القانون العراقي تعني انابة قانونية ،وهي ان ينيب الشخص نفسه مقام غيره ليتولى ادارة شؤونه ويسمى هذا الشخص ب (القيم) وهو غالبا ما يكون من اقارب الشخص اللذي ينوب عنه وتحدث هذه الحالة عندما يكون الشخص الذي يتم تنصيب قيم عليه عاجزا عن ادارة شؤونه وأسباب العجز كثيرة منها خارج عن ارادته (كالفقدان والغيبوبة والمرض المتمثل بالجنون والقاصر) فهذه امور تجعل من الشخص غير قادر على ادارة شؤونه مما يستوجب تنصيب قيم عليه او ان تحدث هذه الحالة بإرادة الشخص وهي (السجن ) الذي يحكم على الشخص بالسجن لمدة لا تقل عن خمسة سنوات فهنا تكون بإرادة الشخص . وفي الحالتين اعلاه يستوجب تنصيب قيم حسب قانون رعاية القاصرين رقم 78 لسنة 1980، وإصدار حجة القيمومة هو من اختصاص محكمة الأحوال الشخصية حسب قانون الاحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959 وتعديلاته .وهذا يعني ان الرجل قد فرض وصايته على المرأة، وسلبها بذلك حريتها وأهليتها ، وثقتها بنفسها. بينما هناك من يبرر عبارة( الرجال قوامون على النساء ) بشكل مغاير فالقوامة التي ليس من شأنها إلغاء شخصية المرأة في البيت ولا في ألمجتمع وإنما هي قوامة وظيفية داخل كيان الأسرة؛ الغرض منها إدارة هذه المؤسسة ، وصيانتها وحمايتها. ولا يخفى أن وجود القَيِّم في مؤسسة ما، لا يلغي وجود، ولا شخصية، ولا حقوق الشركاء فيها، والعاملين في وظائفها. وبالتالي، فإن قيام الرجل على شؤون الزوجة ليس فيه رياسة، إنما فيه حماية ورعاية، ومن أعظم واجبات القوامة النفقة على الزوجة ، بحيث يكفيها الرجل التكسب ويضمن لها النفقة، فلا تحتاج لغيره، ولا إلى أن تعمل لتنفق على نفسها، وكذلك حماية العرض والغيرة عليه، وضمان الكسوة والسكنى وفى الوقت ذاته على المرأة مقابل هذا أن تطيعه بالمعروف، وأن تحفظ عرضه في غيبته، وأن تقوم بشؤون البيت، اى ان القوامة لا تعنى أن يستبد الرجل برأيه أو إلغاء حقوق المرأة وتهميش دورها ، ولا هى تصريح للرجل بإيذاء المرأة والنيل منها، فالرجل أمين على المرأة يتولى امرها ويصلح حالها وفى الوقت ذاته عليها له الطاعة فليس قوامة الرجل في الإسلام قوامة السطوة والاستبداد ولكنها قوامة الالتزامات والمسؤوليات . فقد أنصفَ الإسلامُ المرأةَ وأوصى بها خيرًا وكرَّمها أسمى تكريم ، كرَّمها أمًّا وزوجةً وبنتًا وأختًا : كرَّمها أمًّا : بأن جعل الجنة تحت قدميها ، وجعل برَّها سبيلا للجنة ، وكرَّمها زوجةً بأن جعلها مودةً ورحمةً ، وواحةً وسكنًا ، وكرمها بنتًا وأختًا بأن جعل تأديبَها والإحسانَ إليها حجابًا من النار ثانيا ؛ هل يجوز ان تتولى المرأة القضاء ؟ اساس هذا السؤال نابع من قول النبي الكريم : \” (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ( كما رواه البخاري . اختلف الفقهاء في موضوع تولي المرأة لمنصب القضاء وهل تعتبر الذكورة شرطا اساسيا من عدمه ، وقد اتفقوا على اشتراط الذكورة في القاضي إلا عند ألحنفية الذين استثنوا ألحدود (1) والقِصاص (2) فالقضاء يحتاج إلى ألرأي ورأي المرأة ناقص ولا كمال فيه ، سيما في محافل الرجال وقد عاش المسلمون زماناً طويلاً والقضاء بيد الرجال . نجد ان ما استقر عليه رأي جمهور الفقهاء ان المرأة لا يجوز لها تولي القضاء لان الرسول(ص) لم يول امرأة القضاء ولم يولها احد من اصحابه لان طبيعتها تتنافى مع ذلك كون المرأة من حيث تكوينها تغلب على تصرفاتها واقوالها قوة العاطفة والوداعة والرقة والصبر وان معظم الدول العربية والاسلامية لا تسمح قوانينها بتولي المرأة القضاء .بينما يرى اصحاب المذهب الظاهري بأن المرأة مثل الرجل ولا يجوز أن يقتصر منصب القضاء على الذكور فقط وإنما للمرأة الحق الكامل في تولى هذا المنصب أيضا لكن القانون العراقي اخذ بجواز تولي المرأة لمنصب القضاء ولم يشترط الذكورة للتقديم للمعهد القضائي العراقي واليوم تمارسن \”72 قاضية من مجموع 1360 قاضياً، يعملن في المحاكم العراقية ولاتوجد أية مخاوف من تخريج المعهد القضائي العالي للنساء ليعملن بصفة قاضيات ويستلمن قضايا مهمة\”. والقضاء العراقي يعمل على منح المرأة دوراً بارزاً في المحاكم العراقية للثقه بقدراتها\”، والقاضيات العراقيات اثبتن قدرتهن على ازالة المعوقات التي تواجههن في إدارة محاكم الدولة\”. فبعد نفاذ قانون المعهد القضائي رقم (33) لسنة 1976 ونفاذ قانون التنظيم القضائي رقم(160) لسنة 1979 تم قبول المرأة في المعهد القضائي وتعيين بعضهن قاضيات ومن أهم فقهاء القانون المعروفين في البلاد العربية وغيرها المرحوم الأستاذ الدكتور عبد الرزاق السنهوري. وبقدر تعلق الأمر بموضوع بطلان أي قرار يمنع المرأة من منصب سيادي ومنصب القضاء فقد أصدر المرحوم السنهوري حكما تاريخيا حين كان مستشارا في مجلس الدولة المصري نص على عدم وجود مانع في الشريعة الإسلامية من تولي المرأة للمناصب ومنها منصب القضاء. ومما يعزز هذا المنحى هو قرار المجلس الأعلى للهيئات القضائية في مصر الصادر عام 2002 الذي فتح باب التعيين للمرأة في سلك القضاء. فهل يعني ذلك وجود تعارض بين الدستور وبين شروط تولي القضاء ؟(3) ثالثا: هل يحق للمرأة السفر دون (محرم)؟(4) الأصل أن لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ،والسند قائم على قول النبي (ص): \”لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم, ولا يدخل عليها رجل إِلا ومعها محرم، فقال رجل: يا رسول الله إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا وامرأتي تريد الحج. فقال: اخرج معها\” (البخاري 1763)… ولكن هل يجوز سفر المرأة بدون محرم لغير ضرورة ولغير حج الفريضة والعمرة الواجبة كالسفر لتجارة أو زيارة أهل ونحو ذلك؟..ذهب جماهير أهل العلم إلى تحريم سفر المرأة بدون محرم لغير ضرورة. كانت المرأة العراقية ممنوعة من السفر دون محرم قبل عام 2004 ، هذا وقد استطاعت السيدة نرمين عثمان وزير الدولة لشؤون المرأة الحصول على موافقة مجلس الوزراء بتصويت الاغلبية العظمى على رفع الحظر عن سفر المرأة الكاملة الاهلية خارج البلاد بدون محرم. ويرفق كتاب الامانة العامة لمجلس الوزراء المرقم 271 بتاريخ 19/9/2004 الذي يتضمن التاكيد على موافقة دولة رئيس الوزراء الدكتور اياد علاوي على السماح للمرأة العراقية الكاملة الاهلية بالسفر وقت ما تشاء من دون الحاجة الى مرافقتها بما يسمى (محرم).(5) رابعا :هل تساوي شهادة المرأة لشهادة الرجل ؟ شرعا تتساوى شهادة المرأة بالرجل بإثبات الخيانة الزوجية فيشترط شهادة اربع رجال او اربع نساء لا ثبات الواقعة ، لكن لا تقبل شهادة المرأة في القصاص والحدود كون المرأة اكثر عاطفية من قرينها الرجل والحالة الأخرى تساوي شهادتها بنصف شهادة الرجل بالمعاملات التجارية استادا الى النص القرآني : { وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى… } [البقرة:282]. بينما نجد ان القانون المدني والجزائي العراقي النافذين لم يفرقوا بين شهادة المرأة والرجل وجعلهما متساويين خامسا: هل يحق للمرأة العمل خارج الدار ؟ اباح الفقهاء للمرأة الحق في العمل لكن ضمن ضوابط تكاد تكون متعسرة هي أن يأذن لها وليها ،و ألا يكون هذا العمل الذي تزاوله صارفاً لها عن الزواج والأنجاب، وان يكون لحاجة وضرورة ،وان لا يحملها هذا العمل فوق طاقتها، وأن يكون عمل المرأة مشروعا فلا يجوز ان تعمل في مصانع الخمور والمؤسسات الربوية وفي مجال الرقص والغناء أو أي عمل فيه خلوة ، وأن يتفق عمل المرأة مع طبيعتها وأنوثتها وخصائصها البدنية والنفسية فلا يجوز عملها في تنظيف الشوارع العامة، وبناء العمارات، وشق الطرق، والعمل في مناجم الفحم، وغيرها من الأعمال الشاقة ، و أن تخرج للعمل باللباس الشرعي الساتر لجميع جسدها، بأوصافه وشروطه، وأن تغض البصر ، وأن لا تخالط الرجال الأجانب . فمثلا لا يجوز للمرأة ان تعمل في الإذاعة والتلفاز لان العمل يفرض عليها الاختلاط والظهور بكامل زينها وكذا الحال عملها كسكرتيرة أو مضيفة طيران أو موظفة استقبال في فندق أو عارضة ازياء لتحقق الأختلاط … القوانين العراقية النافذة لا تمنع المرأة من العمل انطلاقا من مبدأ (بقاء المرأة في بيتها تعطيل لنصف المجتمع ). لا بل قد منحت تسهيلات وامتيازات اكثر من الرجل في مجال إجازة الحمل والولادة والأمومة وعلى سبيل المثال الزم قانون العمل العراقي رقم 71 لسنة 1987 النافذ صاحب العمل الذي يستخدم عاملة واحدة أو أكثر توفير وسائل راحة خاصة لهن حسب متطلبات العمل كما يجب عليه وضع نسخة من الأحكام الخاصة بحماية المرأة العاملة في لوحة الإعلانات . واهم ما ورد من أحكام في مجال حماية المرأة العاملة هي : • لا يجوز تشغيل النساء في الأعمال الشاقة أو الضارة بالصحة . • لا يجوز تشغيل النساء الحوامل بأعمال أضافية يمكن أن تؤدي إلى الإضرار بصحة المرأة أو حملها. • لا يجوز تشغيل النساء بعمل ليلي إلا إذا كان العمل متعلقا بمواد أولية أو أنتاج يكون عرضة للتلف السريع وكان استمرار العمل في الليل ضروريا للمحافظة عليها . ج- رغم ان المادة (14) من الدستور ونصها (العراقيون متساوون امام القانون دون تمييز بسبب الجنس او العرق او الاصل او اللون او الدين او المذهب او المعتقد او الرأي او الوضع الاقتصادي او الاجتماعي)، قد اشارت صراحة الى كون العراقيون متساوون الأ انها حصرت المساواة امام القانون فقط وكان من الأفضل ان يقرر حالة المساواة بشكلها المطلق وفي جميع جوانب الحياة القانونية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والوظيفية….وسوى ذلك . د- أما المادة (29 – رابعا) فتنص على أن تمنع كل أشكال العنف والتعسف في الأسرة والمدرسة والمجتمع. حسنا فعل المشرع العراقي بوضع نص منفرد بالدستور مانعا فيه كل اشكال العنف المادي أو النفسي منها ، لكن من الأفضل ان يوجب بتشريع قانون خاص بذلك . ه- المادة (41)/والتي تنص على (العراقيون أحرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم وينظم ذلك بقانون). هو نص يسلب الكثير من الحقوق من المرأة وتكمن خطورة هذه المادة في أكثر من مجال كونها تعمل على إلغاء قانون الأحوال الشخصية 188 لسنة 1959 المعدل وتكمن الخطورة ما ستؤول إليه أحوال المرأة في العراق لزواج المتعة (6) والمسيار(7) والزواج العرفي(8) و الزواج المبكر وتعدد الزوجات …. وهل يعني ذلك نشر جميع الأحكام الفقهية لجميع الديانات لا بل يتعدى الأمر الى نشر جميع الأحكام الفقهية للطوائف وكمثال على ذلك ان علمنا ان هناك اربعة عشر مذهبا رئيسيا اسلاميا والعشرات من المذاهب الأخرى التي تصل الى ما يزيد عن 72 مذهبا، وأربعة عشرة طائفة مسيحية معترف بها قانونا والعشرات من الطوائف الأخرى لعلمنا مدى اشكالية النص وصعوبة التطبيق خاصة وان كل مذهب وطائفة وديانة لديها احكام فقهية ودينية خاصة بها . فالعراق بلد متنوع الأديان والمذاهب وكل مذهب له توجهاته ورؤاه وتفسيراته الفقهية فإذا كلّ حرّ في أحواله الشخصية أي كلّ بحسب مذهبه ودينه وعقيدته وبذلك ينتفي عنصر الوضوح والمساواة في التطبيق وينتفي عنصر استقرار المعاملات فالنص برمته مبني على الغموض الذي يقودنا الى فوضى قضائية ومشاكل في التطبيق . نحن متنوعي ا�! �أدي��ن والمذاهب وكل مذهب له توجهاته وآراؤه وتفسيراته الفقهية فإذا كلّ حرّ في أحواله الشخصية أي كلّ بحسب مذهبه ودينه وعقيدته فهو نص قائم على الغموض وعدم الاستقرار ومن الملاحظ ان النص قد اورد (أو) التخيير بالقول( دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم) وبالتالي فقد شملت جميع هذه الحالات بشموليتها مهما توسعت أو كثرت . وقد أثارت هذه المادة رفضا واسع النطاق من الحركات النسائية ومن القانونيين ومن المدافعين عن حقوق الإنسان لما لها من تأثير سلبي خطير على المجتمع العراقي بشكل عام وعلى حقوق الأسرة وحقوق المرأة بشكل خاص. فقانون الأحوال الشخصية العراقي النافذ رقم 188 لسنة 1959 قد اخذ من كل مذهب أفضل ما فيه واقره في هذا القانون وطبقه على الكافة فيما يخص الأحكام والمعاملات في الأسرة . وهناك من يقول ان قانون الأحوال الشخصية قد اخذ بالمذهب الحنفي دون بقية المذاهب كالمذاهب الجعفرية والتي تعد الأكثرية وبالتالي فهي لا تمثل سوى توجهات معدودة لا عامة … و- المادة (45) من الدستور تنص على (تحرص الدولة على النهوض بالقبائل والعشائر العراقية النبيلة بما يساهم في تطوير ألمجتمع وتمنع الأعراف العشائرية التي تتنافى مع حقوق الإنسان). فهذه المادة التي تعيدنا الى القبلية والعشائرية فالمرأة العراقية هي اكثر شريحة من شرائح المجتمع تضررا من الأعراف العشائرية وكمثال على ذلك زواج النهوة العشائرية(9) ،وزواج الكصة بكصة ، وزواج الفصلية (10) فهذه الممارسات التي تحصل في مجتمعنا هي ذات طابع عشائري والأغلبية الريفية مثل هذه الأوضاع المجتمعية هي أعراف عشائرية وانتشارها ذو نطاق واسع في المجتمع ومع ذلك لا يوجد نص قانوني عقابي صريح بهذه الأوضاع فمثل هذه الممارسات تتنافى مع حقوق الإنسان لكنها لا تزال سارية في المجتمع . فرغم وجود مادة عقابية وهي المادة التاسعة من قانون الأحوال الشخصية بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات ، وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين وتعتبر العقود القائمة على الأكراه عقودا باطلة الأ ان المرأة العراقية لا تسنح لها اية فرصة كي تتكيء عليها لوجود الأعراف العشائرية المانعة . (1) الحدود ألشرعية الحد في أللغة المنع. وسميت العقوبات حدود لأنها تمنع من ارتكاب أسبابها كالزنى والسكر وغير ذلك وأيضًا تسمى حدود ، لأنها أحكام الله التي وضعها وحدها وقدرها.والحد هو العقوبة المقدرة شرعًا، سواء أكانت حقَّا لله أم للعبد. (2) القصاص :اقتص : أي طبق القصاص (الحد) (3) وهنا نشير إلى قضية حصلت في العراق عام 2005 حيث رفض السيد علي السيستاني تولي السيدة نضال جريو منصب القضاء في مدينة النجف بموجب فتوى ، بينما صارت السيدة المذكورة بعد ذلك عضوا في الجمعية الوطنية العراقية وهو منصب أخطر من منصب القضاء. (4) المَحرَم :هو الزوج وكل من يحرم عليه الزواج من المرأة على التأبيد بنسب أو رضاع أو مصاهرة. (5) نصت المادة ( 44 -أولا):\”للعراقي حرية التنقل والسفر والسكن داخل العراق وخارجه \” ولكن حرية التنقل والسفر عمليا غير مكفولة للعراقية دون سن( 40 )عاما والقانون لا يجيز لها الحصول على جواز السفر دون موافقة الزوج أو الأب أو الأخ حتى لو كان الأخير يصغرها سنا بكثير (6) زواج المتعة : هو الزواج المحدد بأجل مقابل مهر متفق عليه بالتراضى ، وينتهى زواج المتعة بإنتهاء الأجل المحدد ، وليس هناك حد أدنى أو اقصى للأجل . ويثبت بهذا الزواج النسب . وتستحق الميراث إذا اشترطت ذلك فى عقد الزواج ، وهذا هو رأى فقهاء الشيعة . ويكثر في ايران (7) هو أن يكون الزوج غير قادر على البقاء مدة طويلة في بلد الزوجة ، لان له زوجة ثانية في بلد آخر ، أو يكون أحيانا أيضا غير قادر على النفقة على الزوجة ، فتقبل الزوجة التي تفضل زوجا لا يأتيها إلا بالشهر أو الشهرين أو أكثر إلا أياما معدودة ، ولديها من المال ما يمكنها من النفقة على نفسها ، فيتفقان على الزواج مع تنازل الزوجة عن بعض حقوقها ، أي يجوز للزوجة أن تتنازل عن حقها في المبيت عندها في ليلتها إن كانت ضرة ، وكذلك عن حقها في النفقة ، مقابل ان يمسكها الزوج ولا يطلقها ، ولكن هذا التنازل ليس أبديا ، فيجوز لها بعد ذلك أن تتراجع عن تنازلها وتطالب بحقها ، فهذا هو زواج المسيار. وهو يكثر في السعودية (8) الزواج العرفي هو زواج يشهده الشهود والولى ولكنه لا يكتب في الوثيقة الرسمية التي يقوم بها المأذون أو نحوه. ويكثر في مصر . (9) النهوه تعني منع بنت العم بالزواج من رجل آخر حتى وإن تزوج ابن عمها من غيرها . موضوع الزواج بالأقارب من ذوي الدرجة الاولى والثانية وعلى مر الاجيال , وما نتج عن ذلك من ماسي اجتماعية وحرمان وامراض تصيب الاجيال المتعاقبة وتكون ضحيتها بالدرجة الاولى والأكثر ضررا هي المرأة الام. (10) الفصلية : عبارة مشتقة من عبارة الفصل العشائري ،فيتم زج المرأة في زواج خلاف لأرادتها بمقابل وكثمن لحل مشكلة عشائرية قائمة ، كان تطلب عشيرة المقتول امرأتين كفدية عن دماء المقتول . فما زالت المرأة تدفع ضريبة الخلافات التي تحصل بين ألعشائر إذ تؤكد بعض التقاليد والأعراف العشائرية على ان تسوية عمليات القتل مثلاً مرهونة بزواج يطلق عليه زواج الفصلية.