تشير الدراسة بأصابع الاتهام إلى الأطر السياسية والقانونية والمؤسسية التي لا تحمي المياه بشكل صحيح وفعال .
تُعد إمدادات المياه على كوكبنا موردا ذا قيمة لا تُقدر بمال، لكنها تحتاج إلى حماية، حيث تظهر الأرقام الجديدة المقلقة أن ما بين 30 و50% منها تُسرق؛ مما يعني أن المياه لا يُدفع مقابلها أو تُحسب كميتها.
الجميع يسرق الجميع
تحدث هذه السرقة عندما يحصل الأشخاص والشركات على المياه بشكل غير قانوني، وغالبا للأغراض الزراعية. وقد يعني ذلك أنه للحصول على مياه معالجة يجب الدفع، لكن ذلك يحدث مجانا، أو أنه يتم الحصول عليها بطرق تتعارض مع الإرشادات البيئية.
المشكلة في حد ذاتها ليست جديدة، لكن معظمنا ليست لديه فكرة عن حدوثها. ويتناول هذا التقرير -المنشور في 24 أغسطس/آب الجاري في دورية "نيتشر ساتينابيليتي" (Nature Sustainability)- المشكلة التي لم يتم البحث عنها جيدا من قبل، ويقدم بعض الأفكار لإصلاحها.
وبينما يقوم الأفراد والشركات بالسرقة الفعلية، تشير الدراسة المنشورة حديثا بأصابع الاتهام إلى الأطر السياسية والقانونية والمؤسسية التي لم يتم إعدادها بشكل صحيح لحماية المياه الثمينة التي نعتمد عليها جميعا.
سرقة المياه تحدث عندما يحصل الأشخاص أو الشركات عليها بشكل غير قانوني.
يقول الباحثون -وفقا للمقال المنشور عن الدراسة على موقع "ساينس ألرت" (Science Alert)- إن الأسباب الجذرية لسرقة المياه لم تتم معالجتها بشكل صحيح، ولا يتم تقدير قيمة المياه، ولا تتم المعاقبة على الأفعال غير القانونية بشكل صحيح، وكل ذلك يعني فقدان كمية كبيرة من المياه من خلال السرقة كل عام.
وكتب الباحثون في ورقتهم أن "النقص المستمر في المياه يحدث في جميع القارات، ويتفاقم بشكل متزايد بسبب تغير المناخ. ومن خلال معالجة الدوافع المحتملة للسرقة على نطاق فردي، قد نمنع الضرر الذي لا يمكن إصلاحه لجميع مستخدمي المياه".
جدل حول معاني السرقة
هناك بعض الجدل حول ما يمكن اعتباره سرقة للمياه، لأن الماء مورد طبيعي يمكننا جميعا الوصول إليه، لكن الفريق نظر في 3 دراسات حالة منفصلة تتعلق بالاستخدام غير السليم للمياه: زراعة الماريجوانا في كاليفورنيا، والفراولة في إسبانيا، والقطن في أستراليا.
في حين أن هذه الحالات اختلفت بشكل كبير في كل شيء من الأعراف الاجتماعية إلى اللوائح المحلية، إلا أنها سلطت الضوء على بعض الموضوعات المشتركة.
متطلبات السوق تؤثر على سرقة المياه.
جميع الأنشطة الثلاثه كثيفة الاستخدام للمياه، وتظهر دراسات الحالة الثلاث تأثير متطلبات السوق على سرقة المياه. سرقة المياه ببساطة مربحة للغاية، في معظم الأوقات، وبالتأكيد أكثر ربحية من اللوائح البيئية التالية (في دراسة الحالة الإسبانية، اللوائح المعمول بها لحماية موقع الطيور المهاجرة).
وتقول الدراسة إن عدم اليقين بشأن إمدادات المياه، الناجم عن كل من الإجراءات البشرية والتغيرات الطبيعية في هطول الأمطار، هو أيضا أحد العوامل الرئيسية لسرقة المياه.
الإلزام القانوني
ويعد الافتقار إلى أي رقابة حقيقية عاملا أيضا؛ فإذا لم تكن هناك فرصة للقبض على الناس، فسوف يسرقون الماء حتى عندما لا يحتاجون إليه.
من ناحية أخرى، فإن المراقبة الفعالة والافتراض واسع النطاق للامتثال العالي من المجتمع (حيث يعتقد الجميع أن الكل صادق) يساعدان في الحد من سرقة المياه، كما يشير مؤلفو الدراسة، إلى جانب توفير إمدادات مائية وفيرة بالطبع.
ووفقا للبحث، فإن أحد التغييرات الكبيرة التي يمكننا إجراؤها هو التأكد من أن العقوبات على سرقة المياه كبيرة، ويتم تطبيقها بشكل صحيح، خاصة في المناطق النائية والريفية.
ويمكن أن يساعد الكشف العلني عن السرقة أيضا في بعض المواقف. ويشير التقرير الجديد إلى أن إعادة التوازن المالي والاجتماعي تجعل سرقة المياه أقل فعالية من حيث التكلفة وأقل قبولا في المجتمعات.
اكتشاف سرقة المياه يجب أن يصبح أسهل مع تطوير أنظمة وأجهزة استشعار أكثر تقدما .
ويقول الباحثون إن اكتشاف سرقة المياه يجب أن يصبح أسهل مع تطوير أنظمة وأجهزة استشعار أكثر تقدما، ولكن في الوقت الحالي هناك حاجة إلى جهد منسق من الحكومات والهيئات التنظيمية والمجتمعات لوضع حد لفضيحة نصف المياه المسروقة في العالم.
واستنتج مؤلفو الدراسة أنه "تماشيا مع الأبحاث السابقة، فإن دراسات الحالة تدعم بوضوح أهمية الإلزام الذي تتوافر له الموارد الجيدة (المالية والبشرية)، ورصد الامتثال، خاصة في الأجزاء البعيدة من أنظمة توصيل المياه، لزيادة احتمالية الكشف والمقاضاة كمحرك مهم للحد من السرقة".