الكورد في عهد الطاغية .. الانفال وحلبجة
حملة الانفال
حملة الأنفال هي إحدى عمليات الإبادة الجماعية التي قام بها النظام العراقي السابق برئاسة صدام حسين سنة 1988 ضد الكورد في إقليم كوردستان شمالي العراق، وقد أوكلت قيادة الحملة إلى علي حسن المجيد الذي كان يشغل منصب أمين سر مكتب الشمال لحزب البعث العربي الاشتراكي وبمثابة الحاكم العسكري للمنطقة، وكان وزير الدفاع العراقي الأسبق سلطان هاشم القائد العسكري للحملة. وقد اعتبرت الحكومة العراقية آنذاك الكورد مصدر تهديد لها، وقد سميت الحملة بـ "الأنفال" نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم. و"الأنفال" تعني الغنائم أو الأسلاب. استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من هذه السورة. قام بتنفيذ تلك الحملة قوات الفيلقين الأول والخامس في كركوك وأربيل مع قوات منتخبة من الحرس الجمهوري بالإضافة إلى قوات الجيش الشعبي وأفواج ما يُسمى بالدفاع الوطني التي شكلهاالنظام العراقي آنذاك لمحاربة أبناء جلدتهم، وقد تضمنت العملية ستة مراحل. كانت هذه العمليات تستهدف بالإضافة إلى الكورد الأقليات المختلفة التي كانت تعيش في تلك المنطقة و منهم الأشوريون والسريان والكلدان والشبك والتركمان واليزيديون والمندائيون. العديد من القرى التابعة لهذه الأقليات تم تدميرها بالكامل. نتج عن هذه الحملة ما يلي:
ذبح وقتل عدد يتراوح من 50،000 إلى 100،000 من المدنيين غير المقاتلين بمن فيهم النساء والأطفال.
تدمير حوالي 4،000 قرية (من أصل 4655 قرية كوردية) في كوردستان العراق، بين نيسان 1987 وأغسطس 1988، وتعرض 250 مدينة وقرية كوردية للأسلحة الكيميائية.
تدمير وهدم 1754 مدرسة و270 مستشفى و2450 مسجد و27 كنيسة.
محو حوالي 90٪ من القرى الكوردية في المناطق المستهدفة. [26]
الهجوم الكيميائي على حلبجة
لهجوم الكيميائي على حلبجة (Kîmyabarana Helebce) هو هجوم حدث في الأيام الأخيرة للحرب العراقية الإيرانية، و يدخل في نطاق الإبادة الجماعية ضد قومية معينة وهم الكورد، وقد حدث الهجوم في 16 مارس 1988، حيث كانت مدينة حلبجة محتلة من قبل الجيش الإيراني، وعندما تقدم إليها الجيش العراقي تراجع الإيرانيون إلى الخلف وقام الجيش العراقي قبل دخولها بقصفها بالأسلحة الكيميائية، مما أدى فوراً إلى مقتل أكثر من 3200-5000 من سكان البلدة، وأصيب منهم 7000-10000 جميعهم مدنيون وقد مات آلاف من سكان البلدة في السنوات التي تلت الهجوم نتيجة المضاعافات الصحية والأمراض والعيوب الخلقية التي خلفها الهجوم.يعتبر هذا الهجوم أكبر هجوم كيمائي وُجّه ضد سكان مدنيين من عرق واحد وهم الكورد وهو أمر يتفق مع وصف الإبادة الجماعية في القانون الدولي التي يجب أن تكون موجهة ضد جماعة أو عرق بعينه بقصد الانتقام أو العقوبة.
وقال ناجون بأن الغاز في البداية كانت تفوح منه رائحة التفاح الحلو. و حسب شهود عيان فإن القتلى لقوا حتفهم بطرق مختلفة، مما يدل على أن الهجوم كان يحتوي على مزيج من المواد الكيميائية السامة (بعض الضحايا مجرد "سقطوا ميتين" في حين أن آخرين "ماتوا من الضحك" بينما استغرق البعض الآخر بضع دقائق ليموتوا ويعتقد أن القوات العراقية استخدمت مواد كيميائية متعددة أثناء الهجوم شملت:
غاز الخردل، وكان معظم الجرحى الذين نقلوا إلى مستشفيات في العاصمة الإيرانية طهران كانوا يعانون من التعرض إلى غاز الخردل.
غاز السارين.
غاز الأعصاب.
التابون.
سيانيد الهيدروجين الذي وُجد ضمن الأسلحة المستخدمة، بحسب بعض المصادر.
تم نقل الصور الأولى بعد الهجوم بواسطة الصحفيين الإيرانيين الذين قاموا بنشر الصور في وقت لاحق في الصحف الايرانية، وقد صوروا مقاطع متفرقة وجمعوها كفيلم قصير تداولته وكالات الأنباء العالمية والإيرانية آنذاك. أول هذه الصور الأولى إلتقطها المصور الإيراني كاوه جولستان. وبالرجوع إلى الكواليس في حلبجة، وصف جولستان مكان الحادث لغي دينمور من صحيفة فاينانشال تايمز: «أنه كان على بعد ثمانية كيلومترات خارج حلبجة على متن طائرة هليكوبتر عسكرية عندما بدأت المقاتلات القاذفات العراقية من طراز ميج -23 من القاذفات المقاتلات حلقت فيها»، وأضاف: «لم تكن سحابة الانفجار كبيرة كما سحابة عيش الغراب في الانفجار النووي، ولكن العديد السحب الأصغر حجما ولكن الأكثف دخانا»، وأكمل قائلاً: أنه صُدم عند رؤية المناظر لدى وصوله الى المدينة، على الرغم من أنه قد رأى قبل هجمات بالغاز الكيميائي خلال الحرب الوحشية بين إيران والعراق.
«كأن الحياة تجمدت، أو توقفت تماما. مثل أن تشاهد فيلما وفجأة تتوقف الصورة في إطار واحد. كان نوعًا جديداً من الموت بالنسبة لي، تخيل أن تذهب إلى مطبخ ما وترى جثة امرأة تحمل سكيناً حيث كانت تقطع جزرة. (...) وما حصل عقب الهجوم كان أسوأ. بعض من الناجين استمروا بالقدوم لنقلهم من مكان الهجوم بالمروحية. كان لدينا 15 أو 16 طفلا جميلا توسلوا لنا كي ننقلهم الى المستشفى. لذا جلسنا كلنا مع كل الصحفيين هناك، و كل منا يحمل طفلا في يده. ما إن أقلعنا حتى بدأ سائل بالخروج من فم الفتاة الصغيرة التي كانت في ذراعي و لفظت أنفاسها الأخيرة و ماتت.