ماذا تعرف عن الكورتزون ؟
هل هو مفيد أو ضار ؟
انتهى الطبيب المعالج من إجراء الفحوصات للطفل وأخبر والديه عن حالته وتشخيص المرض ثم قال لهم .. لقد كتبت للطفل دواء يحتوي على مادة الكورتيزون .. قفز الأبوين من مقعدهما وقال الأب : ماذا ؟ كورتيزون ؟ قالها وقد احمرت عيناه وانتفخت أوداجه و برزت عروق وجهه, ونظر إلى الطبيب محملقا .. وبدا الطبيب يشعر كأنما ارتكب خطأ فادحا لا سمح الله فهدأ الطبيب من روعه ثم سأله , قلي ماذا تعرف عن الكورتيزون ؟ فرد عليه بنبرة حادة , الكورتيزون دواء خطير وله آثار جانبية كثيرة ومعروفة ويجب على الإنسان أن لا يتناوله , هذا ما عرفته من المجالس والأصحاب , ثم صمت , فأدركت أن الوقت قد حان لأخبره بقصة الكورتيزون و ماهي منافعه وأضراره
ماهو الكورتيزون ؟
الكورتيزون هو أحد الهرمونات التي يفرزها جسم الإنسان من الغدة الكظرية ( فوق كلوية ) ويخضع إفرازه لاعتبارات عديدة وتحت سيطرة كاملة ومحكمة من الفص الأمامي للغة النخامية الموجودة داخل الجمجمة .والكورتيزون ضروري جدا لوظائف الجسم مثل تنظيم كمية الأملاح في الجسم والسوائل وضغط الدم ولون البشرة و مقاومة الالتهابات التحسسية وتنظيم إفرازات البروتين والإنزيمات وتنظيم مستوى السكر في الدم وغيرها من الوظائف الضرورية والحيوية للجسم , وعقار الكورتيزون هو مادة شبيهة للغاية بهذا الهرمون ويتم تصنيعه معمليا . وهذا العقار يتميز بتأثيره القوي والسريع لإخماد الالتهاب وأمراضه وذلك عن طريق تأثيره القوي والمركب على الجهاز المناعي
ما أسباب السمعة السيئة للكورتيزون بين الناس ؟
الدواء سلاح ذو حدين فكل علاج يساء استعماله مهما كان فإنه قد يؤدي إلى مضاعفات وأضرار قد تكون خفيفة وعارضة تنتهي بانتهاء استعمال العلاج , وقد تكون شديدة لدرجة تؤثر على الجسم . وهناك أمراض من الضروري استعمال مركبات الكورتيزون حتى ولو أدت إلى حدوث المضاعفات التي يعرفها الطبيب ويتوقعها لأن خطورة المرض ومضاعفاته إذا لم تعالج أشد من خطورة مضاعفات الكورتيزون . و من هذه الأمراض مرض رشح الزلال البولي ( مرض النفروتك ) وبعض أمراض الروماتيزم مثل الذئبة الحمراء وأمراض الربو وأمراض نقص الكورتيزون واضطرابات الغدة الكظرية .
الكورتيزون نعمة في حسن استعماله , ونقمة في سوء استعماله . وننصحكم بعدم استعماله جزافا دون مشورة طبية فالطبيب وحده العالم بعد الله بمحاسن الكورتيزون ومساوئه
كيف يستعمل الكورتيزون ؟
يتوافر في صور مختلفة حيث يمكن استخدامه في صورة أقراص أو حقن بالوريد أو مراهم وكريمات أو بخاخات للأنف والرئتين وقطرات ومراهم للعينين .
ويتم تحديد الوسيلة المثلى للعلاج تبعا لطبيعة المرض وشدته . ويلجأ الطبيب المعالج إلى الحقن بالوريد إذا كان يرغب في زيادة فاعلية الكورتيزون , أما أقراص عقار الكورتيزون فتتوافر بأحجام مختلفة تبعا لكمية العقار الموجودة في كل قرص وتعتبر مادتي البريدنيزون والبريدنيزولون هما الأكثر استخداما .
في حالات الربو الحادة والشديدة أو الحساسية الشديدة يتم إعطاء الكورتيزون عبر الوريد , أما في الحالات الأقل حدة يتم إعطاء أقراص الكورتيزون على شكل جرعة واحدة في الصباح أو جرعة صباحا ومساءا لمدة 3-7 أيام ثم يوقف العلاج فجأة وبهذه الطريقة يمكن أن يؤخذ في حالات الأزمات 5 مرات في السنة دون ضرر .
وفي حالة حساسية الجلد فان الكريمات أو المراهم يمكن أن تستخدم لفترة قصيرة 5 – 7 أيام دون الخوف من حدوث امتصاص الكورتيزون في الدم أو حدوث مضاعفات مع الحرص على وضع كمية قليلة على الجلد وبتركيزات منخفضة إلا باستشارة الطبيب .
أما إذا أكثر استخدام الكريمات التي تحتوي على مادة الكورتيزون على فترات طويلة فقد تؤدي إلى مضاعفات شديدة بسبب زيادة الكورتيزون في الجسم
ماهي الآثار الجانبية لعقار الكورتيزون ؟
كما أن لأدوية الكورتيزون آثارا علاجية ممتازة فان لها آثارا جانبية إن لم يلتزم المريض بتعليمات الطبيب , وأكثر ما تظهر عند استعماله عن طريق الحقن أو الفم بجرعات عالية مدة طويلة , لان ذلك يؤدي إلى تثبيط عمل الغدة فوق الكلوية من إفراز الكورتيزون الطبيعي , وقد تحتاج إلى أسابيع أو شهور حتى تعود إلى إفراز الكورتيزون بكميات طبيعية .
وتتلخص مضاعفات الكورتيزون عند استخدامه لفترات طويلة في حدوث ازدياد الشهية للطعام والسمنة الزائدة واستدارة الوجه وتغير المزاج والسلوك , زيادة نمو الشعر , ضعف الجلد وتشققه و ظهور شعيرات دموية , ارتفاع ضغط الدم , ارتفاع السكر هشاشة العظام , زيادة معدل السكر في الدم , وعثمة الالتهابات ( الماء الأبيض ) , بطء أو توقف نمو الطفل , ازدياد احتمال التهابات خاصة الفيروسية في الجهاز التنفسي , كما يجب النبيه إلى أن عقار الكورتيزون إذا أخذه المريض بصفة منتظمة لمدة أكثر من شهر فلا يمكن للمريض إيقاف العلاج مباشرة فقد يتسبب ذلك في مشاكل خطيرة نتيجة عدم توافر هرمون الكورتيزون في الجسم بكميات مناسبة مع عدم قيام الغدة الكظرية بإفراز الهرمون بشكل طبيعي لذلك يجب التقيد
بإرشادات الطبيب بالتدرج في إيقاف الدواء
كيف تحدث مضاعفات الكورتيزون ومتى ؟
عندما يعطى الكورتيزون على شكل حبوب أو شراب أو حقن لمدة طويلة و بجرعات كبيرة , عادة أكثر من 10 – 15 مل ( أو أكثر من نصف مليغرام لكل كيلوغرام من وزن الطفل ) يوميا تبدأ مضاعفات الكورتيزون وأعراضه الجانبية بالظهور . وكلما طالت مدة أخذ الكورتيزون كلما ازداد احتمالات حدوث المضاعفات .
عندما يعطى الكورتيزون على شكل علاج بشكل يومي لفترات طويلة . فإن هذا يؤدي إلى وجود الكورتيزون في الدم بشكل مرتفع دائما مما يؤدي إلى ضمور الغدة الكظرية وتوقفها عن إفراز مادة الكورتيزون . وفي هذه الحالة إذا توقف إعطاء الكورتيزون بشكل مفاجئ يشعر المريض بآلام في العظام و ضعف شديد في العضلات واكتئاب . ولهذا فإننا نحذر من التوقف المفاجئ للكورتيزون إذا أخذه المريض لمدة طويلة , ويجب تخفيض الجرعة بصورة تدريجية وتحت إشراف طبيب مختص
ماهي النصائح التي يمكن تقديمها للمريض الذي يعالج بالكورتيزون ؟
تعتبر بخاخات الكورتيزون قليلة المخاطر نسبيا إذا استخدمت بشكل صحيح , كذلك استخدام المراهم و الكريمات لعدة أيام فقط فان شاء الله لايوجد منها ضرر على الكبار أو الأطفال . ولكن هناك ضرر متوقع من استخدام الكورتيزون على هيئة حبوب أو حقن فان استخدامها أكثر من ثلاثة أسابيع قد يؤدي إلى تثبيط عمل الغدة فوق كلوية عن إفراز هرمون الكورتيزون .الحرص إن أمكن بالابتعاد عن مصادر العدوى ومراجعة الطبيب عند حدوث أي علامات للالتهاب .عدم أخذ التطعيمات إلا بعد الاستئذان من الطبيب المعالج خاصة التي تعتمد في تصنيعها على الفيروسات أو البكتيريا الحية , مثل تطعيم شلل الأطفال عن طريق الفم , لأن المناعة تقل أثناء تناول الكورتيزون بجرعات عالية .كما يمنع الاحتكاك بالمصابين بجدري الماء ( العنقز ) أو الهريس أو مرض الحصبة لان ذلك يؤدي إلى مضاعفات شديدة فان حصلت العدوى فان المصاب قد يحتاج إلى حقن أجسام مناعية لوقايته من الإصابة بإحدى هذه الأمراض . يوصى بأخذ فيتامين ( د ) والكالسيوم لكل المرضى الذين يأخذون هرمون الكورتيزون لفترات طويلة وذلك لتفادي هشاشة العظام قدر الإمكانفي حالات المرض الشديدة وعند إجراء العمليات الجراحية , فانه يوصى بأخذ جرعات إضافية من الكورتيزون عن طريق الوريد وذلك بعد استشارة الطبيب المعالج , أما في حالات المرض المتوسط الشدة فانه يوصى بزيادة جرعة الكورتيزون اليومية وذلك بعد استشارة الطبيب المعالج مسبقا
ما العمل إذا حصلت مضاعفات الكورتيزون عند أحد المرضى ؟
في حالة حدوث أعراض جانبية واضحة أما بسبب سوء الاستعمال أو لضرورة استخدام الدواء لفترات طويلة بسبب نوع المرض فعليك استشارة طبيبك في هذا الأمر و لا توقف الدواء أو تقلله من نفسك , فقيامك بهذا الأمر دون استشارة طبية قد يؤدي لمشاكل صحية أخطر من الاستمرار في تناول الدواء , والطبيب سوف يخبرك بطريقة إنقاص الدواء تدريجيا أو يشرح لك سبب احتياجك للدواء برغم ظهور الأعراض الجانبية للدواء
الكورتيزون والمرأة الحامل
كثير من النساء الحوامل المصابات بالربو يخفن من أخذ الكورتيزون حتى البخاخات ويفضلن المعاناة على تناول الكورتيزون خوفا على الجنين من الضرر أو التشوهات , إما بسبب ما تسمعه من العامة أو أحيانا قليلة بسبب نصيحة طبيب أو طبيبة نساء وولادة . والنتيجة معاناة الأم خلال الحمل وقد تضر بالجنين بشكل سلبي نتيجة حدوث نقص الأوكسجين للأم والجنين وذلك بسبب امتناع الأم عن أخذ العلاج , وهذا خطأ فادح وخوف لا مبرر له .ففي دراسات عدة بين نساء حوامل لا يعانين من الربو وبين نساء حوامل يعانين من الربو وجد أن النساء الحوامل اللواتي أخذن العلاج بشكل عادي , شاملا ( أخذ الكورتيزون سواءا بخاخ أو حبوب أو حقن إذا كان ضروريا ) , كانت نتيجة الحمل لا تختلف عن النسوة الصحيحات اللواتي لم يأخذن أي علاج وعلى العكس من ذلك , فان النساء الحوامل اللواتي لم يأخذن علاج الربو بشكل جيد كانت نسبة الإجهاض وموت الأجنة والتشوهات أعلى , وذلك يعود إلى اشتداد الربو ونقص الأكسجين في الدم على الجنين . وخلاصة القول أن المرأة الحامل التي تعاني من الربو أو الحساسية أو تحتاج لدواء الكورتيزون حسب رأي الطبيب يجب أن تعالج بشكل عادي كالمرأة غير الحامل . والتردد أو الامتناع عن أخذ العلاج ليس له مبرر بل هو ضار للأم والجنين